أيام مع «رأفت الهجان».. توحيد مجدى يروى ذكرياته مع صالح مرسى وأنيس منصور

أيام مع «رأفت الهجان».. توحيد مجدى يروى ذكرياته مع صالح مرسى وأنيس منصورأيام مع «رأفت الهجان».. توحيد مجدى يروى ذكرياته مع صالح مرسى وأنيس منصور

* عاجل31-10-2017 | 21:39

حوار: عاطف عبد الغنى

عدسة: عاطف دعبس

 مع كل مرة يعاد فيها عرض مسلسل "رأفت الهجان" يقفز إلى ذهن عدد كبير من المصريين الضجة التى أثارتها إسرائيل عن البطل المصرى الذى عرض المسلسل لجانب من قصته الحقيقية وبطولته، والخدمات التى قدمها لوطنه مصر، من موقعه فى تل أبيب، ووسط الإسرائليين، الذين خدعهم لسنوات طويلة كان فيها يتعاون مع مخابرات بلده مصر، بينما يعيش مع أعدائها بأسم وهوية ومشاعر مستعارة وغير حقيقية.

البطل اسمه الحقيقى "رفعت الجمال" - وهذا معروف - ونسج الكاتب الروائى الكبير صالح مرسى على المادة التى أتيحت له من الجهة السيادية (المخابرات العامة) عن الجمال، رائعته الأسطورة، الرواية الأدبية، ثم الدرامية، مسلسل "رأفت الهجان" فى حلقات عديدة ضمتها 3 أجزاء.

وبعد إنجاز الجزء الأول من المسلسل، وعرضه، قادت الصدفة الصحفى الشاب المتخصص فى الشئون الإسرائيلية - المجيد بامتياز للغة العبرية - بمجلة روزاليوسف (قبل 27 عام تقريبا) توحيد مجدى للقاء صالح مرسى.

 وبعد هذا اللقاء، انضم مجدى لفريق العمل مستشارا للكاتب والسينارست صالح مرسى، هذه المعلومة التى يعرفها كاتب هذه السطور بحكم الصداقة والزمالة المهنية لمجدى، كانت تقفز دائما إلى الذهن كلما صادف مشاهدة جزء من المسلسل البديع، فى كل فنونه، وخاصة هذه الأيام التى يعاد فيها عرضه، تزامنا مع ذكرى إنتصارات أكتوبر، ويتذكر أيضا تلك الحرب الشرسة التى شنتها إسرائيل لتشويه صورة البطل المصرى رفعت الجمال الذى عاش مع الإسرائليين يحمل اسم جاك بيتون، وذلك من أجل حفظ ماء الوحه لهزيمة أجهزة مخابراتها.

لكل ما سبق أردنا أن نستعيد مع الكاتب الصحفى، والمؤرخ توحيد مجدى، شىء من ذكرياته عن العمل وكاتبه، ورفعت الجمال، البطل المصرى الذى جسد شخصيته فى المسلسل الفنان الراحل الرائع محمود عبدالعزيز.

بدأ مجدى بالإجابة عن سؤال وجهناه له عن ذكرياته عن العمل الدرامى "رأفت الهجان" فقال:

 فى مسلسل رأفت الهجان، كانت مجموعة العمل كلها عظيمة، كل فرد منها مبدع ورائع فى مجاله، وخاصة فى الجزء الثانى والثالث، وأنا لم ألتحق بالجزء الأول من المسلسل، فقد التقيت بالكاتب الكبير صالح مرسى سنة 1990 ، وكان لهذا اللقاء الذى ضمنا فى مكتب أستاذى فى الجامعة أحمد الحملى، رئيس شبكة الإذاعات الموجهة، والإذاعة المصرية الناطقة بالعبرى "كول كاهير" ذكريات جميلة.

بداية الحكاية

  كنت متواجدا فى مكتب الحملى، بالإذاعة عندما دخل علينا الكاتب الكبير صالح مرسى، وتصور أننى يهودى، لأن الحملى كان يحدثنى بالعبرى، وألقى مرسى علىّ التحية باللغة الإنجليزية فرددت عليه بنفس اللغة، وتوجه ليحدث الحملى بالعربية متصورا أننى لن أفهمه، وعاتب مرسى مضيفه، على أنه استقبله فى وجود إسرائيلى، وهنا ضحك الحملى كثيرا، وأخبره أننى تلميذه ومثل "أبنه"، وأجيد العبرية بطلاقة، ومن هذا اليوم بدأت رحلتى مع صالح مرسى.

