المشير طنطاوي في حوار مفتوح: السلام لا يعنى الاسترخاء

المشير طنطاوي في حوار مفتوح: السلام لا يعنى الاسترخاءجانب من الحوار

كلما عادت ذكريات نصر أكتوبر أشعر بالزهو.. وأجد قلبى يفيض بالعرفان لكل من ساهم فى صنع هذه الملحمة الخالدة.. وأرى من واجبى أن أحتضن كل جندى وكل ضابط وأن أقف بالاحترام أمام كل شهيد لأقول لهم إننى مدين لهم بما أنا فيه أنا وكل مصرى وكل عربى من كرامة.. وحرية.. هذا يوم القوات المسلحة.. يوم الرجال الذين نعيش فى حمايتهم.. فى الماضي.. والحاضر.. والمستقبل.. وطبيعى أن يكون اللقاء مع القائد العام المشير محمد حسين طنطاوي.


المشير طنطاوى كما تقول عنه مراكز البحوث الاستراتيجية قائد من طراز رفيع.. شخصية متوازنة ومتكاملة.. عقلية منظمة وقادرة على التحليل المنطقى ووضع المقدمات الصحيحة للوصول إلى نتائج صحيحة.. وأهم من ذلك فإن تكوينه العسكرى المنضبط مرتبط بنزعة إنسانية أصيلة تجعله حازما ورحيما فى وقت واحد.. وتجعل جنوده وضباطه يبذلون جهدا فوق طاقة البشر وهم فى غاية الرضا.


لذلك أشعر بطمأنينة شديدة كلما جلست إليه وتأملت ملامحه التى تعكس الهدوء والتصميم.. وألمس فى حديثه كم هو قريب من نبض الشارع.. ونبض جنوده وضباطه.


وفى يوم النصر لابد أن تتدفق الأفكار، وتتشعب الأسئلة.. وكصحفى لا أستطيع أن أترك هذه الفرصة لأسأل فى كل ما يخطر بالبال.


وكان القائد العام كريما معى بأكثر مما توقعت.. فترك الحوار يتدفق بغير ترتيب.. وتحدث بصراحة.. وزيادة فى الكرم وعدنى باستكمال الحديث فى لقاء قادم.


قال المشير فى حديثه عبارات ذات دلالة تحتاج إلى أن نقف عندها طويلا.. قال إن شعار السلام لا يعنى الاسترخاء إنما يعنى فرض واجبات كثيرة تقوم بها القوات المسلحة بكل دقة، وقال إن سياسة القوات المسلحة المصرية تبلورت فى خطوط رئيسية يعرفها كل فرد فى القوات المسلحة ومن حق الشعب المصرى أن يعرفها ليطمئن، وقال إن هناك اختلالا فى موازين القوى فى منطقة الشرق الأوسط، نحن على وعى به ونسعى إلى تداركه، وقال إن هناك تحديات أمنية وعسكرية نتيجة تزايد القدرات العسكرية لبعض دول الجوار، وقال إننا حريصون على السلام.. وإن كانت التصريحات الإسرائيلية المعلنة ليست فى صالح المسيرة السلمية ونأمل أن يأتى التصحيح مع القوى الحريصة على السلام من داخل إسرائيل، وقال إن هناك تعاونا استراتيجيا بين القوات المسلحة والشرطة، وإن الشرطة حققت نجاحا ساحقا فى مواجهة الإرهاب.. والقوات المسلحة تقف صفا ثانيا فى هذه المواجهة، وقال إن القوات المسلحة لها دور دولى فى قوات حفظ السلام.. ولها دور محلى فى مشروعات البناء والتنمية وتنفيذ مشروع حضارى ضخم بالقضاء على الأمية بين المجندين.. وكل ذلك لا يؤثر على المهام الرئيسية للقوات المسلحة، وقال: لن تكون هناك مفاجأة.. كل مفاجأة لدينا خطط لمواجهتها. وقال إن تخليد ذكرى أكتوبر فى أفلام وكتب وأعمال درامية فى غاية الأهمية.. وقد شكلت لجنة لذلك.. وأوجه الدعوة لكل الخبراء والمبدعين ليقدموا لنا أفكارهم.


