المراسلون الحربيون «الجندى المجهول» فى معركة النصر

المراسلون الحربيون «الجندى المجهول» فى معركة النصرحرب أكتوبر

مصر5-10-2021 | 20:13

لعب الإعلاميون والصحفيون الذين عملوا كمراسلين حربيين، دورا قويا فى ميادين القتال، وخاصة حرب أكتوبر 1973، ليس بالرصاص والبنادق، ولكن بأقلامهم التى سجَّلت ملامح بطولية لا تُنسَى لجنودنا البواسل، وأيضا لعبت الكاميرا دورا بارزا فى هذه الحرب، حيث سجلت لقطات يشهد لها التاريخ، ونتعرف على هؤلاء المحاربين فى السطور التالية.

حمدى الكنيسى

عمل الإذاعى الراحل حمدى الكنيسى كمراسل حربى للإذاعة المصرية وقدم حينها برنامجى «صوت المعركة»، و «يوميات مراسل حربى».

وتحدث رئيس الإذاعة الأسبق فى كتابه «الحرب عن طريق السلام» عن حرب أكتوبر، ونال عليه جائزة أفضل كتاب عام 1997، وكرمه الرئيس أنور السادات تقديرا لجهوده التى قدمها كمراسل حرب يحارب من خلال أدواته، ومن خلال البرامج التى لعبت دوراً مهماً فى رفع الروح المعنوية للجنود، إضافة إلى خلق حالة من الالتفاف والتواصل بين الجبهة والشعب، مما أعطى شعوراً بأن الكل يحارب.

وقال فى أحد لقاءاته، إنه كان ضمن مجموعة من الأدباء الذين قاموا بجمع توقيعات فى نهاية عام 1971 من أجل حث الرئيس السادات على الحرب، وقلنا له «هتحارب امتى ياريس، فالشعب كله كان قلقا وينتظر كلمة واحدة وهى الحرب».

وتحدث عن الحرب وتغطيته لها قائلا: «بمجرد اندلاع الحرب مباشرة اتجهت لرئيس الإذاعة وقتئذ الإذاعى الراحل محمد محمود شعبان «بابا شارو» وقلت له أريد أن أتحرك لأكون المراسل الحربى للإذاعة، ووافق بالفعل معبرا عن إعجابه بموقفى، وقلت له سأطالب باستدعائى للقوات المسلحة للقيام بهذا الدور، وساعدنى بالتواجد فى المكتب العسكرى داخل ماسبيرو.

وتابع: كان بالمكتب فى هذه الفترة الفنان أحمد بدير، والإعلامى أحمد سعيد، لكننى كنت أتحرك كل يوم بعد الفجر من القاهرة إلى الجبهة لأسجل لقاءات وبطولات مع جنودنا البواسل وأعود مع آخر ضوء إلى القاهرة لأفرغ تلك التسجيلات فى مبنى الإذاعة والتليفزيون، وفى ذلك الوقت كنت أنا المذيع الوحيد الذى له برنامجان بإذاعتين.

واختتم حديثه: على الرغم من أن هذه العملية مرهقة إلا أننى كانت تغمرنى سعادة كبيرة لأننى أقوم بعمل وطنى، كما أننى لم أشعر بالجوع فى فترة الصيام، وذلك لأننى كنت أرى أمامى أناسًا تُضحى بحياتها ببساطة لمجرد حبها للوطن.

جمال الغيطانى

يعد الكاتب والروائى الراحل جمال الغيطاني، أحد المراسلين الحربيين الذين وثقوا بأقلامهم تفاصيل ملحمة العبور، حيث كان ‏يعمل وقتها مراسلا صحفيا حربيا لجريدة أخبار اليوم، وشارك فى حرب الاستنزاف، ثم حرب ونصر أكتوبر العظيم، خلال الفترة ما بين عامى 1969 ـ 1974 والتى رصد فيها الأحداث والتطورات العسكرية على الجبهة.

