الفرن الأفرنجى الوحيد فى مدينتنا عام 1972 كانت تملكه وتديره سيدة يونانية كان اسمها كما كنا ننطقه بلهجتنا الصعيدية ( كِلو)، فى بلدتنا (ديروط أول مدن أسيوط من ناحية الشمال)، (68 كيلومترا من القاهرة)، مازلت أذكر كيف كنت أتعمد إثارة ضجة كلما ذهبت لشراء (فينو) لسندوتشات المدرسة.
فقط، كنت أحب صراخها فينا حتى نهدأ بلكنة جريجى، كانت تعطى لكلماتها العربى القريبة من لهجتنا الصعيدية مذاقا مختلفا.
فى ذلك الوقت كان ب مصر (يونان وطلاينة وفرنساويين وأرمن وشوام ومغاربة اتولدوا فيها وبيعيشو من سنوات فيها).
فى وقت من الأوقات اتخذهم الاستعمار الإنجليزى هدفاً وراحت دعاياته تبث الكراهية وتحرض المصريين ضدهم على أنهم هم الأجانب.
فطن الزعيم مصطفى كامل للعبة فرق تسد التى يلعبها الإنجليز وكتب مقالات وصاح فى خُطب عديدة ينبه الشعب المصرى إلى أن اليونانيين مولودون فى مصر وجزء من نسيجها.
ولم تغب السينما عن هذه المعركة، بل ظلت السينما يقظة حريصة على إبراز مصريتهم من بدايات القرن العشرين حتى قيام ثورة يوليو 1952.
.. وهكذا كان هذا التنوع فى سكان مصر ملمحًا بارزًا فى أفلام السينما، وظهوره عن عمد قصدته السينما وقتها (نوع من التحدى للمستعمر ودسائسه).
شخصيات بالأفلام من سكان «عمارة» أو «حارة» من اليونانيين أوهم من غير المصريين (المولدين فى مصر ويعيشون من سنوات).
كلنا نذكر جارة «سلامة» اليونانية فى فيلم «سلامة فى خير»، (مدام جربيس) التى شاهدناها كأية سيدة مصرية تعرف الواجب وتحمل صغارها على كتفها وتخرج تطوف الشوارع تبحث مع جارتها عن زوجها «سلامة» .
وفى فيلم شمشون ولبلب نذكر البقال الجريجى المتعاطف مع لبلب (المنحاز لقضية جلاء الدخيل عن ال حارة بقدر حرصه على جلاء الإنجليز عن مصر).
كانت السينما جزءا من جنود معركة تحرير الوطن، فاعلة يقظة مبتكرة لحيل مقاومة باستمرار.