وقال أخيرا بملامح وجهه الأسمر المصري.. الأصيل: فى أعناقنا مسئولية.. حمّلنا إياها الشعب.. ونحن على وعى به، وكل فرد يقوم بواجبه كاملا.. ونحن نحتفل بذكرى النصر جاء هذا الحوار تحية إلى كل رجل فى القوات المسلحة المصرية صناع النصر:


سيادة المشير يحمل شهر أكتوبر ذكريات لا يمكن أن تنساها خاصة أن هناك بعض الكتابات العسكرية الإسرائيلية عن معركة المزرعة الصينية التى كنتم أحد أبطالها؟


نحن نحتفل كل عام بهذه الذكرى على المستوى القومي.. ولكن بالنسبة لى فهى ذكرى دائمة قائمة على مدار العام.. أن تقاتل مع رجالك وإخوتك وأبنائك.. وتمر بظروف.. هى الأصعب فى تاريخ الإنسان.. ولكنها الأغلى والأثمن.. بمعنى أن تكون مستعدا أنت ورجالك دون أن يتخلف أحدهم لتقديم روحه فداء للوطن، تلك هى الذكرى.


معركة أكتوبر لم تكن بطولات فردية.. كانت ملحمة جماعية تؤكد معدن الإنسان المصرى الأصيل وفى ذاكرتى دائما.. أبنائى وإخوانى الشهداء.. مهما كتبنا أو سردنا عن شجاعتهم لن نستطيع أن نوفى هؤلاء الشهداء والأبطال حقهم.. ولكن فخرهم أنهم صنعوا هذا النصر لبلادهم.. وأعادوا للعرب عزتهم وكرامتهم.


ستظل دروس حرب أكتوبر أحد العناصر الرئيسية فى تطوير القوات المسلحة فهل تظل هذه الدروس قائمة بعد حرب الخليج.. وفى ظل المتغيرات الحادة سياسيا وعسكريا بمنطقة الشرق الأوسط؟


المتغيرات العالمية والإقليمية سواء السلبية منها أو الإيجابية تشكل تحديا صارخا للعالم العربى وبالتالى مصر وتؤثر بشكل كبير على منظومته الفكرية وتركيبته السياسية وعلى بنيته الجغرافية والاجتماعية وعلى أمنه وسلامته وتتواكب أيضا مع ما يستجد من تحديات من نوع آخر ذى أبعاد إقليمية والتى ثبت عدم قدرة العالم العربى على مواجهتها بالرغم من امتلاكه طاقات وإمكانات هائلة لعدم وجود المستوى الكافى والمستمر من التضامن الذى يساهم فى استقراره سياسيا واقتصاديا.


فهناك تحديات ذات طابع أمنى وعسكرى نابعة من تنامى القدرات العسكرية لدول الجوار الجغرافى والتى خلقت حالة من انعدام التوازن الاستراتيجى وأثرت على أمن وسلام المنطقة.


وهناك أيضا الخلافات الحدودية بين الدول العربية نفسها.. وبينها وبين دول الجوار والتى تعمد الاستعمار تركها خلفه لتكون عامل تفتيت وتفرقة، وعائقا أمام أى تقدم وازدهار عربي.


أما عن السياسة العسكرية المصرية فهى إحدى الأدوات الرئيسية لتحقيق أهداف الدولة فى ظل المتغيرات العالمية والإقليمية فى منطقة الشرق الأوسط.


وإننا نرى أن سياستنا العسكرية تتلخص فى الآتي:
- تنمية وتطوير قدراتنا العسكرية.
- تأمين حدود الدولة وتحقيق سيادتها.
- حماية وتأمين الشرعية الدستورية وتماسك الجبهة الداخلية.
- الاستجابة السريعة للأحداث وتحقيق حرية العمل فى المناطق الحيوية.
- تحقيق التعاون الاستراتيجى العسكرى العربي.
- تحقيق التعاون الاستراتيجى العسكرى الإقليمى والدولي.


