«القومى للبحوث الاجتماعية» ينظم مؤتمره السنوي حول «مسارات المستقبل ما بعد جائحة كورونا»

«القومى للبحوث الاجتماعية» ينظم مؤتمره السنوي حول «مسارات المستقبل ما بعد جائحة كورونا»جانب من الاجتماع

مصر28-9-2021 | 22:51

قالت "نيفين القباج" وزيرة التضامن ورئيس مجلس إدارة المركز القومى للبحوث الاجتماعية والجنائية، إن البحث الاجتماعي هو الركيزة الأولى فى تقدم ورفاهية المجتمعات الإنسانية؛ إذ يهدف إلى تنمية المجتمع، ويؤدي إلى الاستغلال الأمثل لموارده البشرية، ويعمل على زيادة انتاجيتها، موضحة أن البحوث الاجتماعية بصفة عامة هي المحرك الأول لقاطرة التنمية، كما أنها الطريق المستقيم لتحقيق التقدم و الحياة الكريمة للشعوب، جاء ذلك خلال كلمتها يوم الاثنين الماضى في افتتاح فعاليات المؤتمر السنوى الواحد والعشرون للمركز القومى للبحوث الاجتماعية والجنائية بعنوان "مسارات المستقبل ما بعد جائحة كورونا"، وذلك في الفترة من 27 - 29 سبتمبر 2021 برعاية نيفين القباج وزيرة التضامن الاجتماعي ورئيس مجلس إدارة المركـز، وتحت إشراف الدكتورة هالة رمضان مدير المركز.

تقول دكتورة حنان أبو سكين، أستاذ العلوم السياسية بالمركز القومى للبحوث، يأتى المؤتمر فى إطار الجهود التى تبذلها الحكومة لتحقيق الأهداف الاستراتيجية المتوافقة مع رؤية 2030 لتشكيل مجتمع مابعد كورونا، ولقد ناقش المؤتمر ملامح سيناريوهات المستقبل فى مجالات الحياة المتعددة خاصة تلك التى غيرت من أنماط تفاعلاتها عقب انتشارالوباء وكذلك سيناريوهات استدامة تلك التغيرات التى طرأت فى مجالات الحياة على تنوعها (سياسيًا – اجتماعيًا – اقتصاديًا – ثقافيًا– بيئيًا – إعلاميًا .... وغيرها).

وتضيف، "أبو سكين"، ناقش المؤتمر من خلال جلساته العلمية وورش العمل التى تضمنها على مدار ثلاثة أيام العديد من الموضوعات المهمة، يأتى من بينها:

- أخلاقيات البحث العلمى فى ظل جائحة كورونا.

- المنظومة الاجتماعية العلمية ومسارات المستقبل.

- جهود بعض مؤسسات الدولة فى مواجهة الجائحة.

- تحولات المجال العام فى ظل جائحة كورونا.

- دور منظومات الاتصال فى التعامل مع جائحة كورونا.

- الرقمنة القانونية.

- انعكاسات الجائحة على الصحة والتعليم.

- التداعيات الاجتماعية والاقتصادية المترتبة على جائحة كورونا.

- مسارات المستقبل ما بعد الجائحة.

مستقبل حق الانتخاب فى ظل جائحة كورونا

وعن الأوراق البحثية التى تم تقديمها فى المؤتمر السنوى تقول دكتورة حنان، الورقة الأولى تحت عنوان "مستقبل حق الانتخاب فى ظل جائحة كورونا" -وهى من إعدها للمؤتمر- لقد أربكت جائحة كورونا حياة ملايين البشر بطرق متعددة وتمثل تحديا كبيرا لإجراء الانتخابات وما تتطلبه من تردد أعداد كبيرة على مقار الاقتراع فتصبح مصدرا لنقل العدوى وتزايد الإصابات، وتم تأجيل الانتخابات فى بعض البلدان أو إجراؤها فى ظل ظروف صعبة، فقد أجلت 16 ولاية بالفعل انتخاباتها التمهيدية للانتخابات الرئاسية فى الولايات المتحدة، وثار جدل كبير حول أسلوب الانتخاب واللجوء للتصويت بالبريد فى الانتخابات الرئاسية كأحد الحلول لتحقيق التباعد الجسدى والتغلب على الزحام أمام مقار الإقتراع، وطالب الباحثون والخبراء فى مجال النظم السياسية بتطبيق بدائل تمكن الناخبين من ممارسة حقهم فى التصويت بآمان فى ظل الجائحة.

