ولد العالم المسلم محمد بن موسى الخوارزمى فى بلدة خوارزم (جمهورية أوزباكستان حاليًا) سنة 164هـ 780 ميلادية، ثم انتقلت عائلته إلى بغداد عاصمة الدولة العباسية.
تعلم الخوارزمى الكثير من العلوم وبرع فيها وظهرت عبقريته.. وفى عهد الخليفة المأمون أوكل إليه الخليفة العباسى رئاسة دار الحكمة فى بغداد والتى تعتبر مركزًا للأبحاث العلمية والأدبية فى وقتها.
ألّف الخوارزمى العديد من المؤلفات، التى تدرس اليوم فى جامعات العالم.. علمًا بأن «الخوارزميات» أحد الفروع المهمة فى علمى الرياضة والحاسب.
ومن أهم الإنجازات التى تحسب للخوارزمى تأليف أرقام جديدة سميت ب الأرقام العربية «1-2-3» والتى تعتمد على عدد من الزوايا.. كما اخترع الرقم صفر، الذى لم يكن موجودَا من قبل وقام باختيار الدائرة رمزًا للصفر.
وكتب فى كتابه الجبر والمقابلة، لماذا قصد تقديم أشكال ورموز لاستخدامها مكان الحروف فى مسائل الميراث والوصايا والتجارة.
وانتشرت الأرقام العربية فى الشرق، خاصة البلاد الإسلامية وشمال إفريقيا والأندلس من خلال الفتوحات الإسلامية بسبب جمال وبساطة الحروف والرموز.
وتعد الموسوعات العالمية الأرقام (0-23) أرقامًا عربية بينما يعتبرها بعض المشارقة عن خطأ أرقامًا أفرنجية.. والأرقام دلالة مهمة تستخدم فى الهوية ورقم السيارة ورقم المنزل وهى دلالة المفرد والجمع.
وقد ورثنا الأرقام الهندية من أنظمة وحكام سيطروا على العراق والعالم الإسلامى بعد العصر العباسى.. فلماذا لا نعود إلى أرقامنا العربية؟
فكرت العراق فى ذلك منذ تأسيس الدولة العراقية أوائل القرن الماضى وحتى الآن ولم يتم، علمًا بأن الفضل يعود إلى بلاد الرافدين فى اختراع الأرقام التى وضعوا قواعدها الأولى قبل الميلاد بنحو 3400 عام.
وجاء الفراعنة فى مصر بعدهم بنحو 300 عام ليطوروا العدد إلى أشبه ما يستخدم اليوم.
وأضاف علماء الحساب كثيرًا من القواعد الرياضية، التى طورت علم الأرقام بما يتناسب مع حاجة الإنسان.
وكان العرب قديمًا يستخدمون الحروف للدلالة على الأرقام كتابة دون وجود أعداد تعبر عنها.. فى البداية وفد إلى بلاط الخليفة العباسى أبو جعفر المنصور 771م فلكى هندى ومعه كتاب مشهور فى الفلك والرياضيات هو «سفرهانتا» لمؤلفه براهما جوثبا استخدم فيه الأرقام التسعة قبل أن يضيف العرب الصفر بعد ذلك.
أعجب المنصور بطريقة الهنود فى التعبير عن الأرقام وأمر بترجمة الكتاب إلى العربية وأخذ العرب بهذا الكتاب حتى عصر الخليفة المأمون، إلى أن نشر الخوارزمى رسالة تُعرف فى اللاتينية بالأرقام الهندية.
واخترع بعد ذلك ما يُعرف ب الأرقام العربية ولكن لم تحظ بانتشار واسع فى المشرق العربى ولكن لاقت استحسان العرب فى الأندلس والمغرب العربى.
ومن هناك انتشرت إلى أوروبا ثم إلى جميع أنحاء العالم وقد قام الخوارزمى بتصميم الحروف على أساس عدد من الزوايا الحادة أو القائمة.
انتقال الأرقام إلى أوروبا
كان البابا سلفستر الثانى يدرس بجامعة القرويين بمدينة فاس بالمغرب، حيث كان البابا الوحيد الذى تعلم العربية وأتقن العلوم عند العرب وزار العديد من المناطق بدول العالم العربى ويرجع إليه الفضل فى إدخال المعارف العربية كالحساب والرياضيات والفلك إلى أوروبا.
ومن هنا أطلق عليه بابا الأرقام، حيث كان استعمال الرومانية / اللاتينية لا يساعد على إتمام العمليات الحسابية بسهولة.
تبنت بعض الدول العربية الأرقام وتخلت دول أخرى عنها.. وكم خرجت توصيات بضرورة العودة إلى استخدام الأرقام العربية ولكن دون جدوى.
المغرب العربى له المبادرة فى استخدام اللغة العربية والأردن أصدر قرار بتبنى الأرقام العربية.. ولكن لايزال الخطأ الشائع أن ما تستخدمه هو العربية فى الأرقام وأن العربية هى اللغة فى الأرقام الواردة إلينا.
ولا زلت أتذكر قول عميد الأدب العربى عن اللغة العربية «يُسر لا عثر فيها» وكيف تبدو الآن اللغة العربية وسط أجيال حالية تفخر أنها تتحدث لغات أخرى وقد لا تتحدث أصلًا بالعربية حتى ولو بين الأصدقاء فأصبح الحديث بأى لغة أخرى من علامات الوجاهة الاجتماعية.
أنا مع تعلم لغات أخرى فهذا إضافة.. ولكن اللغة هوية والاعتزاز بها يؤكد الانتماء ونتعلم ونعرف ونقرأ عن تاريخنا وماضينا بما فيه مالنا وما علينا ونفخر بما فعله أجدادنا ونتعلم من الحاضر لكى نبنى مستقبلا يعتمد على أناس لم يفقدوا الهوية، وهى تبدأ من اللغة والاعتزاز بها وفهمها وأن ينشأ أطفالنا عليها وأن يكون للأسرة والمدرسة والجامعة وكافة الجهات التى نتعامل معها دورا فى ذلك.
ولكن تجد الكثير من المحلات بأسماء غير عربية والإعلان بلغة أخرى والكثير من المعاملات.
دعوة للعودة إلى الأصل.. العربية لغة القرآن.