أحد أهم عناصر الكفاءة القتالية القوة البشرية وسيادتكم لا تغفل فى توجيهاتك.. الاهتمام بالفرد المقاتل؟.. فهل هناك جديد لزيادة الرعاية به؟


إن الفرد المقاتل يعتبر الركيزة الأساسية للقوات المسلحة وهو ينال الرعاية من جميع الأوجه صحيا، اجتماعيا، ثقافيا، رياضيا.. فعلى المستوى الصحي، تم إنشاء مستشفيات حديثة على أعلى مستوى فى الجيوش والمناطق تخدم الفرد المقاتل وتوفر له الرعاية الصحية.


أما على المستوى الاجتماعي، فتم إنشاء صندوق لرعاية المقاتلين يحق لكل فرد أن يحصل على دعم مادى يسهل له أمور حياته ويعينه فى حالة حدوث أى ظرف مفاجئ، كذلك تتم اللقاءات الدورية بين القادة والجنود بصفة دورية للتعرف على مشاكلهم وحلها فورا.


وعلى المستوى الثقافى، فقد تم إنشاء فصول محو أمية على مستوى الوحدة الفرعية الصغرى مع متابعة الفرد فى هذا الصدد حتى آخر فترة خدمته بالقوات المسلحة، كذلك تقوم القوات المسلحة بتأهيل الأفراد قبل خروجهم من الخدمة لمدة ستة شهور لتعلم حرفة أو مهنة يستطيع العمل بها فى الحياة المدنية.


وكذلك على المستوى الرياضي، فقد تم إنشاء المدن الرياضية والملاعب وصالات الجمنزيوم المزودة بأجهزة حديثة كى تساعد الفرد المقاتل على ممارسة الرياضة بصورة علمية وعملية.


أما بالنسبة للحياة اليومية للفرد المقاتل، فقد تم إنشاء مدن عسكرية متطورة بما تحتويه من إمكانات مرافق متميزة تخدم الفرد مثل أماكن الإيواء وميسات على أعلى مستوى بالإضافة إلى الملاعب والأجهزة الرياضية والترفيهية الأخرى.


وخلال احتفالات أكتوبر هذا العام، سيتم افتتاح نادى «عين الصيرة» لضباط الصف فى القوات المسلحة وهو على أحدث مستوى من الخدمات المطلوبة لتوفير المكان المناسب لضباط الصف وعائلاتهم لقضاء أوقات الفراغ.


سيادة المشير.. مصر ملتزمة بتعهداتها مع إسرائيل.. وذكرت سيادتكم دور مصر فى ظل السلام.. ولكن تبدو الآن بعض التهديدات التى تعترض المسيرة السلمية، فما هو الدور الذى ترونه للقوات المسلحة فى المرحلة الراهنة؟


لقد طرحت تصورى لطبيعة هذه التهديدات.. ورغم جسامتها وخطورتها.. فإننى أنظر إلى المستقبل دائما من زاوية حريصة.. وعندى قناعة أن جميع أطراف الصراع بالمنطقة يدركون ما هى نتائج وأهوال الحروب.. وأن ما يصدر من تصريحات أو بيانات.. أعتقد أنه ليس فى صالح المسيرة السلمية بل إننى أعتبرها تمهيدا للتصعيد بالمنطقة وهى ليست فى حاجة إليه.. إن السلام بالفعل بات مهددا.. ولكن علينا أن نحدد مصدر التهديد.. إنها الأصوات غير المسئولة.. ولكنها مسموعة.. إن مستقبل الشعوب أمانة فى أعناق قادتها.


ولا أتصور أن هناك مسئولا يريد الإضرار بوطنه، لقد قالها الرئيس مبارك «فلنبن السلام العادل من أجل شعوبنا».. وأعتقد أن هذا هدف نبيل.. يؤكد مدى قيمة وتقدير المسئولية التى تحملها الأوفياء لشعوبهم.