وتتابع، زادت الجائحة من الاهتمام والطلب على نقل الخدمات والمعاملات عبر الإنترنت بما فى ذلك التصويت فى سياق الانتخابات، ويقدم إدخال التقنيات الحديثة فرصًا جديدة ومخاطر هائلة فى ذات الوقت مما يتضمن سيناريوهات متعددة بشأن مدى الإقبال على بدائل مختلفة للتصويت التقليدى، وما إذا كان التصويت بالبريد أو عبر الإنترنت سيحسن نزاهة الانتخابات والديمقراطية النشطة أو يقوض ثقة الجمهور ويعرض أمن العملية الانتخابية للخطر، مما يستدعى معرفة السيناريوهات المختلفة لكيفية التصويت فى ظل جائحة كورونا.

وتضيف، تعد الانتخابات فرصة للمواطنين لإنهاء أو استبدال نائب أو حكومة، هذه الفرصة تضيع لفترة من الزمن إذا ما تم تأجيل الانتخابات لذا يعتبر إجراء الاستحقاقات الانتخابية رغم الجائحة ضرورة لأنها أساس شرعية السلطة فى أى نظام سياسى، ولضمان عمل المؤسسات الديمقراطية وتحقيق الاستقرار السياسى خاصة فى ظل الظروف الاستثنائية التى فرضتها الجائحة الصحية وما يرتبط بها من اتخاذ قرارات هامة قد تؤثر على مصير شعوب بأكملها. وتوضح البيانات الصادرة عن المؤسسات البحثية أنه فى الفترة من 21 فبراير حتى 25 أغسطس 2020 تم تأجيل الانتخابات العامة والإقليمية الفرعية فى سبعين (70) دولة وإقليم على الأقل بسبب مخاوف من انتشار جائحة كوفيد-19، من بينها ثلاثة وثلاثين (33) دولة وإقليم على الأقل تم تأجيل الاستفتاءات والانتخابات العامة بها، بينما تم إجراء الانتخابات العامة والإقليمية الفرعية فى خمسة وخمسين (55) دولة وإقليم على الأقل فى المواعيد المحددة لها رغم المخاوف من الوباء، من بينها سبعة وثلاثين (37) دولة على الأقل أجرت انتخاباتها العامة أو استفتاءات على دساتيرها، أما البلدان التى تم تأجيل الانتخابات بها سابقًا بسبب مخاوف تتعلق بانتشار جائحة كوفيد-19، ثم أجرتها بعد فترة فتبلغ عشرين (20) دولة وإقليم، من بينها اثنى عشر (12) دولة على الأقل أجرت انتخاباتها العامة أو استفتاءات على دساتيرها .

وأشارت دكتورة حنان إلى أن ما سبق يعنى أن للجائحة تأثير حاد على مدى قدرة الدول على الوفاء بالاستحقاقات الانتخابية وفقاً لمواعيدها الدستورية والقانونية، وتتميز الانتخابات الديمقراطية فى أفضل حالاتها بالإقبال الكبير ومستويات متقاربة من مشاركة مجموعات مختلفة فى المجتمع، بدون ذلك فإن نتيجة إجراء انتخابات أثناء تفشى الوباء يمكن أن تقوض، أو يُنظر إليها على أنها تقوض هذا الجانب من الديمقراطية من خلال محدودية المشاركة، وقد يكون المواطنون أقل احتمالا للتصويت إذا كانت الأولوية صحتهم وصحة أفراد أسرهم.

