قبل إجراء الانتخابات العامة الألمانية التاريخية فى 26 سبتمبر المقبل، أشعلت نتائج استطلاعات الرأى حدة الحملات الانتخابية وزادت من الترقب، وأضافت مزيدا من الشكوك حول قدرة حزب المستشارة ميركل على الصمود والاستمرار فى سدة الحكم بعد 16 عاما من سيطرة الاتحاد المسيحي المكون من الحزب الديمقراطى المسيحى وتوأمه الحزب البافارى الحزب المسيحي الاجتماعي على الحكومة الاتحادية برئاسة المستشارة ميركل.
صعد نجم مرشح الحزب الاشتراكى الديمقراطى أولاف شولتس، على حساب منافسيه : أرمين لاشيت مرشح الاتحاد المسيحى، وأنالينا بيربوك مرشحة حزب الخضر بشكل مفاجئ فى استطلاعات الرأى الأسبوع الماضى باعتباره الشخصية الأكثر قبولا لدى المواطنين لخلافة المستشارة ميركل فى المرحلة المقبلة ، ذلك رغم تراجع شعبية حزبه فى معظم استطلاعات الرأى ، فى تضارب غريب لنتائج استطلاعات الرأى .
والمفاجأة التى حملتها نتائج استطلاعات الرأى في ألمانيا، هي صعود نجم الحزب الاشتراكى الديمقراطى بزعامة اولاف شولتس، ليتفوق ولأول مرة منذ 15 عاما على الاتحاد المسيحى الحاكم المنتمية إليه المستشارة الحالية ميركل وخليفتها المحتمل أرمين لاشيت .
فقد كشفت اليوم نتائج استطلاع للرأي أجراه معهد بوجوف المتخصص، أن الاشتراكيين حصلوا على نسبة تأييد بلغت 24%، فيما تراجعت نسبة تأييد التحالف المسيحى لـ 22%، وبهذا أصبح الحزب الاشتراكى الديمقراطى أكثر شعبية من الاتحاد المسيحى الديمقراطى سواء كحزب أو كمرشح محتمل على منصب مستشار ألمانيا، وطبقا لنتائج استطلاع الرأى فقد صعدت شعبية الحزب الاشتراكى 8 نقاط بينما تراجعت شعبية الاتحاد المسيحى 6 نقاط مقارنة بنتائج استطلاع للمعهد نفسه الشهر الماضي.
أما بقية الطيف السياسى الألمانى فقد حافظ على نسبة شعبيته المسجلة الشهر الماضى تقريبا حيث ثبت الخضر عند نسبة 16%، وكذلك استقر حزب اليسار عند نسبة 8%، فيما ارتفعت حظوظ الحزب الليبرالى الحر نقطة واحدة حيث حصل على 13%، وتراجع الحزب اليمينى المتطرف البديل من أجل ألمانيا نقطة واحدة لـ 11%.
ورغم تضارب وتغير نتائج استطلاعات الرأى الأسبوعية التى تتم لحساب مؤسسات إعلامية ألمانية، إلا أن النتائج التى يحصل عليها معهد يوجوف فى استطلاعات شهرية قد تكون الأكثر مصداقية باعتباره معهدا مستقلا متخصصا فى إجراء مثل هذه الاستطلاعات والأبحاث المتعلقة بقياس توجهات الناخبين والمواطنين ، حيث تتم على شريحة عريضة ومتنوعة تغطى معظم النسيج الاجتماعى مع نسبة خطأ ضئيلة نسبيا.
وهذا ما أزعج عددا كبيرًا من أعضاء وقيادات الوسطية في حزبى التحالف المسيحى سواء فى ولاية نوردراين فيستفاليان، أكبر الولايات الألمانية والتى يرأس حكومتها أرمين لاشيت مرشح التحالف المسيحى على منصب المستشار أو حتى فى ولاية بافاريا ثانى أكبر الولايات الألمانية وعاصمتها مدينة ميونخ، وهى معقل الحزب المسيحى الاجتماعى توأم الحزب المسيحى الديمقراطى فى الاتحاد المسيحى، خاصة أن رئيس وزراء الولاية وزعيم الحزب البافارى كان هو المنافس الأقوى لزميله فى التحالف أرمين لاشيت لخلافة المستشارة ميركل.
وقال عضو بارز فى الحزب المسيحى الديمقراطى من أصل عربى، لـ"بوابة الأهرام"، طالبا عدم ذكر اسمه، إن هناك مخاوف كبيرة لدى بعض أعضاء الحزب من تراجع شعبية الحزب يشكل مفاجئ نظرا للصراعات الداخلية بين بعض القيادات العليا، ونظرا ايضا لاستغلال الحملات الانتخابية للاشتراكيين والخضر لقضايا البيئة وتغير المناخ بجانب فشل ارمين لاشيت نفسه حاكم إحدى الولايات التي لحقها أكبر ضرر من الفيضانات الأخيرة فى سرعة الاستجابة لحل مشاكل القرى المتضررة وإصلاح بنيتها الأساسية، وأوضح قائلا إن فراغا بحجم المستشارة ميركل يصعب سده بسرعة ولابد ان يترك أثاره السلبية على الحزب المسيحى الديمقراطى إن لم يكن على ألمانيا كلها.
وأشار إلى أن هذه النتائج المفاجأة لصعود الاشتراكيين فى نتائج استطلاعات الرأى قبل أقل من شهر على الانتخابات سيزيد من حدة الحملات الانتخابية وزخمها رغم توقعات موجة رابعة من كورونا فى ألمانيا.
ولهذا فان السؤال الذى لم يكن مطروحا من قبل يطرح نفسه على الأقل لمدة 4 أسابيع حتى موعد الانتخابات الألمانية العامة وهو هل ينتقل حزب المستشارة ميركل إلى مقاعد المعارضة بعد رحيلها؟