تحاول إسرائيل وجماعات الضغط فى الولايات المتحدة – عند حدوث أزمة فى الشرق الأوسط – التلويح بورقة المعونات العسكرية لمصر.. فهل نحن مستعدون لذلك ؟ وما هى خططنا ؟


على إثر توقيع مصر وإسرائيل معاهدة السلام، قدمت الولايات المتحدة دعما للدولتين للمساعدة فى مجالات عديدة وبينها المساعدات العسكرية وتحددت صور هذه المساعدات واستطاعت القيادة السياسية العسكرية أن تضع الخطط المناسبة للاستفادة من هذه المساعدات.. بحيث حققت الهدف منها.. ولا أذيع سرا... إن لدينا الخطط لكافة الاحتمالات على المدى القريب والمتوسط والبعيد.. كما أن هناك تنسيقا مع الولايات المتحدة فى هذا الشأن ولن نفاجأ بقرار فى إطار بناء الثقة والمصالح المتبادلة بين البلدين وعلاقاتنا مع الولايات المتحدة.. علاقة وطيدة.. قائمة على الاحترام المتبادل.. والإدارة السياسية الأمريكية.. لها تقديرها العالى والرفيع لمثل هذه الأمور ذات الحساسية والحيوية.


تولى سيادتك اهتماما خاصا بتسجيل وثائقى وعرض بطولات حرب أكتوبر لتأكيد عظمة الإنسان المصري.. حفاظا على تاريخ مصر.. وقد تم إثارة موضوع إنتاج القوات المسلحة لفيلم روائى عن حرب أكتوبر.. فماذا أعدت القوات المسلحة لذلك؟


إن هذا الموضوع يعد حيويا للغاية، فهناك لحظات تاريخية فى حياة الشعوب يلزم الوقوف أمامها.. ويجب أن يتوارثها الأبناء.. إن مثل هذه الأحداث هى وقود للمستقبل.


ولقد كانت هناك جهود عديدة فى إطار الإعداد والتحضير بهذا الشأن، وكلفنا أكثر من روائى بهذا الموضوع ليطرح على الأقل أفكاره وتصوراته الفنية والإبداعية، على أن تقوم القوات المسلحة بإمداده بكافة الوثائق اللازمة والمصرح بالاطلاع عليها فى هذه الفترة التاريخية وحتى الآن.
وأصدرت أوامر بتشكيل لجنة يدعى إليها كبار القادة العسكريين الذين عاصروا الحرب. وشاركوا فيها وكذا بعض الخبراء والمؤرخين والمفكرين.. فحدث مثل هذا ليس ملكا أو حكرا لأحد.. إنه لكل المصريين، وسوف تشرف القوات المسلحة على التنفيذ، وسوف تبذل الجهود المادية والمعنوية اللازمة لإنتاجه بحيث لا يقل مستوى عن الأفلام العسكرية العظيمة مثل أطول يوم فى التاريخ وصلاح الدين الأيوبي.. وأنا أوجه الدعوة للخبراء والمبدعين أن يتقدموا بأفكارهم التنفيذية لإدارة الشئون المعنوية بالقوات المسلحة حيث إنها المسئولة عن هذا العمل.


لمصر دور بارز فى معاونة الأمم المتحدة بمجال حفظ السلام.. بل إن سيادتكم أعلنتم أن رجالنا أثبتوا كفاءتهم بشهادة دولية.. فما هو المخطط لزيادة دور مصر فى هذا المجال؟


إن كفاءة المقاتلين المصريين المشاركين فى عمليات الأمم المتحدة بمجال حفظ السلام تنبع من كفاءة الجندى المصرى وكفاءة قواتنا المسلحة عمومًا.. ليس فقط من الآن ولكن من العصر القديم والعصر الحديث.. هو الجندى الذى أثبت للعالم أجمع فى حرب أكتوبر المجيدة أنه خير أجناد الأرض.
ونتيجة لمشاركة مصر فى العديد من عمليات حفظ السلام، وكذا تنفيذ التدريبات المشتركة مع العديد من الدول المهتمة بهذا المجال أصبح لدينا كوادر فيه وخبرات عالية فى التخطيط والتنفيذ والمشاركة فى هذه العمليات.