نموذج الولايات المتحدة فى التصويت بالبريد

وأضافت دكتورة حنان أن الورقة البحثية تضمنت شرح التجارب الدولية فى استخدام بدائل التصويت التقليدى، كنموذج إستونيا فى التصويت عبر الإنترنت، وتوصف إستونيا بأنها أول "جمهورية رقمية" فى العالم، وقد قامت برقمنة 99٪ من خدماتها العامة، وتحقق أحد أعلى درجات الثقة فى الحكومة فى الاتحاد الأوروبى، وهناك نموذج الولايات المتحدة فى التصويت بالبريد، فلقد جرت الانتخابات الرئاسية فى 3 نوفمبر عام 2020 ولعدد من الأسباب أبرزها انتشار الوباء كان التصويت عبر البريد قضية مثيرة للجدل أكثر من أى وقت مضى، فقد شهدت الانتخابات انقسامات حادة بين الناخبين الذين أيدوا جو بايدن ودونالد ترامب حول جميع جوانب عملية الانتخابات والتصويت تقريبًا، بما فى ذلك ما إذا كانت أصواتهم قد تم عدها بدقة، وقرب إجراء الانتخابات الرئاسية سمحت 34 ولاية بالإضافة إلى مقاطعة كولومبيا فى منتصف 2020 للناخبين بطلب الاقتراع الغيابى فى الأسابيع التي تسبق الانتخابات، وكانت كاليفورنيا أول ولاية تقدم طلبات التصويت بالبريد وشملت حوالى 20 مليونًا من سكان الولاية وسهلت 11 ولاية أخرى طلب الاقتراع الغيابى ويرجع ذلك فى جزء كبير منه إلى القلق بشأن فيروس كورونا .

وفى ضوء تزايد تداعيات الجائحة الصحية سمحت جميع الولايات الأمريكية للناخبين بإمكانية التصويت عبر البريد لمن يرغب مع شروط مراعاة القواعد الحاكمة لموعد التصويت المبكر، فكل ولاية لها موعد محدد لبدء التصويت المبكر عبر البريد أو فى مراكز الاقتراع، وبعضها يضع شروطًا محددة ترتبط بالتصويت بالبريد، منها ضرورة وصول بطاقة الاقتراع بالبريد قبل موعد يوم الانتخابات 3 نوفمبر، أو فى اليوم نفسه، وبعض الولايات يسمح بوصول بطاقات الاقتراع بعد يوم الانتخابات بشرط أن يكون مسجلًا عليها تاريخ الإرسال قبل يوم الانتخابات .

وأصبحت خدمة بريد الولايات المتحدة (USPS) مركزًا لعاصفة سياسية قبل إجراء الانتخابات بعدة أشهر، لدرجة أن رئيسة مجلس النواب نانسى بيلوسى استدعت مجلس النواب من عطلته فى أغسطس للتصويت على تشريع يهدف إلى دعم الخدمة. وأقر مجلس النواب الذى يسيطر عليه الديمقراطيون حزمة إغاثة من فيروس كورونا بقيمة 3 تريليونات دولار والتى تضمنت تمويل التصويت البريدى الموسع، والذى عارضه الجمهوريون لأن الديمقراطيين المسجلين الذين طلبوا بطاقات الاقتراع البريدية أكثر من الجمهوريين المسجلين فى العديد من مناطق البلاد، وأشار مسئولون فى الحزب الديمقراطى إلى أن ترامب الجمهورى اعترف بأنه تعمد تخريب خدمة البريد لتعزيز فرص إعادة انتخابه، كما عين ترامب لويس ديجوى المنتمى أيضاً للحزب الجمهورى فى منصب مدير مكتب البريد الأمريكى فى يونيو 2020. وفى أقل من شهرين بصفته مديرًا عامًا للبريد، قام ديجوى بمنع عمال البريد من العمل لساعات إضافية أو القيام برحلات إضافية لتسليم البريد فى الوقت المحدد، وأقال أو أعاد تعيين 23 مديرًا تنفيذيًا من أجل تركيز السلطة حوله، وقد حث العديد من النواب الديمقراطيين مكتب التحقيقات الفيدرالى على التحقيق فيما إذا كانت تصرفات ديجوى قانونية .

