إن إطلاق القيادة المصرية للإستراتيجية الوطنية ل حقوق الإنسان والتى تضمنت فى المحور الأول (الحقوق المدنية والسياسية) فى البند سابعاً {حرية التنظيم} الحق فى تكوين النقابات العمالية والانضمام إليها، والذى يتوافق مع جهود المجتمع الدولى الرامية إلى ضمان احترام حقوق الإنسان العامل.
وذلك فى إطار المواثيق والاتفاقيات الدولية الصادرة عن منظمة العمل الدولية، التى تمنح العمال الحق فى تكوين النقابات والانضمام إليها بموجب نصوص الاتفاقية (رقم 98) الخاصة بتطبيق مبادئ الحق فى التنظيم النقابى والمفاوضة الجماعية والتى اعتمدها المؤتمر العام لمنظمة العمل الدولية فى دورته الثانية والثلاثين.
وأقرت المادة الأولى من الاتفاقية، الحماية الكافية للعمال من أية أعمال تمييزية على صعيد استخدامهم تستهدف المساس بحريتهم النقابية، وقد أشارت مصر إلى ذلك فى الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان، وتضمنت أيضاً الاستراتيجية الإشارة إلى صدور قانون النقابات العمالية 213 لسنة 2017 والذى أُجريت بمقتضاه الانتخابات العمالية فى مايو 2018 بعد غياب عن أخر انتخابات تمت فى 2006.
ويجب أن يتم الإعداد الجيد من قبل الحكومة لإجراء الانتخابات وإجراء ما يلزم من تعديلات على القانون فى ضوء ما يراه ممثلى العمال فى اللجان النقابية واتحاد العمال وخصوصاً بعد تطبيق القانون لأول دورة نقابية بعد إقراره حيث اتضح عدم ملائمة بعض المواد سواء فى القانون أو فى لائحته التنفيذية، لذا فقد قام مجلس النواب بتعديل بعض مواد القانون213 لسنة 2017 بالقانون 142 لسنة 2019 ليُساير ويواكب الإتفاقيات الدولية.
و مصر وهى تتطلع نحو بناء مستقبل يليق بمكانتها بين الأمم ومكانة شعبها بين شعوب العالم، تعمل بكل إصرار وجهد لإعلاء قيم الحرية والكرامة الإنسانية والعدالة الاجتماعية لتحقيق الهدف الأسمى فى بناء مصر الحديثة وتحقيق الاستقرار والتنمية المستدامة وذلك من خلال تعزيز واحترام وحماية حقوق الإنسان فى كل مناحى حياة الأفراد فى الحقوق المدنية والاجتماعية والسياسية والاقتصادية والثقافية.
ومن نقاط القوة والفرص تدشين برنامج شامل بين مصر ومنظمة العمل الدولية من خلال عقد ورشة عمل حول البرنامج التنموى الجديد، لتشجيع الحوار المجتمعى وبناء القدرات بما يتماشى مع المعايير الدولية، وقد أشادت ورشة العمل بجهود الحكومة خلال السنوات الأخيرة فيما يخص ملف العمال ومنها على سبيل المثال قرار السيد الرئيس عبد الفتاح السيسى برفع قيمة الحد الأدنى للأجور، ورفع قيمة المعاشات بما يمثله ذلك من مراعاة للبعد الاجتماعى وتحسين أحوال معيشة العمال أثناء الخدمة وبعد الخروج للتقاعد وتدشين منظومة التأمين الصحى الشامل، والتى يستفيد منها عمال مصر وأفراد أسرهم.
وقد أشارت الاستراتيجية أيضاً إلى أننا بحاجة إلى تدعيم القدرات النقابية فى مجال المفاوضة الجماعية والمقصود بالمفاوضة الجماعية هو ذلك الحوار الذى يدور بين ممثلى العمال فى المنظمات النقابية وبين أصحاب الأعمال والحكومة للوصول إلى علاقات عمل قوية تحافظ على التوازن بين أطراف العمل الثلاثة، والمفاوضة الجماعية ليسـت عمليـة حـوار وتشاور فقط، بـل إنها علـم وفـن تخضع لمقاييس ومعايير عملية وعلمية من خلال مفاهيم وقواعد ثابتة، وهذا ما قررته مصر وتم التأصيل له حيث إنه مستقر العمل به فى حل المشكلات العمالية.
أما بخصوص نقص الموارد المالية للنقابات العمالية فهناك أسباب كثيرة يجب بحثها حيث إن عدد المنضمين لعضويات اللجان النقابية فى التنظيم الرسمى يتجاوز 3 ملايين ونصف مليون عامل، ما يؤكد أنه لو تم استغلال اشتراكات العمال على النحو الأمثل وتوظيفها توظيفاً جيداً، وإدارتها بفكر اقتصادى يعمل على تنميتها، فلن يكن هناك مشكلة موارد بالنسبة للحركة العمالية.
وتنطلق هذه الاستراتيجية من خلال رؤية وطنية وقناعة ذاتية للنهوض ب حقوق الإنسان من خلال تعزيز واحترام وحماية كافة الحقوق والحريات المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية الواردة بالدستور والاتفاقيات الدولية ل حقوق الإنسان التى شاركت مصر فى صياغتها.
وتأتى أهمية هذه الاستراتيجية فى هذا التوقيت تزامناً مع الانطلاقة التنموية الكبرى التى تشهدها مصر خلال السنوات القليلة الماضية من نجاح فى إيجاد حلول جذرية لمشاكل مزمنة بإصرار وقبول للتحدى والرغبة الجادة للقيادة فى العبور ب مصر إلى المكانة التى تليق بها وبأبنائها وبتاريخها المجيد.
حفظ الله مصر