وأضاف مجدى أن صالح مرسى بذل أثناء كتابته لمسلسل "رأفت الهجان" مجهودا كبيرا، فى التوثيق، سواء أكان لجملة حوار أو اسم شخصية تاريخية أو واقعة معينة، فى وقت لم يكن فيه متاحا وسائل البحث الأليكترونية الموجودة الآن، وكان يذهب إلى أرشيف العديد من المؤسسات الصحفية، ليوثق الأحداث والأشخاص.

وواصل مجدى حديثه قائلا: ومع بداية شهر يناير سنة 1990 ، وكنت أعمل مساعدا للكاتب الكبير صالح مرسى، لتوثيق المادة العبرية، وكان المسلسل يعتمد أيضا على ترجمة الكثير من المادة العبرية، وإسرائيل لا يوجد عندها مصادر متاحة إلا المصادر الأكاديمية للبحث، وما حصل عليه مرسى من القصة الحقيقية هو المعلومات الرئيسية فقط، فالقول إن مسلسل رأفت الهجان "من ملفات المخابرات" لا تعنى أن الكاتب أخذ كل الرواية، فما أخذه هو الخطوط الرئيسية، لأن الملف الرسمى فيه محاذير عديدة، منها طريقة التعامل مع العميل وطريقة التشغيل، وعند الأجهزة هذه أمور تخضع لمعايير أخرى.

وأعاد مجدى التأكيد على أن سر نجاح العمل العظيم لرأفت الهجان، هو حب كل من شارك فيه، وحب العمل نفسه، وحب مصر، موضحاً أن كثيرين ممن شاركوا فى هذا العمل، لم يتقاضوا أى مقابل مادى، وهو واحد من هؤلاء، وقال "عرض عليّ الكاتب صالح مرسى مبلغا ماليا مقابل جهودى معه، لكننى رفضته تماماً، وطلبت منه فقط أن يعلمنى، وهو الطلب الوحيد الذى أوصيته به"، وأضاف مجدى بعد برهة من الصمت : " تعلمت الكثير والكثير من الكاتب صالح مرسى طريقة الكتابة وصياغة المشهد."

محاولة تشويه

 وبسؤاله عن محاولة إسرائيل تشويه بطولة الجمال من خلال حملة دعاية تروج إلى أنه كان عميلا مزدوجا أجاب مجدى:

 إسرائيل، تحاول أن تقنع نفسها بأن شخصية رأفت الهجان الحقيقية كانت "عميلا مزدوجا" ، وتعرضنا لهذا سنة 1993 قرب نهاية عرض الجزء الثانى، من المسلسل، وكانت إسرائيل قد بدأت تشن حملة إعلامية رهيبة فى هذا السياق، وفى هذا الوقت كان دورى هو ترجمة كل ما تنشره آلة الدعاية الإسرائيلية، بالعبرى، ليرد عليه الكاتب صالح مرسى، ورردنا عليهم من خلال مجلة "روزاليوسف" ثم انتقلنا بعد ذلك من منصة (روز اليوسف) إلى مجلة المصور، وكان الكاتب الكبير مكرم محمد أحمد، وقتها رئيسا لتحريرها، وأصر الكاتب صالح مرسى، أن يكون بنط اسمى المنشور مع اسمه فى الرد على أكاذيب إسرائيل بنفس بنط اسمه، ووافق الكاتب الصحفى مكرم محمد أحمد بأريحية على هذاالأمر.

وأضاف مجدى أنه منذ نهايات سنة 1988 بعد عرض الجزء الأول من "رأفت الهجان" وإذاعته، وبداية سنة 1989 وإسرائيل   تقول على رفعت الجمال إنه عميل مزدوج، وفى اشتباكنا معهم وردنا عليهم ، قلنا لهم باختصار، إذا كان الأمر كذلك فمن الطبيعى الإفراج عن صوره مع الضباط الإسرائليين والتسجيلات التى بثها فى الإذاعة أو التليفزيون والتقارير التى كان يكتبها بخط يده لهم وأى معلومات تدحض بها العمل العظيم للإستخبارات المصرية، لعملية رفعت الجمال أو كما اشتهر "رأفت الهجان".

 وأكد مجدى أن هذه العملية غير مسبوقة، ولا يمكن النيل منها بأى شكل، وحتى الآن لم يصدر أى تصرح رسمى من دولة إسرائيل، أن رفعت الجمال كان عميلا لإسرائيل، أو أجهزة إستخباراتها، الموساد، أو الاستخبارات الحربية، التى فشلت أن تدين رأفت الهجان، وكانت الجلسات معهم كلها موثقة بالصوت والصورة والكتابة، وحسب قوله: "أن هذا الرجل الوحيد الذى عمل وحيداً منفرداً فى عملية استمرت أكثر من 20 عاماً".

