بنيت الخطة المصرية للعمليات الهجومية فى 6 أكتوبر 1973 على عدة ركائز تمثل أولها فى قيام القوات الجوية المصرية بضربة جوية شاملة على أهداف العدو فى سيناء بهدف تدميرها وإسكاتها لإفقادها القدرة على العمل لفترة محدودة، لضمان نجاح عبور القوات البرية المصرية إلى شرق القناة والاستيلاء على رءوس الكبارى فى الشرق.
القوات البرية مبنية على أساس قيام فرق النسق الأول للجيشين الثالث والثانى الميدانيين باقتحام القناة بعد الضربة الجوية، وبعد تمهيد قوى بنيران المدفعية وذلك للاستيلاء على رءوس كبارى على الشاطئ الشرقى للقناة بعدها تقوم القوات بمتابعة التقدم شرقا لتحقيق المهمة المحددة لها.
وكانت مهمة القوات البرية توسيع رءوس الكبارى وتعميقها وتكوين رءوس كبارى جيوش بعمل 10-12كم فى كل قطاع، وبعد تحقيق هذه المهمة تتم وقفه بهدف تثبيت رءوس الكبارى وتدعيمها كى تعمل كقاعدة وطيدة يتم من خلالها دفع الأنساق الثانية لتطوير الهجوم شرقا بالتعاون مع الأنساق الأولى لتحقيق المهمة النهائية من العملية الهجومية، وذلك بالاستيلاء على خط يمتد من خليج السويس جنوبًا إلى البحر المتوسط شمالاً يشمل منطقة المضايق ويؤمنها استعدادا للتقدم إلى الحدود الدولية لاستكمال تدمير العدو وتحرير سيناء.
وشهدت حرب أكتوبر المجيدة العديد من المعارك البطولية التى ستظل خالدة والتى لعبت فيها القوات البرية دورًا كبيرًا وانتصارات تاريخية وفى السطور التالية أبرز تلك البطولات.
بطولات التبة
موقع تبة الشجرة يوجد داخل سيناء على بعد 10 كم شمال الإسماعيلية وقد سقط الموقع فى يد المصريين فى أقل من 25 دقيقة، وقد تحول هذا الموقع الآن إلى مزار تاريخي يروى بطولة وبسالة وفدائية أبناء مصر، كما استطاعت قواتنا الحصول على وثائق مهمة.
ويضم الموقع نقطتين حصينتين متصلتين بواسطة انفاق محصنة ويفصل بينهما مسافة حوالى 250 مترًا كانت مليئة بحقول الألغام.
ويضم الموقع الأول مقر القيادة وغرفة العمليات المزودة بالأجهزة المخصصة للاتصال بالوحدات والقيادات الفرعية والقيادة الجنوبية والقيادة العامة والموقع الثانى مخصص للعمل الإداري ويضم مكتب القائد وأماكن مبيت للأفراد وصالة للطعام ونقطة طبية ونقطة وقود والمغسلة.
وقد تم الاستيلاء على الحصن أثناء حرب أكتوبر 1973 وبعدها تم تحويله إلى مزار سياحى، وشاهد على إنجاز الأبطال وأحد انتصاراتهم، وإلى جانب احتوائه على ملفات ومعلومات سرية ومهمة للغاية أفادت القوات المصرية أثناء المعركة وكان نصرًا جديدًا على الأعداء بأيدى الوحوش الأبطال المصريين خلال يومى 6 و 7 أكتوبر، حيث تمكنت القوات المصرية من الاستيلاء على النقط القوية الأمامية ل خط بارليف فى مواجهة مدينة الإسماعيلية.
فى يوم 8 أكتوبر كلفت إحدى كتائب المشاة بالاستيلاء على موقع تبة الشجرة، حيث استطاعت الكتيبة حسم المعركة خلال 25 دقيقة بالاستيلاء على جميع أسلحة ومعدات الموقع وهى صالحة، وفى حالة إدارة وأسر 50% من قوة السرية المشاة المدعمة للجانب الإسرائيلي التى قوامها 150 فردًا.
ونتيجة للخسائر الفادحة قام العدو الإسرائيلي يوم 9 أكتوبر بتمهيد نيرانى من القوات الجوية والمدفعية ودفع كتيبة دبابات مدعمة لاستعادة الموقع إلا أنه فشل فى تحقيق أهدافه وتحمل خسائر إضافية فى قواته المهاجمة.
