فى قلب المعركة

فى قلب المعركةعاطف عبد الغنى

الرأى1-10-2021 | 13:49

(1)

حسب التراتب الزمنى للمواليد هناك 3 أجيال متداخلة الآن، وُلد أبناء الجيل الأول منها قبل حرب أكتوبر 1973 بقليل، وعاصروها أطفالا غير مدركين للحدث إدراكا حقيقيا أو كاملا، وجيلان آخران ولدا بعدها، وحسب التسميات الغربية لهذه الأجيال التى يشار إليها بالحروف الأبجدية اللاتينية، فهى على الترتيب: «جيل إكس، وجيل واى، و جيل زد X Y Z»، والجيل إكس يتشكل من مواليد الفترة 1964 إلى 1980 من القرن العشرين، ويأتى بعده جيل «واى» أو جيل «الألفية» ويتكون من الأشخاص الذين ولدوا فى الفترة ما بين 1981 و1996، والجيل الثالث «جيل زد» يتشكل من مواليد الفترة من 1997 حتى عام 2012، وكل جيل من الأجيال الثلاثة السابقة تشكل وعيه عن حرب أكتوبر، خلال سنوات النضج فى عمره وما بعدها من الإعلام، ووسائل الإعلام فى الأجيال الثلاثة مختلفة اختلافات كبيرة، ونستطيع أن نجزم أنها تقدمت بطفرات وقفزات رهيبة، بدأت مع الراديو، والبدايات الأولى لظهور التليفزيون وإطلاق بثه فى مصر (بداية الستينيات)، وإلى الثورة المعلوماتية، أو ثورة العالم الرقمية وعالم الهواتف الذكية و تكنولوجيا الاتصال التى ولد معها أبناء «الجيل زد»، والغريب أن وعى جيل الراديو والتليفزيون الأسود والأبيض عن انتصار أكتوبر العظيم أكبر – بدرجة لا تقارن – من وعى الجيل الذى توافرت له وسائل الاتصال التى تضع العالم عند أطراف أصابعه، وإن شئنا الدقة، نستطيع أن نقول إن هذا الانتصار العظيم خارج دائرة اهتمام هذا الجيل، ونزيد فنقول أن مصادر خارجية تستغل وسائل الاتصال والمعلومات التى يتعامل معها هذا الجيل وتزيف له الحقيقة بادعاء أن مصر لم تنتصر فى هذه المعركة، وهى معركة ضمن حرب الصراع العربى الإسرائيلى.

(2)

انتصرنا فى أكتوبر 73، لكن – بصراحة– نحن مهزومون فى معركة الإعلام، والإعلام هو الذى يشكل الوعى، والمهزوم يسرق منا انتصارنا، ليهزمنا فى جوانب أخرى غير الجانب الدعائى، والسرقة هذه المرة غالية، لأنه يخطط لسرقة أخواتنا، وأبنائنا، بعد أن يشوش بالهم، ويأخذهم إلى صفه، فيعجبوا به، وإذا حدث هذا يسلموا له عقولهم، وقيادتهم، وهنا تكون الطامة الكبرى، أن نكون تابعين، وليس ندا، أن نفتقد سلاح الإعلام أخطر أسلحة حروب الجيلين الرابع والخامس، والتسمية هنا تتعلق بوسائل، وآليات الحرب، وليس الأجيال البشرية.

(3)

دعنى أقل لك شيئا عن سمات أصغر الأجيال الثلاثة التى ذكرتها أول المقال وهو ال جيل زد (z) ويزيد أفراده على نصف عدد سكان مصر، ويقول الخبراء إن أبناء هذا الجيل مبدعون، فقد نشأ أفراده على مجموعة من منصات التواصل التى تقدم طرقًا متعددة لتوجيه الإبداع والتعبير الشخصي، سواء كان ذلك فى ترميز المنشورات أو تحرير الفيديو على “يوتيوب” أو استخدام “سناب شات”، لكنهم يقولون عنهم أيضا إنه فى الوقت الذى يبدو فيه أبناء هذا الجيل أكثر تشبيكًا بالعولمة ومظاهرها وقيمها، فهم منفصلون – على نحو ما – عن مجتمعاتهم المحلية، ومعنى ذلك أن عيونهم، وآذانهم، موجهة للخارج، خارج البيت الكبير، أو الوطن، ويؤكد هذا الخبراء، حين يقولون إن 51 ٪ من هذا الجيل هم أصدقاء مع شخص يعرفونه فقط عبر الإنترنت ولم يلتقوا به شخصيًا، ونصفهم يثقون فى شخص يقابلونه عبر الإنترنت أكثر من شخص يقابلونه شخصيًا.

(4)

ويا خبراء الإعلام، وأساتذته، وأوسطواته، ماذا وضعتم من نظريات؟!، وماذا صممتم من برامج «عملية» للتواصل مع كل الأجيال التى يشكل أفرادها الحياة المعاشة الآن، فى مصر والخارج؟!، وماذا فعلتم تحديدا مع أبناء ال جيل زد من المصريين والجيل المولود بعده الذى يتعامل مع «الآيفون» كتعامل الأجيال المولودة فى الخمسينيات والستينيات مع «البنبون والنداغة»؟!

وسبب السؤال هو أننا بالفعل الآن فى قلب المعركة وأخطر أسلحتها الإنترنت، والدش، والتنشين فيها على العقول، المستهدف غسلها من الأعداء، لحشوها بأفكار ما بعد الدولة الوطنية.. وما بعد الدولة الوطنية هو خلق أجيال بلا جذور، أجيال فى الهواء.

أضف تعليق

حظر الأونروا .. الطريق نحو تصفية القضية الفلسطينية

#
مقال رئيس التحرير
محــــــــمد أمين
إعلان آراك 2