«لدى ابنتان كانتا تستذكران دروسهما على المنضدة وفجأة بدأت تتجمع الأفكار والحسابات فى ذهنى عندما طلب منى وضع رؤية لموعد الحرب فسحبت كراسة حنان ابنتى وكان يهمنى أن أكتب على ورق عادى ليس مكتوبا عليه شعار هيئة العمليات، وكتبت عليها بالقلم الرصاص كل الحسابات، ولما توصلت إلى هذه النتائج وذهبت بها إلى اللواء الجمسى كما هى فى اليوم التالى، الذى خرج بدوره مباشرة متجها إلى مقر الفريق الشاذلى ومن ثم للمشير أحمد إسماعيل حتى وصلت إلى يد الرئيس السادات.. وكانت ساعة الحسم «ساعة الصفر».. 2 ظهرا يوم 6 أكتوبر 1973».
إنه اللواء أركان حرب صلاح فهمى نحلة، رئيس فرع التخطيط بهيئة عمليات القوات المسلحة، الذى كلفه اللواء عبد الغنى الجمسى فى شهر مايو عام 1973 ، بتحديد موعد الهجوم على خط بارليف بالشهر واليوم والساعة، فتوجه مباشرة إلى مركز الدراسات الاستراتيجية ليعرف مواعيد الأعياد والعطلات الرسمية فى إسرائيل، ثم إلى هيئة الأرصاد ليعرف حسابات ساعات الليل والنهار واتجاهات التيار فى قناة السويس .. ثم إلى جهاز المخابرات العامة ليعرف الفترة الزمنية التى ستمر على أول رد فعل ل إسرائيل على الهجوم المصرى، وأيضا خطط الدفاع الإسرائيلية وتوقيتات تدخل الاحتياطى واستدعاء الجيش.
لم يكن الأمر سهلا، واستغرق وقتا طويلا بذل فيه اللواء نحلة مجهودا كبيرا ودقيقا حتى يستطيع الخروج بالتوقيت الأنسب والأمثل، وفى إطار أعمال البحث التى قام بها «نحلة» أوصلته إلى أنه لأول رد فعل تحتاج إسرائيل إلى 6 ساعات بالنهار
و8 ساعات بالليل، ومن هنا وبالحسابات الدقيقة توصل إلى ضرورة الضرب قبل آخر ضوء بست ساعات على الأقل، وأن يكون الهجوم فى منتصف النهار فى خط تعامد الشمس فوق الرؤوس وليس قبل الساعة 12 ظهرا حتى لا تكون الشمس فى عيون الجنود المصريين فتوصل فهمى إلى الخلاصة التى كتبها وأعطاها إلى اللواء الجمسى بأن تقديره ووجهة نظره أن تكون الضربة الأولى ليس قبل 1200 وليس بعد 1400 وهى الساعة بمصطلحات الجيش، أى ليس قبل الساعة الثانية عشرة وليس بعد الساعة الثانية ظهرا لأنها أفضل الظروف للرؤية ولصالح قواتنا.
اللواء أركان حرب صلاح فهمى نحلة هو ابن عائلة «نحلة» التى تنتمى إلى قرية العصلوجى بمحافظة الشرقية ، قريتى التى ولدت ونشئت فيها، وأشعر بالفخر لأن هذا الرجل من قريتي، وأشعر بالفخر لأنه كان أحد قادة معركة الكرامة والعزة والشرف، أشعر بالفخر لأن لبلدى مصر مثل هذا الجيش العظيم.
حفظ الله الجيش .. حفظ الله الوطن