وصدر له كتاب «على خط النار يوميات حرب أكتوبر»، والذى يعد جانبا من رسائل الغيطانى الصحفية التى أمد بها جريدة «الأخبار»، وحرص فى كتاباته من الجبهة، على تدوين بطولة الإنسان المصرى ممثلا فى الجندى المقاتل، الذى تعرض عقب 1967 لحرب نفسية مكثفة لنزع الثقة وتصوير المصريين باعتبارهم شعبا لا يجيد القتال، فإن أجاد الفن والحضارة، فإن الأمر لا ينطبق على قدرته على درء العدوان، وهو ما حرصت إسرائيل والداعمون لها على تكريسه بشكل ممنهج لنزع الثقة وإحباط أى محاولة لتحرير الأرض، وهو الأمر الذى جعله يحرص على إبراز بطولة الرجال ممن جاءوا من مختلف ربوع مصر.

وكان الغيطانى يروى دائما عن الحرب والدور البارز الذى لعبه الطيارون المصريون فى 1973، وكيف كان للطيار المصرى دور مهم فى رفع الروح المعنوية لدى المصريين، وبطولات قوات الدفاع الجوى فى إسقاط طائرة استطلاع متقدمة بمقاييس الوقت، كان اسمها «ستراتو كورز» وكان إسقاطها صعباً لما تحمله من إمكانيات متقدمة، وكان فى ذات الوقت موجوداً بقاعدة أبو صوير عندما تم إسقاطها واعتبر هذه اللحظة محطة فارقة فى تاريخ الحرب.

ولفت إلى موقف آخر عندما تم تضليل صاروخ مضاد لقواعد الصواريخ الموجودة بين القوات المصرية وكان اسمه «سترايك» وتم إطلاقه لرصد الإشارات المنبعثة من قواعد الصواريخ المصرية ويحفظها، هكذا يظل متجهاً إليها حتى إذا التزمت القواعد بالصمت الراداري.

وتحدث عن حصار منطقة «كبريت»، والتى أظهرت بسالة وجدية المقاتل المصرى أثناء حرب أكتوبر، وظهر ذلك فى صمودهم أمام الحصار، والذى كان أطول حصار خلال الحرب، حيث استمر 134 يومًا مات خلالها الناس جوعًا، ورغم ذلك لم يسقط علم مصر عنها، كما ذكر أن أحد الجنود ظل على جبل عتاقة طوال هذه الفترة، وكان يتغذى على ورق الشجر.

وحينما سئل الغيطانى عن المشهد الأخير الذى سيظل ماثلا أمام عينيه فأجاب: «إنه مشهد العلم المصرى مرفوعا على الضفة الشرقية للقناة على حطام خط بارليف فهو علم رفع فى القتال وليس فى احتفال»، بحسب ما سطر فى يومياته عن الحرب.

صلاح قبضايا

رشحه مصطفى أمين، كى يلتحق بجريدة الأخبار كمراسل عسكرى لها فى أوائل الستينيات، وبالفعل شارك فى عدد من الحروب، ‏وأصيب فى حرب اليمن.‏

ويعد كتابه «الساعة 1405» أول كتاب عن حرب أكتوبر 1973 وأهم المراجع عنها، والتى نوه فيه ‏إلى عظمة حرب أكتوبر التى أبرزت مدى صمود المقاتل المصري، موضحًا أن إرادة ‏الإنسان المصرى تغلبت على كل المعوقات والصعوبات التى واجهته.‏

وتحدث فى كتابه عن الضابط الذى ابتكر خراطيم المياه لفتح السواتر الترابية فى خط بارليف الحصين، ‏مؤكدًا أنه تمكن من فتح ثغرات بواسطة طلمبات أو ماكينات ضخ للمياه، والذى أدى إلى انهياره فى ‏لحظات معدودة.‏

وفى كتاب آخر له بعنوان: «مشاهد الضربة الجوية» تحدث عن الضربة الجوية وعملية العبور، و‏الساتر الترابى وتحصينات خط بارليف، وكيف خالف قائد القوات الجوية كل المعارضين للعمليات ‏الهجومية.‏

حمدى لطفي

عمل حمدى لطفى مراسلا عسكريا لدار الهلال، والذى كان يوصف بأنه عميد الصحفيين المصريين المتخصصين فى الشؤون العسكرية، وتحدث عن الدور البارز الذى قامت به الدبابات المصرية فى حرب أكتوبر على المستوى التكتيكى العسكري.