بناء على ما سبق، انتقد الرئيس السابق ترامب التوسع فى التصويت بالبريد فى الانتخابات الرئاسية مدعياً أنه يؤدى إلى عمليات تزوير واسعة النطاق. فقد تعرضت السلطات الانتخابية والخدمات البريدية لضغوط هائلة أثناء معالجة الملايين من بطاقات الاقتراع الإضافية، وقد أدى ذلك إلى ادعاءات بأن النظام غير آمن وقابل للتلاعب . وادعى بشكل شبه يومى دون أدلة محددة أن التصويت بالبريد سيؤثر على نتيجة الانتخابات الرئاسية، وتوقع أن يتم طباعة ملايين بطاقات الاقتراع عبر البريد من قبل دول أجنبية ، وشجع الناخبين فى ولاية كارولينا الشمالية على اختبار النظام من خلال التصويت مرتين - مرة بالبريد ومرة واحدة شخصيًا- مما يعد غير قانونى . وحرصت حملة ترامب بشكل كبير على منع توسع التصويت عبر البريد فى جميع أنحاء البلاد لدرجة أنها قدمت طعونًا قانونية فى عدد من الولايات مثل مونتانا لأن الحاكم ستيف بولوك المنتمى للحزب الديمقراطى أقر تشريعًا يسمح لجميع مقاطعات الولاية بالتحول إلى نظام التصويت عبر البريد بشكل أساسى، ورفض القضاء طلب ترامب لأنه الزعم بأن الانتخابات ستقع فريسة لتزوير الناخبين لا أساس له.

يتمثل جوهر القضية فى تخوف الجمهوريين من أن الاقتراع عبر البريد يؤدى إلى زيادة أصوات الديمقراطيين، وأن المجموعات التى تصوت عادة بأعداد أقل سوف يدلون بأصواتهم الغيابية بسبب سهولة القيام بذلك. وهذا يشمل الشباب، وذوى الدخل المنخفض، والأقليات ومن لا تتوفر لهم وسائل النقل وهى الفئات التى تفضل التصويت للمرشح الديمقراطى جو بايدن وفق نتائج استطلاعات الرأى. ويمثل أعضاء الحزب الديمقراطى 44,1٪ من إجمالى من طلبوا التصويت عبر البريد مقابل 25,7٪ للجمهوريين المسجلين . ومع ذلك، فإن إحدى المجموعات التى تستفيد من الاقتراع الغيابى هى كبار السن وكذلك المرضى وذوى الاحتياجات الخاصة وأولئك الذين لا يستطيعون القيادة. وتمثل بطاقات الاقتراع عبر البريد وسيلة لهؤلاء لممارسة حقوقهم الدستورية فى وقت الانتخابات. ويعتبر تزوير اسم على بطاقة اقتراع بالبريد، أو انتحال شخصية شخص آخر، أو سرقة أوراق الاقتراع ، أو خداع شخص ما بشأن بطاقة الاقتراع الخاصة به جريمة جنائية.

