يحبذ العلماء والإختصاصيون دائمًا الضحك بما له من حيثيات إيجابية على صحة الإنسان. هذه الخلاصة أثبتت مراراً وتكراراً في الدراسات العلمية، حيث أجريت تجارب متنوعة حول العلاقة بين الضحك والوقاية من الأمراض أو الضحك وتسريع عملية الشفاء. ولا تقتصر فوائد الضحك عند هذا الحد، بل تحسن مزاج الفرد وتعزز صحته النفسية. فماذا تعرفون عن علاج الاكتئاب من خلال غاز الضحك؟
ما هو ال غاز المسبب للضحك؟
يعتبر أكسيد النيتروز (Nitrous Oxide) أحد أكثر أدوية التخدير شيوعًا. وتستخدمه المستشفيات وعيادات الأسنان والمسعفون، فضلاً عن توفره بشكل غير قانوني في كبسولات صغيرة للاستخدام الترفيهي. بالإضافة إلى تخفيف الألم، يمكن لأكسيد النيتروز أن يعطي دفعة قصيرة للمزاج، أي يحسن المزاج لمدة قصيرة. ومن هنا جاء اسمه الأصلي وهو غاز الضحك - ولكن يُعتقد أن تأثيره يتلاشى بسرعة.
كيف يتفاعل اكسيد النيتروز مع الجهاز العصبي؟
يوضح الباحث في علوم البيولوجيا الجزيئية في الجامعة الاميركية في بيروت، محمد الشقور، أنّ ال غاز يؤثر بشكل رئيسي على الدماغ عن طريق حجب جزيئات موجودة على أسطح الخلايا العصبية والتي تسمى مستقبلات N-methyl-D-aspartate (NMDA). ومن المعروف أن هذه المستقبلات ترتبط بالحالة المزاجية، وأي عملية حجب أو تحفيز لها قد يؤثر على الحالة المزاجية للشخص.
وتعمل هذه المستقبلات على غرار الكيتامين الذي يعرف بالمخدر الأقوى، والذي يخفف أيضًا من الاكتئاب. إذ تمت الموافقة مؤخرًا على مادة كيميائية مشابهة للكيتامين كعلاج جديد بالرش داخل الأنف.
ودفعت هذه المعطيات بالدكتور "بيتر ناجيل" - طبيب التخدير في كلية الطب بجامعة واشنطن في سانت لويس بولاية ميسوري، بتجربة أكسيد النيتروز كعلاج للاكتئاب كما يفعل "كيتامين".
وفي عام 2014، أظهرت #دراسة أجراها د. ناجيل أن استنشاق أكسيد النيتروز لمدة ساعة واحدة قلل أعراض الاكتئاب لمدة تصل إلى يوم واحد لدى الأشخاص المصابين الذين لم يتحسنوا بعد تجربة الأدوية المعروفة المستخدمة والمضادة للاكتئاب. لكن الدراسة لم تسجل ما إذا كان التأثير قد استمر لفترة أطول.
ما هو جديد هذه الدراسة؟
نظراً لخطورة استنشاق كمية كبيرة من أكسيد النتروز لفترات طويلة والتي تسبب العديد من الآثار الجانبية مثل الغثيان والصداع، كان من الضروري إقامة المرحلة الثانية من التجارب السريرية. وفي أحدث دراسة هذا العام، أقام فريق ناجيل اختباراً على 24 شخصًا يعانون من الاكتئاب المقاوم للعلاج، حيث تم إعطائهم نصف جرعة من أكسيد النيتروز، أو جرعة كاملة أو خليطًا وهميًا من الهواء والأوكسجين مرة واحدة في الشهر لمدة ثلاثة أشهر.
وبعد أسبوعين، انخفضت أعراض الاكتئاب لدى أولئك الذين تناولوا نصف الجرعة بمتوسط خمس نقاط على مقياس تصنيف الاكتئاب الشائع الاستخدام، مقارنة مع أولئك الذين تناولوا الدواء الوهمي، وهي فائدة كبيرة. وكان لدى مجموعة نصف الجرعة أيضًا نسبة أقل بكثير من الآثار الجانبية مثل الغثيان والصداع وخفة الرأس مقارنة بالاشخاص الذين تناولوا الجرعة الكاملة.
وكما هو الحال مع الكيتامين، فإن أكسيد النيتروز له فائدة في تحسين الحالة المزاجية بسرعة، واختصر د. ناجيل، الذي يعمل حاليًا في جامعة شيكاغو في إلينوي، هذه الدراسة بالقول: "شيء ما يحدث في الدماغ - إنه مثل قلب مفتاح - لكن كيف يعمل هذا، لا أحد يعلم ".
هل تعدّ بارقة أمل؟
برأي الشقور أظهر أكسيد النيتروز ، المعروف أيضًا باسم غاز الضحك ، نتائج واعدة كعلاج للاكتئاب. وبين أن استنشاق جرعة منخفضة منه تحسن حالة الاكتئاب خلال الأسبوعين التاليين. بالإضافة إلى أنّ نتائج هذه الدراسة واعدة كون كمية قليلة وغير مضرة من اكسيد النيتروز تحقق تحسن ملحوظ في عوارض الاكتئاب المقاوم للعلاج حيث نجح غاز الضحك بعدما فشلت الأدوية المرخصة المستخدمة حاليا.
وأضاف: "نحن بانتظار التجارب السريرية في مرحلتها الثالثة التي يجب ان تستهدف عدد أكبر من المرضى والتي يجب ان ننظر من خلال نتائجها الى امكانية استخدام جرعات اقل من اكسيد النيتروز"، لكن الاهم من ذالك مراقبة آثاره الجانبية على المدى الطويل ان وجدت.