قطن النيل أو الذهب الأبيض له نصيب كبير فى وجدان كل مصرى وليس الفلاح فقط، فقد تغنى به الشعراء والمطربون وكان محورًا مهمًا فى الدراما المصرية وارتبطت مصر تاريخيًا بزراعة القطن الذى كانت صادراته أحد أهم مصادر النقد الأجنبى، وكما ساهمت زراعته فى ازدهار صناعة المنسوجات، ساهم القطن المصرى فى تسليح الجيش من خلال تصديره للاتحاد السوفيتى مقابل استيراد أسلحة، واستمر شعار قطن مصرى 100% شعارًا عالميًا لأكثر من قرن.
وظل القطن المصرى فى الصدارة العالمية حتى منتصف التسعينيات ثم اختلف الحال بعد خصخصة شركات المنسوجات وتحرير تجارة الأقطان، وبدأت الشركات فى استيراد أقطان أقل جودة وسعرًا لتحقيق ربح أكبر.
ودخل محصول القطن مرحلة الانهيار بعد أن طالبت الحكومة المزارعين بالتأكد من وجود تعاقد قبل زراعته ونصحتهم بعدم زراعته فى حالة عدم وجود تعاقد.
فانخفضت المساحة المزروعة من 860 ألف فدان أنتجت 929 ألف طن قطن عام 1997 إلى 286 ألف فدان عام 2013 أنتجت 252 ألف طن، وإلى 130 ألف فدان فقط عام 2016.
وذلك بسبب ارتفاع تكاليف زراعة الفدان الواحد لنحو 16 ألف جنيه، مما دفع الفلاح لزراعة محاصيل أخرى تدر عائدًا أكبر، خاصة أن القطن محصول مجهد للأرض ويستمر حوالى 6 أشهر.
وفى محاولة لإعادة القطن المصرى إلى عرشه بدأت وزارة الزراعة فى توفير تقاوى القطن وتمت زراعته فى 14 محافظة العام الحالى، واستنباط أصناف أكثر جودة تحقق عائدات جيدة.
ومتوقع أن يكون سعر قنطار القطن للموسم الحالى فى الوجه البحرى 2800 جنيه و2300 جنيه للقنطار فى الوجه القبلى.
ومن جانبها وضعت وزارة قطاع الأعمال منظومة جديدة لتجارة الأقطان هدفها تنظيم وتحسين عملية تداول وبيع الأقطان مع تحقيق صالح المزارعين بأعلى سعر لأقطانهم من خلال نظام المزايدة.
وقد تم تحديد مراكز تجميع الأقطان فى مختلف المحافظات لتبدأ فى جمع الأقطان مع بداية سبتمبر الحالى، ثم يتم إجراء مزادات علنية على الأقطان من قبل شركات تجارة الأقطان مع تسليم مستحقات المزارعين عبر أحد البنوك.
وقد ارتفعت مساحات زراعات القطن الموسم الحالى إلى 231 ألف فدان مقارنة
بـ 171 ألف فدان الموسم الماضى وذلك بزيادة 60 ألف فدان، ومتوقع إنتاج نحو
1.5 مليون قنطار من القطن.
وكان تطوير المحالج جزءا أساسيا من استعادة الذهب الأبيض لمكانته وإعادته للمنافسة العالمية بعدما فقدها بسبب وجود شوائب فى عملية الحلج بالمحالج القديمة.
وترتكز خطة تطوير المحالج على توقعات بزيادة زراعات القطن لنحو نصف مليون فدان، وبالتالى من المهم حلجه بطرق حديثة تضمن خلوه من الشوائب.
وقد تم الانتهاء من تطوير محالج الزقازيق وكفر الزيات وكفر الدوار، وتم من قبل تطوير محلج الفيوم، وفى خطة الحكومة تطوير 3 محالج أخرى فى البحيرة و كفر الشيخ و الغربية ليصبح إجمالى المحالج المطورة 7 محالج تكفى لحلج كافة الأقطان المصرية، بعد مضاعفة طاقتها الإنتاجية لنحو 4 ملايين قنطار قطن سنويًا.
كانت أيام جنى القطن بمثابة أعياد للفلاحين فتمتلئ جيوبهم بالخير وتسدد الديون وتكثر الأفراح، وكانت ل مصر شهرتها العالمية بالقطن طويل التيلة الذى تسابقت دول العالم لاستيراده، وينتظر آلاف الفلاحين أن يكون سعر القنطار من قطن النيل كافيًا ومربحًا ودافعًا لزراعة القطن مرة أخرى، ليعود من جديد شعار «قطن مصرى 100%» تاجًا على رأس كل أقطان العالم.