ما زالت تعمل.. ما زالت تمارس التخريب!

ما زالت تعمل.. ما زالت تمارس التخريب!عاطف عبد الغنى

الرأى29-8-2021 | 18:42

(١)

ما زالت مراكز الأبحاث “الثنك تانك” الغربية التى برزت فيما قبل وأثناء هجمة الربيع العربى، تمارس عملها ضدنا، وتسعى لتقويض أساس الدول و المجتمعات العربية الإسلامية، ليس فقط لأن هذا هو عملها الذى تتكسب منه وتقتات، لكن لأنها رسخت وظيفتها كأدوات تخدّم على السياسات الاستعمارية التى تتوارثها أحقاب وأجيال فى الغرب، وتتجدد فيها التكتيكات، لكن تبقى المخططات التى تسعى منذ قرون إلى الهيمنة الاستعمارية، على المشرق العربى، وبقى المخطط ما بقيت قوى الشر تسيطر على هذا العالم وتستهدف دول وشعوب العالم الثالث، ومنها الدول العربية التى شهدت هجمة منظمة خلال السنوات الماضية فيما عرف بـ "الربيع العربى"، تستهدف تفتيت دول العرب وإضعاف مقدراتها وتأثيرها فى إقليم الشرق الأوسط، لصالح وكيلها الاستعمارى فى المنطقة، إسرائيل.

(٢)

كانت ولا تزال مراكز الأبحاث “الثنك تانك” آلية مهمة جدا فى هذا المخطط، ودور هذه المراكز، التى تخدّم على مشروع الهيمنة الغربى فى مثلثه المكوّن من أضلاع (السياسي والاقتصادي والاجتماعى)، وتضع هذه المراكز – نظريا – خطط اختراق الدول (المؤسسات والشعوب) المستهدفة، وفى جزء آخر من عملها تنفذ هذه الخطط، وقد نشطت بشدة هذه المراكز قبل وخلال هجمة الربيع العربى التى انطلقت مع هبة تونس التى أطلق عليها “ثورة الياسمين” نهاية عام ٢٠١٠، وما تلاها من هبات فى باقى الدول التى نعرفها على الخريطة العربية.

(٣)

كان التوجه الأساسى لمخططات الغرب التى تولت هذه المراكز هندستها، والعمل على تنفيذها هو تأهيل المجتمعات العربية التى تدين غالبيتها بالإسلام، للتغيير، على المستويات الثلاثة التى ذكرناها آنفا، وانطلق التغيير على المستوى السياسى بدعوى نشر الديمقراطية، أو دمقرطة العرب، وعلى المستوى الاقتصادى تركز التغيير فيما يسمى “إعادة هيكلة اقتصاديات الدول” بفرض خطط وتعليمات مؤسسات العولمة التى تسعى فى جوهرها لإزاحة الدولة وإفقادها السيطرة على اقتصاداتها، والقضاء على الصناعات الاستراتيجية، وتحويل الدول إلى أسواق، ووضع هذا الاقتصاد فى يد أفراد، (القطاع الخاص) لأنه أسهل فى السيطرة عليه، مع ربط اقتصاد الدول بالغرب، من خلال الشركات متعددة الجنسيات، وشركات “الأوف شور” التي تعد مرحلة جديدة فى تاريخ الرأسمالية.

(٤)

أما كلمة السر فى التغيير الاجتماعى فهى “الإنسانية”، بمعنى استبدال الأديان بقيم إنسانية عامة، وأبرزها الحرية وقبول الآخر، وقد نجح هذا المخطط بشدة فى الغرب، بعد عدد من الثورات الاجتماعية (التى هندسوا الثورات العربية على نموذجها)، ومنها الثورة الإنجليزية (1642-1660)، والحرب الأهلية، أو الثورة الأمريكية (1775-1783)، والثورة الفرنسية (1789-1799)، والثورة الأخيرة هى ثورة "اليعاقبة" الذين استطاعوا من خلالها فرض نموذج التغيير الأبرز فى تاريخ البشرية، ونشر الأفكار التى استبدلت الفرد بالإله، وجعلت الإنسان سيد هذا الكون بلا منازع، واستغل شياطين الثورة اللادينيين، ميراث الفكر الإغريقي الذى ورثه الغرب، وكوّن منه نظريته الجديدة للمعرفة التى تستبعد الوحى والغيب، وتؤمن بالجانب المادى المقابل للملاحظة، ونجحت هذه الأفكار فى البيئة الغربية لأنها كانت تعانى بشدة من الخرافة، والحكم الثيوقراطى، الذى احتكرت فيه الكنيسة أمر الأرض والسماء، وتحالفت مع الحكام الديكتاتوريين، فمنحتهم ما يسمى "حق الملوك الإلهي"، ونجحت تلك الثورة فى زرع “فيروس” الإفساد الدينى فى الغرب (الذى كان يوصف بأنه مسيحى) حتى وصل إلى ما نعرفه الآن فى ممارساته الدينية التى تم تشويهها لدرجة تعفها أى نفس سوية، والآن الإسلام هو الموضوع على لوحة "التنشين" ومطلوب من أهله أن ينبذوه وراء ظهورهم، ويفتحوا أحضانهم للعنصر الذى أفسد العالم بمخططاته وأقنع بعض البشر بأن يتخلى عن أعز وأغلى ما يملك.. عقيدته التوحيدية الصحيحة، وتعاليم السماء، ومروءته الوطنية.. وانتظرونا فى تفاصيل أخرى.

أضف تعليق