في الأول من يناير عام ٢٠١٩ صدر عن الهيئة المصرية العامة للكتاب للواء أركان حرب دكتور سمير فرج كتاب (أوراق من حياتي)، والذي يقع فيما يقرب ٧٤٢ صفحة من الحجم المتوسط.
يضم الكتاب عددا من المقالات التى تم نشرها بعدة صحف قومية وخاصة، يستعرض خلالها الكاتب العديد من المحطات خلال مسيرته الممتدة والحافلة بالعطاء والإنجازات، وتناول خلالها عددا من القضايا الاستراتيجية والقومية الهامة، وأهم الذكريات عن حرب أكتوبر، وفترة عمله ب القوات المسلحة المصرية، ودراسته فى إنجلترا فى كلية كمبرلى الملكية، إحدى كبريات كليات العلوم العسكرية والأمن القومى فى العالم، وذكريات مناظراته الشهيرة مع شارون فى قناة الـ BBC البريطانية الشهيرة عام 1984 والتى انتهت بفوز مصر بثمان نقاط مقابل أربعة لإسرائيل، حيث نجح المحاور المصرى أن يقنع الحضور بقوة موقف مصر وتخطيطها السليم لحرب ٧٣ مما دعا المحكمين إلى التوصية بتدريس الخطط المصرية العسكرية التى وصفوها بالجريئة، ويحوى الكتاب بين دفتيه
ما يقرب من ١٦٠ مقالا يمثل كل واحد منها تجربة حياتية عاشها.
وعاصرها اللواء د. سمير فرج، وأهم ما يميز كتاب أوراق من حياتى هو تخلى الكاتب عن أسلوبه المعهود فى كتابة المقالات التحليلية والاستراتيجية واستهلاله للكتاب بمقال اجتماعى إنسانى حقق وقتها صدى كبير لدرجة أن مواقع عربية عديدة تناولت ما جاء فى المقال كقصة إنسانية ذات عظة وعبرة، وكأن اللواء دكتور سمير فرج قصد أن يفتتح كتابه بمقال عنوانه (ومشيت فى الجنازة وحيداً) ليحذر من مغبة ضياع القيم والأخلاق ويؤكد على أهمية الوفاء فى حياتنا، فيستعرض قصة أم الشهداء كما أطلق هو على صاحبتها وهى سيدة فاضلة ثرية جداً، جاءته فى مكتبه وطلبت منه المشاركة فى الحفل السنوى لأسر الشهداء وتعهدت أن ترعى مئات من أسر المجندين، وكان اللواء سمير فرج وقتها مديراً لإدارة الشئون المعنوية وكانت تنفق من مالها الخاص على إعاشتهم ومساعدة بناتهم فى الزواج وكيف دخلت هذه السيدة داراً للمسنين، حيث تركها أبناؤها وحيدة، ولما أرادت رؤية أولادها لجأت للواء سمير فرج الذى كان يساعدها بحكم عمله فى التخفيف عن أسر الشهداء وطلبت منه أن يقنع أبناءها أن يزوروها أو يسمحوا لها بزيارتهم ولكنهم للأسف رفضوا وكانوا يتحججون بحجج واهية، حتى وهى على فراش المرض، رفضوا المجىء لرؤيتها، فماتت أم الشهداء ولم يمشى فى جنازتها إلا الدكتور سمير الذى بذل جهداً ليصل إلى مقابر العائلة! واتصلت مديرة الدار بعدها تقول للواء الدكتور سمير جاء الأبناء لاستلام شهادة وفاة أمهم لإقامة دعوى إعلان الوراثة ليحصلوا على التركة الكبيرة التى تركتها لهم!
وكانت شهادة الوفاة هذه بالنسبة للدكتور سمير شهادة وفاة القيم والأخلاق.
ومن قصة إلى أخرى يبحر الكاتب فى بحر من الذكريات يجسد حيوات متعددة عاشها الدكتور سمير لتكسبه مزيدا من الخبرات لذا كان لزاماً على صاحبها أن يدونها.
ويروى اللواء سمير فرج كيف خاض مع الجيش المصرى حرب اليمن، ويحكى كيف وقعت سرية المشاة التى كان هو أحد رجالها فى كمين، ولم يتبق منها سوى 24 جندياً من أصل 150، ويستشعر القارئ مدى الألم والمرارة بين السطور فى كلمات كاتب المقال الذى يحدثنا عن أهوال حرب اليمن، وما فقدته مصر من أرواح، وما تم استنزافه من موارد، وكيف أن التاريخ سوف يمجد الرئيس السيسى لقراره بعدم اشتراك مصر بقوات برية، وهذه هى القيادة الحكيمة التى تحافظ على أمن البلاد.
ويتحدث اللواء سمير فرج، فى كتابه عن علاقته بوالدته والتى حكى عنها وكانت تعنى له الكثير، ويقول إنه يدين بكل الفضل فى حياته إلى والدته وأشار إلى محافظة بورسعيد التى عاش وتربى بها، مؤكدا أنه عاش مع 32 أسرة أجنبية داخل العقار الذى كان يسكن به بالمحافظة، لافتا إلى أن والده كان وكيل جمرك بورسعيد، ثم انتقل إلى دمياط بعد نكسة 67، موضحا أن والدته أول مديرة مدرسة بنات فى بورسعيد معبرا عن افتخاره الكبير بها.
وأشار فرج إلى أنه سافر إلى الفلبين وعمره كان 14 عاما، بفضل والدته، وكان أول مبعوث مصرى لكلية كامبردج البريطانية بعد 20 عاما من وقف الابتعاث العسكرى إلى إنجلترا إبان العدوان الثلاثى على مصر، وقد استطاع تلخيص كتاب هنرى كيسنجر «كيف تصنع أمريكا سياستها الخارجية» بفضل مجهود والدته معه وهو صغير.
ويحوى الكتاب العديد من التجارب والمواقف الهامة ويشير إلى علاقته مع الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، وعلاقته بالكاتب الراحل محمد حسنين هيكل، و المشير طنطاوى والجمسي.