وروى عن إصرار المقاتلين المصريين الذين قاتلوا لمدة 48 ساعة فى بداية الحرب دون إن يتناولوا وجبة طعام واحدة أو شربة ماء، بل أن أكثرهم قضى فى هذه الحرب مائة ساعة متصلة بلا نوم.

عبده مباشر

واحد من أبرز المراسلين العسكريين الذين كتبوا عن نصر أكتوبر، وخلال الحرب كان رئيسًا للقسم العسكرى بجريدة الأهرام والجمعية العمومية حتى ‏عام 1977، وكان ضمن المقربين ‏من الرئيس الراحل محمد أنور السادات.‏

وكان يلقب الرئيس السادات بـ «رجل الأقدار»، واعتبر انتصار أكتوبر هو الابن الشرعى له، ‏وحكى عن مغامراته فى وقت الحرب بكتابه «رجال أكتوبر»، الذى أشار فيه إلى أن بداية انضمامه ‏كمراسل حربى للجيش، كان وقت حرب الاستنزاف، حينما التحق بالجنود على الجبهة وانضم للمجموعة ‏‏39 قتال.‏

وروى أن من المواقف العصيبة التى رآها، الهجوم الذى وقع على مركز عمليات بثلاث دبابات ‏إسرائيلية، وقام وقتها أحد الجنود المصريين، بدون أوامر بلف لغم على جسده، ونام تحت الدبابة ‏الإسرائيلية ليكون شهيدًا للوطن.‏

والثانى جلس فى وضع قتالي، وأصاب الدبابة الثانية فتوقفت، إلا أن قذيفة أحد الجنود الإسرائيلية أردته قتيلاً، قبل أن يلاحقه جندى مصرى لقتله، أما الدبابة الثالثة فولت هاربة إلى أن تعقبها مقاتل مصرى وأصابها من الخلف، ثم ألقى عليها قنبلة فاحترقت بمن فيها.

ويحكى موقف آخر، وهو أنه عندما وصل لقطاع إحدى الفرق فى منطقة بين الجيش الثانى والثالث، وهى منطقة واسعة ومفروشة بالألغام، وكان وقتها يمارس عمله كمراسل حربى فوجئ بلواء إسرائيلى يضغط على القوات وتم حصارهم جميعا وقتها، حيث بدأت القوات الإسرائيلية هجوماً مضاداً من هذه المنطقة، ووقتها تخلى «مباشر» عن عمله كمراسل حربي، وأمسك بالسلاح وحارب مع القوات.

وكان وقتها أمامه أن يحصل على سلاح جندى شهيد على الأرض، وهو عبارة عن بندقية روسي، وأمامه أيضا رشاش إسرائيلى مقتول، ولكنه أخذ السلاح المصرى من الشهيد، وبدأ الاشتباك، وبعدها تحرك مع مجموعة الإخلاء عندما كان هناك إخلاء للجرحى، وأكمل مهمته كمراسل حربى حتى وقف إطلاق النار.

المصور مكرم جاد الكريم

يعد المصور الراحل مكرم جاد الكريم، أبرز المصورين فى مصر والعالم، ولقب بـ «قناص اللحظات الصعبة»، حيث كان مراسلا حربيا ومصورا عسكريا بجريدة أخبار اليوم من خلال تغطيته 5 حروب وهى «اليمن، الاستنزاف، تشاد، الخليج، وحرب 1973»، فضلا عن لحظة اغتيال الرئيس الراحل محمد أنور السادات، والتى اشتهر بها، ونال بسببها مجموعة من الجوائز المحلية والدولية.

وكان جاد الكريم أول صحفى يدخل الجبهة فى سيناء ويسجل لمصر لحظات الانتظار وتكون صورة الجندى الرافع أصابعه بعلامة النصر من أشهر صور الحرب المجيدة من على شط قناة السويس وتسجل العبور.

أضف تعليق

حكايات لم تنشر من سيناء (2)

#
مقال رئيس التحرير
محــــــــمد أمين
تسوق مع جوميا

الاكثر قراءة

إعلان آراك 2