يعتبر بعض مؤرخي السينما، فيلم «عيون ساحرة» من إنتاج عام (1934)، أول فيلم خيال علمي فى السينما المصرية، لكن الفيلم الذي تدور قصته حول امرأة تحاول إرجاع حبيبها الميت إلى الحياة عبر الاستعانة ببلورة زجاجية وتعاويذ وطقوس سحرية، يصعب وصفه بالخيال العلمي، فهو على الأغلب أقرب إلى الفانتازيا.
ولا يزال الخلاف على تحديد أول فيلم خيال علمي مصري حاضرًا حتى الآن، ففيما يعتبر البعض «قاهر الزمان» إنتاج 1987، وبطولة نور الشريف وإخراج كمال الشيخ وتأليف نهاد شريف، هو أول فيلم خيال علمي عربي حقيقي، فإن المؤرخ السينمائي محمود قاسم، يصنف فيلم «رحلة إلى القمر» بطولة إسماعيل ياسين ورشدي أباظة، كأول محاولة للسينما المصرية فى هذا المجال، ويضم معه أفلام مثل «بومبة» و»الحبيب المجهول» و»من أين لك هذا؟».
وتضم الكثير من قوائم أفلام الخيال العلمي المصرية المنشورة فى الصحف والمجلات والمواقع الإلكترونية خليطًا متباينًا من الأفلام، بعضها يتكرر فى معظم القوائم، والبعض الآخر يُذكر لمرة واحدة أو اثنتين على الأكثر، وتظهر فى تلك القوائم ظاهرة الخلط بين الخيال العلمي و الفانتازيا والرعب، ومن بين ذلك الإشارة إلى فيلم «سفير جهنم» (1945)، والذي تدور قصته حول تجسيد للشيطان، بين أفلام الخيال العلمي.
ولجأت معظم أفلام الخيال العلمي فى السينما المصرية إلى مواجهة مشكلة ضعف الإمكانيات الفنية والإنتاجية بسلاح الكوميديا والمحاكاة الساخرة، أو خلط العلمي بالفانتازي، وقليلة هي الأفلام المصرية التي تعاملت مع الخيال العلمي بطريقة جادة، وفى أغلبيتها كان العالم أجنبيًا، أو مصريًا قادمًا من الخارج، كما أظهرت التقدم العلمي أو أنواع منه كتهديد وعمل إجرامي، له تبعات شديدة الخطورة على الأفراد والمجتمع، فيما كانت استعادة التوازن تتم عبر إرجاع الأمور إلى نصابها أو الحفاظ على الوضع القائم، وأحيانًا القبض على العالم أو قتله وتدمير المعمل أو الآلة العلمية.
وحتى فى حالة السفر إلى الفضاء أو القمر، يكتشف المسافرون حالة خراب كامل فى تلك العوالم البديلة، ويبدو الخلاص فى العودة إلى نقطة المغادرة، حيث يظهر عالمنا، ومصر تحديدًا، أفضل العوالم الممكنة.
ولا يكشف ذلك الاتجاه بالضرورة عن خوف أو عداء للعلم، لكنه يتماشى مع رغبة قديمة فى الأدب والفن العربي لتحجيم الخيال وكبح جماحه ووضع قيود كثيرة عليه، حتى لا يتعارض مع الموروث الفكري والديني أو مع العرف والعادات والتقاليد، وإظهار من يحاول أن يفعل ذلك بأنه شخص غريب الأطوار وأحيانًا مهووس أو «ملبوس».
وخلال العقدين الأخيرين، ظهرت موجة جديدة من أفلام ومسلسلات الخيال العلمي المصري، ظلت فى معظمها كوميدية، لكنها متحررة من سؤال أخلاقيات العلم، وسعت فى معظمها لتوظيف محاكاة الخيال العلمي الهزلية لكشف مفارقات الحاضر ونقده أو الاكتفاء بمتعة السخرية منه.