48 عاما مرت على حرب أكتوبر المجيدة، أجيال وراء أجيال، وكم عقد من الزمان، ولكن ما زالت ذكراها معنا وفى قلوبنا وعقولنا عشناها ونحن فى بداية الشباب، وعشنا قبلها سنوات الهزيمة وطعمها وهوانها على النفس وبعدها حرب الاستنزاف وإعداد البلاد لرد الاعتبار. كان لنا فى كل بيت قصة وكل شارع حكاية منها ما يدور فى كل بيت ونحن ما زلنا مقبلين على الحياة.
لنا أشقاء وأقارب إما حارب فى 67 ومنهم من استشهد، ومنهم من أسر ومنهم من عاد بجرح وإصابات، وفى النهاية لم يصمد وانتقل إلى رحمة الله، وسمعنا من كل ما تم وراء كل باب فى مصر حكاية عن 67 ومرارها وقسوتها.
وأيضًا مررنا بسنوات صمت وبكاء، وتم الاستعداد ل حرب الاستنزاف التى أيضًا تعج بالبطولات والأحداث الفردية والنماذج التى كانت تعمل فى صمت من أجل الإعداد للدولة القادمة حتى لا يعلمها إلا القائد أو رجال قليلون يعدون العدة لهذه الخطوات والمراحل القادمة.
مصر لا تنكسر، ولكن خسرت معركة فى حرب مستمرة ولنا جولات وهذه هى عقيدة العسكرية المصرية التى، لا تنكسر أبدا ويعلمها جنودها ورجالها الأوفياء.
مرت سنوات الاستنزاف والكل يسأل متى ساعة الصفر ومتى الثأر لعودة الأرض والعرض وأن يرد الصاع صاعين وبدأت يلوح فى الأفق ملامح أن ساعة الحساب قادمة.
وكانت الحرب التى استعد لها جنودنا وكان وراءها فكر وتخطيط واستعداد وتمويه لم يصل إليه أحد وفاجأنا الجميع.
وعبر الرجال وتحطمت الأسطورة من الظهر، وكانت منظومة أذهلت العالم، لم تكن مفاجأة فحسب بل كانت زلزالا هز العالم، ورفع علم مصر على أرضنا فى سيناء وتحطمت تحصينات خط بارليف الشهير الذى كانت تتحدث عنه إسرائيل وعن تحصيناته وأنه لا يمكن أن يتخطاه بشر لما أعد به من تجهيزات.
هى درس من دروس العسكرية المصرية التى تدرس حتى الآن فى كل الأكاديميات العسكرية، كانت تحديا كبيرا ونصرا من الله لمصر وللعرب وكان لوحدة العرب كلمة وتأثير فى هذه المرحلة، ودور السعودية و الكويت و سوريا و العراق و الإمارات ومشاركة من معظم الدول العربية وأهمها وقفة الملك فيصل الشهيرة رحمة الله عليه والشيخ زايد بن سلطان رحمة الله عليه.
الحقيقة أيام لا تنسى، قد لا يعرف الكثير من الشباب عن هذه الأيام الكثير، وهذا شىء صعب، فيجب أن يعلم كل مصرى من اختلاف الأعمار تاريخنا ومعاركنا الهامة لأنها صفحات هامة ومناطق نتعلم منها الدرس أن الحرب لها تكلفة أحيانا كثيرة، وضرورة لابد منها.
وهذه الأمور تنمى الانتماء وتكون الشخصية، ومازلنا حتى هذه الفترة لم نقدم حرب 73 بالشكل اللائق سينمائيًا أو من خلال أدوات الثقافة المختلفة لأنها تحتوى على أمور تستحق التسجيل ويكتب التاريخ بعد فترة، وقد آن الأوان لإظهار هذه المرحلة بالشكل الذى تستحقه.
لأننا نسجل فترة من أهم فترات مصر وأعتقد أن ما حدث فى الربيع العربى يؤكد أن مصر أكملت مهمتها فى حرب أكتوبر بل وبعدها حافظ الجيش المصرى على تطوير قدراته وحمى مصر خلال فترات الخطر فى كل تاريخ مصر، وأعتقد أن السنوات الماضية تشهد بذلك.
وما يقوم به الرئيس السيسى من إعداد وتجهيز وتطوير جيش مصر ليؤكد أهمية العسكرية المصرية وأنها خط الدفاع الأول.
العسكرية المصرية شرف، انتماء، تضحية، فداء، غير عنصرية ولا قبلية بل عسكرية وطنية، نموذج نفتخر به كتحية واجبة لكل عسكرى مصرى فى هذه الذكرى الجميلة والعظيمة.. حمى الله مصر ورجالها الأوفياء ، ورحمة ودعاء لكل شهيد حمى مصر وقدم روحه فداء لبلده.