من زاوية أخرى، تتفق عدة دراسات على أنه لا يوجد دليل على أن الاقتراع بالبريد يزيد من التزوير الانتخابى نظرًا لوجود العديد من إجراءات الحماية ضد التزوير لتجعل من الصعب انتحال شخصية الناخبين أو سرقة بطاقات الاقتراع. تتضمن تلك الإجراءات مطالبة الأشخاص الذين يطلبون بطاقات الاقتراع الغيابى بأن يكونوا ناخبين مسجلين، وإرسال بطاقات الاقتراع بالبريد إلى العنوان الرسمى المدرج فى قوائم تسجيل الناخبين، وطلب توقيعات الناخبين على المظروف الخارجى، وجعل السلطات الانتخابية تتأكد من أن الاقتراع جاء من عنوان الناخب الفعلى. وإذا بدت بطاقة الاقتراع مشكوكًا فيها تستخدم بعض الولايات تقنية مطابقة التوقيع للتحقق من توقيع الناخب. هذه الخطوات تجعل من الصعب حدوث تزوير على نطاق واسع. حتى إذا أراد شخص ما الانتظار عند صندوق البريد حتى يتمكن من سرقة أوراق الاقتراع ، فلن يعرف أبدًا اليوم الذى ستصل فيه أوراق الاقتراع الغيابى لأن الناخبين يمكنهم طلبه لعدة أسابيع قبل الانتخابات وترسله لهم سلطات الانتخابات فور ورود الطلبات .

لقد تجاوز عدد الناخبين عبر البريد 59 مليون ناخب بينما كان عدد الناخبين الذين توجهوا إلى مراكز الاقتراع المبكر المباشر نحو 34 مليوناً . وتكشف نتائج الاستطلاع الذى أجراه مركز بيو للأبحاث والذى تم إجراؤه بعد الانتخابات الرئاسية فى الفترة من 12 إلى 17 نوفمبر 2020 حول الاتجاهات الأمريكية الممثلة على عينة عشوائية على المستوى الوطنى حجمها 11818 بالغًا أمريكيًا، من بينهم 10399 مبحوثاً صوتوا فى الانتخابات، أن ما يقرب من نصف الناخبين صوتوا عن طريق البريد أو الغائبين بنسبة (46٪)، وما يفسر التصويت بالبريد والتصويت الغيابى بشكل كبير المخاوف بشأن الوباء. وأفاد ( 18٪) منهم بأنهم أدلوا بأصواتهم بالبريد لأول مرة. أما من صوتوا شخصيًا فى مراكز الاقتراع نسبتهم (54٪).

أظهرت النتائج أن التصويت بالطريقة المعتادة كان السبب الأول فى اختيار طريقة التصويت بنسبة (54٪). وذكر(70٪) من الناخبين الذين صوتوا بالبريد أن الشعور بالراحة السبب الرئيسى لاختيارهم البريد. وتبين أن حوالى نصف الناخبين الذين صوتوا بالبريد (52٪) تتبعوا حالة تصويتهم من خلال موقع إلكترونى أو تطبيق ( منهم 58٪ من ناخبى بايدن مقابل 40٪ من ناخبى ترامب).

يلفت النظر أنه رغم التغييرات فى كيفية تصويت الأمريكيين ذلك العام إلا أن أكثر من ثلاثة أرباع المستجيبين (77٪) رأوا إن التصويت فى الانتخابات كان سهلاً للغاية. ذكر ثلثا ناخبى ترامب إنهم صوتوا شخصيًا، مقارنة بـنسبة 42٪ من ناخبى بايدن . ومن بين الناخبين الذين صوتوا شخصياً فى مراكز الاقتراع قال (68٪) ممن صوتوا لصالح ترامب إن المخاوف بشأن التصويت عبر البريد كانت سببًا رئيسيًا فى تصويتهم شخصيًا. وبالمقارنة، فإن نسبة (32٪) فقط من ناخبى بايدن تشير إلى هذا كسبب رئيسى لتصويتهم شخصيًا. كان الناخبون الذين تبلغ أعمارهم 65 عامًا فما فوق أكثر فئة عمرية فضلت التصويت بالبريد بنسبة (55٪) ربما لأنها وسيلة مريحة لا تتطلب منهم جهد الانتقال لمقر الاقتراع، أما من حيث التعليم جاءت نسبة خريجى الجامعات الذين صوتوا عن طريق البريد أعلى من أولئك الذين ليس لديهم شهادة جامعية (53٪ مقابل 42٪).