"اعرف عدوك"

وبسؤاله عن سلسلة "اعرف عدوك" التى كانت تصدر فى الستينيات قبل مرحلة السلام، وجدواها قال مجدى، إن هذه السلسلة كانت مهمة جدا على المستوى الشعبى، مضيفا أننا على مستوى الأجهزة، مصر تعرفهم أكثر مما يعرفون أنفسهم.. ومعرفتنا حقيقية وقوية، وتصل إلى المعلومة بشكل كبير من الصحة والدقة، وذلك على مستوى الأجهزة المصرية، واستدرك مجدى، أما المصرى العادى فلا يعلم عن إسرائيل أى شيىء تقريبا.

أنيس منصور

وبسؤاله عن علاقته بأنيس منصور، ودور الأخير فى مرحلة السلام قال مجدى:

عملت مع الكاتب الصحفى الكبير أنيس منصور، فى فترة السلام، وكنت أراقب معه ، ما يخص الجزء الثقافى فى معاهدة السلام، وأذكر أن منصور لعب دوراً كبيراً، وكنت أحضر معه الجلسات الرسمية، التى تجمعه مع الإسرائيليين وأقوم بترجمتها، ونقدم التقارير عنها كل 3 أو 6 شهور لوزير الخارجية آنذاك بطرس غالى، فى مكتبه القديم فى مبنى الوزارة بميدان التحرير.

كان أنيس منصور يعطينى مساحة للحديث، وكان يقول لى سوف نقابل الإسرائليين وإحنا مصريين، وندخل مصريين ونخرج مصريين، ولا نعطى الإسرائليين غير الذى نريد أن نعرّفه لهم، وعلمنى كيف أحصل على المعلومة وأحمى الأسرار، وأتكلم بميزان.. كان رحمه الله مدرسة تعلمت فيها التعامل - بشكل حقيقى - فى ميدان الاتصال الرسمى، دولة مع دولة، وكان  له طريقة فى استخراج ما لا يريد الجانب الآخر قوله، وكانت الحوارات التى أقوم بتدوينها – أحيانا - أكثر من قدرتى على ملاحقة المتحدثين فيها، والتدوين، خاصة أنها كانت توثق فى تقارير توجه لجهات رسمية وطنية.

   وبسؤاله عن الإذاعة المصرية الناطقة بالعبرى، "كول كاهير" الموجهة لإسرائل وأهمالها الحالى، أوضح مجدى أن إذاعة "كول كهير" موجودة حتى الآن، لكن لا يوجد لها أى تأثير، لأن الدور السياسى الذى لعبته، إختلف بشكل كلى بداية من توقيع معاهدة السلام.

وأضاف: كانت "كول كهير" فى فترة الستينيات والسبعينيات عملاقة فى مصر، مؤكدا أن الإذاعة فى وضعها الحالى مع الأجيال الجديدة التى تتولاها، ليست بنفس القوة التى كانت عليها مع العظماء الذين أسسوها، وكانت تتوجه باللغة العبرية، وتلتقط داخل حدود فلسطين المحتلة ومناطقها الشرقية، مشيراً إلى أن إسرائيل كانت فى بعض الأوقات لها تعليقات علي لغة الإذاعة العبرية بأنها ليست قوية، ويوجد بها بعض الشوائب.

أدرعى

وعن عصر "السوشيال ميديا" واستغلال إسرائيل لوسائله من خلال توجيه صفحة للمتحدث الرسمى للجيش الإسرائيلى باللغة العربية لشباب العرب المدعو "أفيخاى أدرعى" ومتابعة بعض الشباب لصفحته، قال مجدى:

هذا الشخص "أدرعى" مشهور، وهو يحاول أن يلتحم مع الشباب المصرى، ومتحدث باسم الجيش الإسرائلى، ويتحدث اللغة العربية، وله علاقة بالوحدة 8200 المتخصصة فى التجسس وفك شفرات الاتصالات والتصنت على هواتف المحمول والتواصل الإجتماعى.

و الوحدة 8200 ، وحدة خطيرة تعمل منذ ما قبل إنشاء الدولة الإسرائيلية مع العصابات الصهيونية لكننا استطعنا أن نهزمها فى معركة النصر "أكتوبر 73"، هزيمة منكرة.

                                                                              ساهم فى إعداد المادة للنشر: إبراهيم شرع الله

أنيس منصور

جاك بيتون أو رفعت الجمال وزوجته فالترواد بيتون عقب زواجهما مباشرةمحمود عبد العزيزمشهد من مسلسل رأفت الهجان

    أضف تعليق

    رسائل الرئيس للمصريين

    #
    مقال رئيس التحرير
    محــــــــمد أمين
    إعلان آراك 2