يتواجد حاليا فى قواتنا المسلحة عناصر ومدربة تدريبا أساسيا وفنيا للعمل ضمن قوات حفظ السلام وقادرة على تنفيذ أى مهمة قد توكل إليها بكفاءة تامة.


إن القوات المصرية دائما تشارك فى أى عمليات ضمن قوات دولية وفى إطار الشرعية الدولية وقرارات مجلس الأمن وتعمل فى المقام الأول على استقرار السلام والأمن فى مناطق الصراع وذلك من خلال المعاونة فى إقامة أو استعادة كفاءة البنية الأساسية والتنمية الاقتصادية وإعادة توطين اللاجئين كهدف نهائى لعمليات حفظ السلام.


وهذا هو المؤشر لحجم ونوعية القوات التى تشارك فى عمليات حفظ السلام وزيادة دورها فى هذه المشاركات حيث إن مصر غالبا ما توافق على المشاركة فى هذه العمليات ما دامت المهمة ستنفذ للحفاظ على الأمن والسلام وأنها فى إطار الشرعية الدولية والهدف منها هو رفع المعاناة عن الشعوب والأطراف المتصارعة.


لدى القوات المسلحة من الكوادر المدربة على عمليات حفظ السلام ما يجعلها قادرة للمشاركة فى حفظ السلام فور صدور القرار السياسى بالمشاركة – مع الوضع فى الاعتبار قيام القوات المسلحة بإجراء تدريبات مشتركة مع الدول الصديقة فى مجال حفظ السلام.


ذكرت سيادتكم فى تقريركم أمام مجلس الشعب العام الماضى وأكدت أن القوات المسلحة ملك للشعب، ومن واجبنا أن نقدم العون لحل مشاكله فماذا قدمت القوات المسلحة العام الماضى للقطاع المدني؟


تمر مصر بمرحلة السلام بعد فترة طويلة من الحروب استمرت قرابة ثلاثين عاما والتى استنزفت معظم مصادر التنمية للدولة.. وتتطلب المرحلة الحالية استثمار الطاقة المتاحة لتعويض ما سبق إهداره فى الحروب.


إن القوات المسلحة دائما سباقة بعطائها من أجل مصر والمواطن المصرى باقتحامها الميادين المدنية والتى تتطلب السرعة والحسم فى العمل.. فقد هبت القوات المسلحة بمجرد حدوث السيول فى صعيد مصر وما لحق ببعض القرى من أضرار جسيمة بتقديم كل العون من فتح مستشفيات ميدانية فى منطقة الأحداث، كما سارعت القوات المسلحة بإقامة القرى البديلة وعلى طراز حديث يتماشى مع البيئة لإهدائها لمتضررى السيول، وقامت ببناء المدارس بدلا من المدارس التى تهدمت، كما تسهم بما تملكه من مستشفيات مجهزة بأحدث الأجهزة فى توفير الخدمة الطبية الجيدة لأفراد الشعب المصرى على امتداد الجمهورية، وكذلك لا تبخل القوات المسلحة بل تتبنى مشروع محو أمية ضخما لمحو أمية كل فرد يتم تجنيده ليخرج بعد الخدمة العسكرية كعضو نافع فى ذلك الوطن.. وأيضا لا يقتصر دور قواتنا المسلحة على ذلك فقط بل تؤهل نسبة كبيرة من الجنود قبل نهاية خدمتهم مهنيا لتضيف رصيدا لسوق العمل فى مصر.. والقوات المسلحة تسهم بإنشاء الطرق على امتداد جمهورية مصر العربية، كما قامت بإنشاء مصنع للمياه المعدنية بسيوة يعتمد على أحدث تكنولوجيا فى هذا المجال، وتقوم القوات المسلحة بالعديد من مشروعات تحلية مياه البحر لخدمة المدنيين المتواجدين على سواحل مصر، وتساهم المصانع الحربية بمد القطاع المدنى بالكثير والكثير من احتياجاته وتوفير العملة الصعبة مع توفير المنتج على أرقى المستويات العالمية من الجودة.