سيناريوهات ممارسة حق الانتخاب فى ظل جائحة كورونا

تطرح الورقة ثلاثة سيناريوهات تتنوع ما بين السيناريو الاتجاهى أو الخطى ومفاده استمرار الوضع الراهن، والسيناريو الإصلاحى أو التفاؤلى ويهتم بالتصويت عن بعد وهو محل تركيز الورقة باعتباه السيناريو المأمول، ثم السيناريو التشاؤمى. وتوضح دكتورة حنان أنه تتمثل تلك السيناريوهات فى التالى، أولا بقاء الوضع الراهن وإجراء الانتخابات بالطرق التقليدية،

يفسر ذلك السيناريو عدم قدرة الدول على تطبيق بدائل أخرى أو الرغبة فى الحفاظ على نزاهة الانتخابات والنأى بها عن أى تشكيك محتمل فى النتائج إذا ما تم التصويت بالبريد أو عبر الإنترنت، ويمكن أن يؤدى التصويت التقليدى فى مراكز الاقتراع إلى مزيد من تقوية القيمة المجتمعية للمشاركة السياسية التى توفرها الانتخابات، من جانب آخر، يعتمد نجاح ذلك السيناريو على مدى توافر الموارد المالية لهيئة الإدارة الانتخابية لتطبيق الإجراءات الوقائية لضمان سلامة كل من الناخبين والقائمين على إدارة العملية الانتخابية، ثانيا السيناريو الإصلاحى ، يتميز بالتصويت عن بعد هو أساس ذلك السيناريو حيث يعد خيارًا سهلاً لـكبار السن والفئات الضعيفة للمشاركة فى الانتخابات دون الحاجة إلى زيارة مركز الاقتراع ، ومن زاوية أخرى قد تكون التكاليف المالية باهظة، أو الوقت غير كافى للإعداد المناسب من حيث الشراء والتدريب، وتعديل الأطر القانونية، أو عدم الثقة السياسية فى تلك البدائل، ثالثا، السيناريو التشاؤمى،

فى حين أن تأجيل الانتخابات وتقييد الحريات المدنية يمثلان إشكالية فإن إجراء الانتخابات خلال هذا الوقت يمثل مخاطرة أيضًا، ومن ثم ربما تستغل الحكومات غير الديمقراطية أو الأنظمة السلطوية جائحة COVID-19 لتشديد قبضتها فى الداخل وإساءة استخدام السلطة والتذرع بالجائحة لتأجيل أو إلغاء الاستحقاقات الانتخابية أو المماطلة فى إجرائها . يشير تقرير المعهد الدولى للديمقراطية والمساعدة الانتخابية فى الفترة من مارس إلى مايو 2020 أن 66% من الدول التى كان لديها استحقاقات انتخابية قد أجلت الانتخابات بينما كانت نسبة الدول التى عقدت الانتخابات أثناء الجائحة 31% . وفى الفترة بين يناير ويونيو عام 2020، تم تأجيل ما لا يقل عن 10 انتخابات برلمانية، واثنين من الانتخابات الرئاسية، وستة استفتاءات على مستوى العالم وآلاف من الانتخابات المحلية والانتخابات الفرعية بسبب الوباء، على الرغم من الإعلان عن مواعيد جديدة لبعضها، فقد تم تأجيل معظم الانتخابات إلى أجل غير مسمى.

لقد أدى تأجيل الانتخابات إلى أزمة دستورية فى بعض البلدان مثل سيرلانكا، كان من المقرر إجراؤها فى 25 أبريل 2020، ثم تأجلت مرتين إلى أن تم إجراؤها فى 5 أغسطس. تنص المادة 70 من دستور سريلانكا على أنه "يجب إجراء انتخابات عامة وبرلمان جديد فى غضون ثلاثة أشهر من حل البرلمان السابق". وقد تم حل البرلمان فى 2 مارس 2020 ولكن لم يتم إجراء انتخابات فى غضون ثلاثة أشهر مما يخالف الدستور، وأصبح الرئيس غوتابايا راجاباكسا يمارس مهامه دون إشراف برلمانى .

