سادت حالة من التفاؤل الحذر بين أوساط اللبنانيين بعد إعلان تشكيل الحكومة الجديدة، اليوم الجمعة، برئاسة نجيب ميقاتي بعد فراغ حكومي دام 13 شهرًا منذ استقالة حكومة الدكتور حسان دياب في العاشر من أغسطس العام الماضي، وهو أطول فترة فراغ حكومي في تاريخ لبنان تزامنت مع أزمات اقتصادية – صنّفها البنك الدولي ضمن أسوأ 3 أزمات في التاريخ منذ منتصف القرن التاسع عشر الميلادي – واجتماعية ومعيشية.
ويعتبر قطاع كبير من اللبنانيين أن تشكيل الحكومة في حد ذاته إنجاز كبير، وخصوصا أنها المهمة التي تعثر فيها رئيسا حكومة مكلفين خلال الأشهر الـ 13 الماضية، إذ تم تكليف السفير مصطفى أديب بتشكيل الحكومة بعد 21 يومًا من استقالة حكومة حسان دياب، إلا انه اعتذر بعد أقل من شهر بسبب ما وصفه آنذاك بتراجع الفرقاء السياسيين عن تعهداتهم بتشكيل حكومة من الكفاءات المستقلين بعيدًا عن المحاصصة الحزبية وفقا للمبادرة الفرنسية لحل الأزمة اللبنانية في أعقاب انفجار ميناء بيروت البحري. وبعد قرابة شهر ونصف، تم تكليف رئيس الوزراء الأسبق سعد الحريري بتأليف حكومة من الكفاءات، إلا أن خلافات بينه وبين رئيس الجمهورية ميشال عون حالت دون الاتفاق على تسمية عدد من الوزراء، وأدت لاعتذار الحريري خلال شهر يوليو الماضي عن المهمة بعد قرابة 9 أشهر من التكليف شهدت 20 لقاء مع رئيس الجمهورية ميشال عون وتفاقمت خلالها الأزمات ووصلت معاناة الشعب اللبناني إلى حد يفوق الاحتمال.
وفي 26 يوليو الماضي، وتم تكليف نجيب ميقاتي ب تشكيل الحكومة الجديدة ليعلن من اليوم الأول أن المهلة للاعتذار ليست مفتوحه، وأنه لا يملك عصا سحرية لحل مشكلات المواطنين، إلا أنه أعرب عن أمله في التوصل إلى توافق مع رئيس الجمهورية حول التشكيل الذي استغرق قرابة شهر ونصف وشهد شد وجذب بين الرئيس عون ورئيس الحكومة ميقاتي، إذ شهدت الفترة 14 جلسة بين عون وميقاتي آخرها اليوم والتي أسفرت عن تشكيل حكومة كاملة الصلاحيات تشترط المؤسسات الدولية وجودها لمساعدة لبنان للخروج من أزماته.
ورغم الانفراجة التي شهدها ملف تشكيل الحكومة، إلا أن التفاؤل في الشارع اللبناني يترقب الإجراءات السريعة التي ستقوم الحكومة باتخاذها لبدء التفاوض مع المؤسسات الدولية لمساعدة لبنان والعمل على حل الأزمات المعقدة والمركبة في لبنان؛ ومنها الأزمة الاقتصادية وانهيار سعر صرف العملة المحلية أمام الدولار ورفع الدعم عن الوقود ونقصه في الأسواق وضعف التغذية الكهربائية، بالإضافة إلى نقص عدد من السلع الغذائية والأدوية والمستلزمات الأساسية، بالإضافة إلى تدني الرواتب والأجور والنقص الحاد في مستلزمات الرعاية الصحية.
ويترقب اللبنانيون أيضًا مسار المفاوضات التي من المفترض أن تبدأها الحكومة الجديدة مع صندوق النقد الدولي في أسرع وقت لتفتح الباب أمام المساعدات الخارجية من الدول الشقيقة والصديقة للبنان.
وكان الرئيس اللبناني ميشال عون ورئيس مجلس الوزراء نجيب ميقاتي قد وقّعا اليوم مرسوم تشكيل الحكومة الجديدة والتي تضم 24 وزيرًا بحضور رئيس مجلس النواب نبيه بري.