يشكل عنوان رواية "بودابار" للكاتبة لنا عبدالرحمن مفتاحا للدخول إلى عالم الرواية، حيث تلتقي المتناقضات في أحد الأحياء العتيقة لمدينة بيروت، ويجتمع أبطال الرواية على اختلاف انتماءاتهم لتتقاطع حكاياتهم عند لغز المدينة، وجريمة اختفاء جثة امرأة فاتنة تدعى جمانة.
على مدار النص، يبدو حضور شخصية جمانة الميتة التي اختفت جثتها مرتبطا بدلالات رمزية في تكوين شخصية غير واقعية تماما، بالتوازي مع حضور دورا المغتربة العائدة من استراليا كي تستقر في بيروت، وتطرح أسئلتها عن الأمومة والوحدة والزمن والحب، وتتقاطع في علاقة غامضة مع زوج القتيلة.
يظلل الرواية حالة شديدة من الاغتراب النفسي يمكن تلمسها عند جميع الأبطال، وإن حرصت الكاتبة على رصد التحولات الاجتماعية أيضا وأثر الحرب الأهلية على الأبطال، ثم ايجاد توازن معنوي يجعل مثلا من شخصية الطبيب يوسف يرمز إلى الثبات في زمن التشظي، في مقابل حفيده وسميه يوسف الذي يعكس الاضطراب ورغبة الرحيل عند الجيل الشاب، وبجانبه تحضر شخصية فرح اللاجئة السورية التي تطمح لترك البلدان العربية والهجرة إلى الغرب بأي ثمن.
تميزت الرواية السادسة للكاتبة لنا عبد الرحمن بلغة سلسة وسريعة وحيوية، مع تعدد مستويات السرد وتفرقه في وجود أكثر من راو داخل النص، الراوي العليم، مع صوت دورا، وصوت مروان، ثم أصوات متعددة تحكي عن جمانة الحاضرة الغائبة.
من أجواء الرواية: "في يوم صيفي غائم قليلا، على غير عادة شهر يوليو في بيروت، وصلت دورا إلى "حي الأمير". لم تتوقع أن جريمة قتل ستكون في استقبالها عند وصولها للسكن الجديد، فقد قيل إن جمانة قُتلت في شقتها الواقعة في الدور الرابع من مجمع "عمارات ديبة".
خلال سيرها في الشارع المضطرب من خبر الجريمة؛ تسارعت في ذهنها عدة أفكار حول هذا التزامن.. كانت لوسي أول من اكتشف أن مخدومتها ممددة في سريرها، وفي رقبتها وصدرها عدة طعنات، لذا سارعت إلى استدعاء طبيب الحي. لكن الطبيب حين وصل إلى الشقة، وجد ما يدل على وقوع جريمة، لكنه لم يجد الجثة، شاهد بقع دم على السرير، وعلى الأرض، غير أن جثة جمانة لم تكن موجودة.
جدير بالذكر أن الرواية صدرت عن دار ( ضفاف ) بيروت و( الاختلاف ) الجزائر .