ومن أبرز أبطال تلك المعركة اللواء رجب عبد الحليم عثمان، قائد الكتيبة، واللواء طلبة رضوان، الذى كان قائدًا للسرية الأولى مشاة بالكتيبة برتبة نقيب، فكان يقع عليه دور مهم فى خطة العبور كقائد مفرزة أمامية للكتيبة التى عليها المهمة الأكبر والأخطر، وفى يوم 6 أكتوبر تقدم النقيب طلبة بسريته للاشتباك مع مدرعات العدو بعد أن سبقها إلى تبة السبعات واستطاع رجال سريته تدمير دبابتين للعدو شاهدهما جندى الملاحظة بالكتيبة من موقعة أعلى مصطبة الدبابات بالضفة الغربية للقناة فقام بإبلاغ قائد الكتيبة.
تأمين رءوس الكبارى
أتمت القوات المسلحة تحقيق المهمة المباشرة بنجاح، حيث قامت تشكيلات نسق أول الجيشين بإتمام الحفاظ على رءوس كبارى الفرق الخمس، وفى المساء التقى الجنرال دينا بمندوبى الصحافة ووكالات الأنباء، والذى أكد أن الاهتمام الأشد قد تحول نحو الجبهة السورية وأن الغارات الجوية سوف تقصف الأهداف الاستراتيجية والاقتصادية فيها، وأنه لم يعد فى استطاعة إسرائيل مواصلة القتال على جبهتين فى وقت واحد لأن مئات الدبابات قد أصيبت، كما فقدت إسرائيل خمسين طائرة وأنه سوف يذيع من التليفزيون نبأ سقوط خط بارليف ويعلن على الجمهور مدى خطورة الموقف إلا أن مائير عندما علمت بالأمر منعت ديان من التوجه إلى التليفزيون وأرسلت بارليف بدلا منه فقام بعرض صورة مخففة للحفاظ على المعنويات لدى القوات الإسرائيلية والشعب الإسرائيلي.
وقامت قوات الفرقة 18مشاة بقيادة العميد أركان حرب فؤاد عزيز غالى بإتمام القضاء على بقايا العدو فى القنطرة شرق ثانى أكبر مدن سيناء، وأعلنت تحرير المدينة ورفع العلم المصرى عليها، كما نجحت قوات الفرقة الثانية مشاة بقيادة العميد أركان حرب حسن أبو سعدة وبالتعاون مع قوات الفرقة 18 مشاة والاحتياطى المضاد للدبابات الذى دفعه العميد أركان حرب محمد عبد الحليم أبو غزالة، قائد مدفعية الجيش الثانى، وبناء على أوامر قائد الجيش الثانى اللواء محمد سعد مأمون فى صد ضربة مضادة شنها العدو بلواءين مدرعين وكتيبة دبابات واستطاعت قواتنا تدمير جزء كبير من تلك القوات وأسرت أعدادا كبيرة منها.
وعند الظهر دخل رئاسة الأركان الإسرائيلية استعرض اليعازر الموقف على الجبهتين المصرية والسورية وقرر تركيز الهجوم على الجبهة السورية مع استمرار دفع المفارز للاشتباك مع رءوس الكبارى التى باتت أقوى من خط بارليف.
فى الوقت ذاته واصلت قوات الجيش الثالث صد هجمات العدو المضادة والتى شنها بقوة لواء مدرع وكتيبتا دبابات، بالإضافة إلى العناصر المرتدة من الهجمات السابقة وتكبد العدو خسائر فادحة، مما أدى إلى فشل كل هجماته المضادة ودفع الجيش الثالث بمفرزة قوية فى اتجاه الجنوب استولت على نقطة العدو القوية الموجودة فى منطقة عيون موسى وعلى بطاريتى مدافع 155مم ولم يتمكن العدو من نسف المدافع قبل استيلاء القوات المصرية عليها نظرا لشدة ووطأة الهجوم المصري.
وكانت تلك المدافع مثبتة على قواعد خرسانية كان يستخدمها العدو خلال فترة حرب الاستنزاف فى ضرب مدينة السويس، خاصة مستودعات البترول ونظرا لتعذر سحب القوات المصرية لتلك المدافع قامت بنسفها.
وفى نهاية 9 أكتوبر تم توحيد رءوس كبارى الفرق لتشكيل كل فرقتين رأس كوبرى واحد على مستوى الجيش بعمق 10-12 كم، وقد بلغ إجمالي طلعات العدو فى 9 أكتوبر 405 طلعات طائرة وجهها ضد الجيشين الميدانيين وقطاع بورسعيد وبعض الطائرات الأمامية، فضلا عن أعمال الاستطلاع الجوى على طول مواجهة القناة وقد دمرت قوات دفاعنا الجوى منها 15 طائرة.