أكد خبراء دوليون من فنلندا وفرنسا والسودان وأوغندا ومصر على ضرورة الوصول لاتفاق قانوني ملزم بشأن سد النهضة. جاء ذلك بالتزامن مع اليوم العالمي للسلام، حيث عقدت مؤسسة ماعت للسلام والتنمية وحقوق الإنسان فاعلية افتراضية بالتعاون مع مركز عدم الاقتتال العالمي، وجامعة (Åbo Akademi) في فنلندا، ضمن برنامج السلام والوساطة وأبحاث الصراع.
وعقدت الفعالية بعنوان "نزاعات المياه في أوقات تغير المناخ "البدائل غير المميتة لحل المشكلات"، والتي جاءت بالأساس من أجل مناقشة أوضاع مشكلة سد النهضة وتأثير تلك الأزمة على ديناميات الصراع بين الدول الثلاثة، تطرقت الفاعلية أيضاً بالرصد والتحليل أبعاد الخلاف القائم في وادي النيل، وخلصت بتقديم عدد من الحلول والمقترحات للحد من انتشار الصراع المائي، وكيفية ونشر السلام والاستقرار في المنطقة والعالم بأكمله.
وخلال الفعالية صرح رايموند رويوكا؛ الخبير في مجال البيئة والصحة بأوغندا، بأن مجموعة شرق إفريقيا، تحتاج إلى العمل مع شركاء إفريقيا الخارجيين بما في ذلك البلدان المانحة ووكالات الأمم المتحدة والبنك الدولي والاتحاد الأوروبي والمنظمات الإقليمية مثل الاتحاد الأفريقي، لحشد الدعم المالي والدبلوماسي من أجل مبادرة "مياه أفريقيا للسلام: النيل من أجل السلام" لضمان نجاحها وتجنب النزاعات الإقليمية المحتملة على المياه والموارد الأخرى في حوض النيل.
وعلى صعيد متصل، أشارت تيسير تيسير الفكي؛ استشاري أنظمة السلامة الصحية وقياس المخاطر، أن هناك الكثير من الأشياء المغلوطة بشأن ضمان أمان السد بجانب ندرة المصادر والدراسات حول كيفية التعامل مع المخاطر المستقبلية المحتملة لسد النهضة. وأوصت "الفكي" بضرورة تعزيز مبدأ تداول المعلومات والبيانات خلال الأزمة الحالية حيث أنه لم يصدر سوي دراستين عام 1994 واخري عام 2017، وبالتالي تفقد دولتي المصب القدرة على اتخاذ الإجراءات الاحترازية لمواجهة مخاطر السد.
كما أكدت هاجر البربري؛ الباحثة في دراسات السلام والوساطة والصراع في فنلندا، على الأهمية الجوهرية التي تربط مصر بنهر النيل كونه المصدر الأساسي للمياه العذبة لنسبه تصل إلى أكثر من 90٪. وخلال كلمتها أكدت على أهمية تعزيز مبادئ الشفافية والثقة بين كلاً من إثيوبيا ومصر والسودان إبان التفاوض حول مشروع سد النهضة ومن ثم تحويل المفاوضات إلى إمكانية حقيقية للتعاون بدلاً من تأجيج الصراع.
وعلى هامش اليوم العالمي للسلام، أوضح كريستوفر باربيي؛ نائب رئيس المجلس التشريعي في روجيمونت بفرنسا؛ أن لكل فرد الحق في المشاركة في بناء السلام وأن يتعلم كيف يعيش في سلام وأن يجعل الآخرين يعيشون في سلام. وأوصى خلال كلمته كافة دول إقليم وادي النيل بالعمل على التآزر وتعزيز مبادئ السلام وضمان توفير هذا الحق الأصيل لشعوبهم لا سيما شعوب الدول المتأثرة بأزمة مجري نهر النيل الأزرق حالياً حيث مصر والسودان وإثيوبيا.
وعلي الجانب الأخر أشارت الأستاذة هاجر منصف؛ مدير وحدة الشئون الأفريقية والتنمية المستدامة بمؤسسة ماعت للسلام والتنمية وحقوق الإنسان، إلى محورية الدور الذي تلعبه منظمات المجتمع المدني في قضية النزاع علي المياه، وأن تلك المنظمات بذلت الكثير من الجهود للتعامل مع أزمة سد النهضة بشكل خاص، وثمرة تلك الجهود قد تكللت بإطلاق وثيقة "مبادرة النيل من أجل السلام" والتي تدعو إلي الوصول لاتفاق قانوني ملزم يحفظ حقوق الجميع ويضمن تحقيق السلام والاستقرار، ليس فقط للتعامل مع أزمة سد النهضة في وادي النيل ولكن من أجل التعامل مع أي نزاع مائي بشكل عام.
الجدير بالذكر أن المشاركين أكدوا خلال الفعالية على ضرورة أن يكون السلام القائم على الحوار والتفاوض البناء بسقف زمني، هو السبيل الوحيد للخروج من معضلة الخلاف بين دول حوض النيل.