وتتابع، يعضد ذلك السيناريو التشاؤمى أن على الأرجح لن يكون هناك رد فعل قوى فى الداخل أو من المجتمع الدولى بسبب أن الاحتجاجات أو المظاهرات الجماهيرية غير مسموح بها أو ستخاطر بصحة الناس، إن فيروس كوفيد -19 يستهلك قادة العالم والرأى العام العالمى، مما يجعل من الممكن للحكام المستبدين اتخاذ إجراءات تقوض مفهوم الديمقراطية . فالأزمات الطويلة والممتدة تزيد فرص الحكومات غير الديمقراطية لتقويض المعارضة المحلية وتقليص الحريات المدنية .

كما وضعت العديد من البلدان فى إفريقيا وأمريكا اللاتينية تشريعات تنص على أنه لا يمكن مخالفة الحكومة - بذريعة مكافحة الوباء بشكل أكثر فعالية- لكن يخشى بقاء هذه التشريعات حتى بعد الأزمة لإسكات المعارضة. ومن الصعب تقييم مدى التجاوزات المرتبطة بـالجائحة، لأن الأزمة لم تنته بعد والعديد من البلدان تحجب المعلومات الأساسية لكن بعض الاتجاهات نحو النزعة السلطوية أصبحت أكثر وضوحاً .

وفى ختام الورقة البحثية تقول أستاذ العلوم السياسية، أن إتاحة التصويت فى الانتخابات عن بعد سواء بالبريد أوعبر الإنترنت إلى جانب التصويت التقليدى يقدم خياراً آمن إلى حد كبير للمواطنين للتصويت وهو السيناريو الأرجح مما يقلل من احتمالية تعرض حياة الناخبين للخطر فى الوباء الحالى من خلال إجبارهم على الذهاب إلى مراكز الاقتراع والمخاطرة بهم، وكلما طال أمد أزمة COVID-19 زادت احتمالية رؤية التطورات تسير فى هذا الاتجاه، وحتى البلدان التي ليس لديها تصويت بالبريد أو عبر الإنترنت فى الوقت الحالى يمكن أن تستفيد من تلك السيناريوهات مستقبلاً، وعند طرح فكرة التصويت عبر الإنترنت غالباً ما يكون قادة الفكر المتحمسين الذين يتبنوا التغيير جنبًا إلى جنب مع بعض المشككين فى التحول إلى المسار الرقمى ودائمًا ما يجدون الأسباب المحتملة لكونها فكرة سيئة لكن كانت دولة إستونيا تفكر خارج الصندوق وتتحدى القواعد، فقد نجحت فى إنشاء نظام تصويت عن بُعد يمكنه معالجة العديد من المخاوف بشأن الانتخابات فى عالم ما بعد فيروس كورونا.

وتضيف أبو سكين، إن الاختلاف الرئيسى فى التصويت بشكل عام بين النموذجين الأمريكى الذى يستخدم البريد والإستونى الذى يستخدم الإنترنت ،أن الولايات المتحدة لا مركزية للغاية، مما يعنى أن الأمر متروك لكل ولاية لتحديد كيفية إجراء التصويت على الرغم من أن الولايات المتحدة تعتبر اللا مركزية أمرا إيجابيا، مما يعنى أنه من الصعب استهدافها من خلال القرصنة المباشرة لأنظمة التصويت.

وإذا كانت الولايات المتحدة ستتبع نهجا مشابها كما تفعل دولة إستونيا فمن المحتمل أن تبدأ على مستوى الدولة ككل، وتتابع، مجمل القول أن الأساس المهم للتصويت بالبريد هو كفاءة الخدمة والتحقق من صحة الأصوات أما جوهر التصويت اللاأمن عبر الإنترنت هو الهويات الرقمية والتوقيعات الرقمية.

أضف تعليق

تدمير المجتمعات من الداخل

#
مقال رئيس التحرير
محــــــــمد أمين
إعلان آراك 2