وعملت القوات المسلحة على توجيه الشباب رياضيا للارتقاء بمستوى الأداء الرياضى للشباب فى مصر من خلال تدريب الجنود والضباط رياضيا ورفع كفاءتهم وانتقاء الأفراد المتفوقين رياضيا للاشتراك فى الفرق المحلية والقومية.. والاستفادة من المنشآت العسكرية وخبراتها الرياضية فى إنشاء المدارس الرياضية.. المجالات كثيرة.. وذكرها على سبيل الحصر صعب.


ما هى نتيجة تجربة زراعة القوات المسلحة للقمح؟


فى مجال الحديث عن زراعة القمح ومدى نجاح التجربة يجب أن ننظر للموضوع بشكل أعم وأشمل فإذا كانت بداية التجربة هى زراعة محصول القمح باعتباره سلعة استراتيجية فإنها الآن قد تعدت ذلك إلى آفاق أبعد وأشمل متضمنة محاصيل أخرى وأنواعا مختلفة.. هذا بالإضافة إلى اقتحام مجال التنمية المتكاملة وتلك هى الاستراتيجية الغذائية السليمة التى بدأت القوات المسلحة تنفيذها فى نطاق تشكيلاتها التعبوية بالاستفادة من فائض الطاقات وطبقا لظروف وإمكانات كل تشكيل كان الهدف الأسمى هو استصلاح وزراعة المساحات الصالحة للزراعة بكافة أنواع المحاصيل التى تلائم الزراعة المطرية مرتكزة أساسا على القمح مع بعض المحاصيل الأخرى مثل العدس والشعير.


ويجب أن يكون معلوما بأن معدلات الإنتاج فى الزراعات المطرية أقل من مثيلتها فى الوادى والتى تستخدم طرق الرى الحديثة، لذا يكون من الخطأ مقارنة الإنتاجية بينهما ولكن لتقييم التجربة تم المقارنة مع المعدلات العالمية للزراعة المطرية والتى سبقتنا إليها بعض الدول ويمكن القول بكل صراحة بأن التجربة ناجحة بنسبة 80% رغم كل الصعوبات التى قابلتها.


وأكثر ما حققته هذه التجربة من نجاح هو حث قطاع كبير من أهالى محافظة مطروح على التحرك من رعى الأغنام إلى الزراعة منافسين للقوات المسلحة فى المساحات المنزرعة بالقمح والشعير، وهذا ما كان يحدث لو لم تضرب لهم القوات المسلحة المثل فى العزيمة والإصرار.
وسوف تواصل القوات المسلحة جهودها فى هذا المجال حتى تحقق هدفها الاستراتيجى وهو تحقيق الاكتفاء الذاتى لها بما يخفف العبء عن كاهل الاقتصاد المصرى ويزيد من معدلات النمو والتنمية للدولة تحقيقا لرخاء ورفاهية الشعب.


ماذا تقول لأبنائك فى القوات المسلحة؟


أقول إن ما وصلت إليه القوات المسلحة من نصر فى أكتوبر وما وصلنا إليه من كفاءة فى بدر 96 إنما أرجعه أولا وأخيرا للانضباط العسكرى والجدية فى تناول وتنفيذ المهام والأعمال.


وأذكركم وأنتم تحتفلون اليوم بذكرى النصر.. بأننا نحمل على أعناقنا أمانة المسئولية التى منحنا إياها الشعب. ولكى نكون عند حسن ظن شعبنا، فعلى كل منا فى موقعه أن يلتزم بواجباته وأن يبذل قصارى جهده لتحقيق وتنفيذ المهام الموكلة إليه.. من خلال الابتكار والتجديد لتحسين أدائنا فى كل موقع.. وكل عام وأنتم بخير.

تم نشر الحوار بمجلة أكتوبر فى العدد رقم 1041 - 6 / 10 / 1996

أضف تعليق