ارتفعت العقود الآجلة لـ«الغاز الطبيعي» يوم أمس الخميس لتسجل أعلى مستوى لها منذ ديسمبر 2018، حيث أدى الارتفاع الأسبوعي الأقل من المتوقع في الإمدادات الأمريكية من الوقود إلى مخاوف بشأن نقص الإمدادات، بينما استقرت العقود الآجلة للنفط الخام على انخفاض، بعد ثلاث جلسات متتالية من الارتفاع.
تشير الأبحاث السوقية إلى أن إمدادات الغاز الطبيعي هي بالفعل أقل بكثير من متوسط الخمس سنوات ومع نقص الإنتاج الأمريكي وارتفاع الطلب العالمي القوي، فإن المتوقع هو ارتفاع أسعار الغاز الطبيعي، ما يؤشر إلى إمكانية استفادة مصر، باكتفائها الذاتي من الغاز المصري في سبتمبر 2019، وفوائضها المحققة في الحصول على عوائد جيدة من إيرادات الغاز، خاصة بعد استئناف تصدير الغاز من مصنع الإسالة في ميناء دمياط قبل أسابيع.
مسئول في وزارة البترول، قال إن مصر عادت بقوة إلى سوق الدول المنتجة للغاز الطبيعي، وأن تعاقدات الوزارة على شحنات الغاز الطبيعي بلغت 60 اتفاقاً، منذ نوفمبر العام الماضي، وحتى الشهر المقبل، مشيراً إلى أن المخزون المصري ضخم سيخرج مع معاودة تصدير الغاز الطبيعي.
ومع توافد شركات عالمية للبحث والتنقيب في مصر، وآخرها شركة شيفرون، وبدء ضخ استثمارات جديدة، تخطط مصر لزيادة الإنتاج من الغاز الطبيعي، الذي يتزامن مع خطة - قالت مصادر بالوزارة – إنها محل التنفيذ لتنمية الحقول القائمة، وهو ما يأتي بعد استئناف الإنتاج والتصدير مرة أخرى، بعد توقف بسبب تراجع الأسعار عالمياً.
وارتفع سعر المليون وحدة حرارية من الغاز من 2 دولار في مارس 2020 إلى أكثر من 4 دولارات لكل مليون وحدة حرارية، وهو ما يوفر ل مصر فرصة كبيرة في الحصول على عوائد بالعملة الصعبة، خاصة في ظل ما تملكه من إحتياطيات ضخمة من الغاز، جعلتها على مقربة من الـ10 الكبار في سوق إنتاج الغاز على مستوى العالم، لا سيما وهي تحتل حالياً المرتبة 13.
وكان موقع Verocy الهولندي المتخصص في تقديم الاستشارات الاستثمارية في دول الشرق الأوسط، قال نشر تقريراً عن التقدم الذي أحرزته مصر في مجال تصدير الغاز الطبيعي، خاصة مع ارتفاع الطلب العالمي على السلعة، لينبه إلى أن مصر مؤهلة بقوة للمساهمة في تأمين الطلب على الغاز الطبيعي من الأسواق الأوروبية.
لكن الفائدة المرجوه من ارتفاع أسعار الغاز الطبيعي، الذي تصدره مصر، تأتي كفائدة إضافية لمكسب آخر محقق، هو اكتفاء مصر من الغاز الطبيعي، الذي كان يكلف فاتورة استيراده الدولة المصرية، الكثير، قبل تحقيق الاكتفاء، بحسب المهندس مدحت يوسف، نائب رئيس هيئة البترول الأسبق.
«يوسف» الذي يحظى بخبرة طويلة في قطاع النفط والغاز، يرى أن فاتورة استيراد الغاز كانت تكلف مصر سنوياً 2.5 مليار دولار، لكن هذه التكلفة تلاشت مع تحقيق الاكتشافات الغازية الفترة السنوات الأخيرة، وأعظمها حقل ظهر، مشيراً إلى أن الدولة تخلصت بعبء الاستيراد، وبدأت في التصدير، بل ولعب دور أساسي في الأسواق الأوروبية.
«الأنظار في الوقت الحالي، تتجه إلى عاصفة المنخفض الاستوائي التاسع، التي من المتوقع أن تضرب خليج المكسيك، المنتج للغاز الطبيعي، وبالتالي من المتوقع انخفاض الإنتاج بين مليار ومليارين قدم مكعبة يومياً»، بحسب كريستين ريدموند، محلل السلع في شركة شنايدر إلكتريك.
وأظهرت بيانات أمريكية أسبوعية يوم الأربعاء انخفاضًا إضافيًا في مخزونات الخام الأمريكية الأسبوعية وارتفاعًا في الطلب الضمني على البنزين، مما أدى إلى ارتفاع أسعار النفط.
وتخيم على الأسواق مخاوف من متحور الدلتا، الذي يخلق لدى المستثمرين حالة من عدم اليقين بشأن آثاره المتوقعة الفترة المقبلة، على ال اقتصاد العالمي، وهو ما يشير إلى ارتفاع في الطلب على أكثر السلع الاستراتيجية والطاقة مثل الغاز الطبيعي.
ونفذت وزارة البترول والثروة المعدنية على مدار 7 سنوات ماضية نحو 45 مشروعًا لتنمية حقول إنتاج الغاز الطبيعي والزيت الخام، وذلك بواقع 29 مشروعا لتنمية حقول الغاز، و16 مشروعًا للزيت الخام بتكلفة استثمارية 34.4 مليار دولار، التى عادت على الدولة بمردود اقتصادي ضخم وزيادة الدخل القومي.
وتمتلك مصر حقول غاز «ظهر» شرق البحر المتوسط، «أتول» شمال دمياط، وحقول شمال الأسكندرية وغرب بلطيم وغرب الدلتا، وحقول دسوق، كما يبلغ حجم الإنتاج المصري من الغاز الطبيعي، 7.2 مليار قدم مكعب، تجعلها في المرتبة 13 عالمياً من حيث حجم الإنتاج والـ5 عربياً، بحسب المهندس طارق الملا وزير البترول والثروة المعدنية.