نعيش في عالم مليء بالتحديات و التداعيات السريعة في ظل فضاء مفتوح و آليات حياتية و مجتمعية فرضت علينا و ليس لنا حرية الإختيار في التعامل معها بل أصبحت واقعا لابد أن نتعامل معه بالأسلحة التي تتناسب مع هذه المتغيرات الحديثة و قد إستطاعت أجهزة الإستخبارات العالمية الكبرى أن تسخر العلوم الإنسانية لتخلق من خلالها آليات جديدة لهدم و تفكيك المجتمعات لا يمكن التصدي لها إلا بسلاح واحد و هو سلاح الوعي المجتمعي .
لذلك نجد أن الرئيس عبد الفتاح السيسي في معظم كلماته إلينا يؤكد دائما على ضرورة أن يكون لدينا وعي مجتمعي حقيقي حتى نتسلح جميعا بالسلاح المناسب لمواجهة تداعيات إستخدام آليات هدم و تفكيك المجتمعات التي لم تعد تعتمد على الحروب بشكلها التقليدي المعروف و إنما إعتمدت على آلية التدمير المجتمعي الذاتي المبنية على نقص الوعي المجتمعي أو إنعدامه في أي مجتمع من المجتمعات المستهدفة .
وهذا يضعنا جميعا أمام مسؤلية وطنية كبيرة لنجيب على السؤال المهم ماذا نحن فاعلون لبناء وعي مجتمعي حقيقي داخل المجتمع المصري ليمثل درعا واقيا ضد أي محاولات تستهدف الضرر بالمجتمع المصري ؟
إذا أردنا أن نبني وعي مجتمعي قوي لمجتمعنا فعلينا أن نسير في محاور كثيرة في ذات الوقت لكي نحقق مظلة حماية قوية لعقول المجتمع و نساعد على رسم الصورة الذهنية السليمة لكافة ما يتم على أرض الواقع ليكون هناك رأي عام مجتمعي يؤيد أهداف الدولة و إستراتيجياتها في كافة مجالات التنمية و يحفاظ على الأمن القومي الإجتماعي .
نحتاج إلى تعاون مشترك بين أجهزة الدولة و المواطنين مباشرة يبدأ بضرورة أن تواجه أجهزة الدولة الشائعات فور صدورها بنفس السرعة و الوسيلة المستخدمة و تنشر المعلومات السليمة فورا على الرأي العام و هذا يتطلب وجود موظفين ذوي مهارات عالية في تتبع وسائل الإعلام و وسائل التواصل الإجتماعي و لديهم المعلومات الكافية عن كل ما يتم في الوزارات و الهيئات التي يعملون بها لتكون لديهم مهارة التعامل المباشر مع الشائعة فور صدورها .
كما أن هناك توجيه دائم من الرئيس عبد الفتاح السيسي لأجهزة الدولة و الإعلام في تقديم الشرح التفصيلي المبسط للمواطنين عن كافة ما تقوم به الدولة من أجلهم ليتمكنوا من أن يكون لهم دورا هاما في التنمية بالمشاركة و يزيد وعيهم بمفهوم الدولة و مؤسساتها و بالتالي يتكون لديهم الوعي المجتمعي الذي يحمي عقولهم من أي محاولات لإختراقها و تضليلها و التأثير السلبي عليها .
و هناك دور مبالغ الأهمية لوزارة الثقافة المصرية مستخدمة كل ما لديها من آليات و هيئات لديها القدرة على النفاذ الثقافي التنويري التوعوي إلى قاع المجتمع لتكون سلاح الدولة الأول في بناء الوعي المجتمعي لدي القواعد الجماهيرية و تكون بوابة المواطنين الأولى التي تتبنى المواهب الصاعدة في كافة المجالات الثقافية و الفنية لتساعد في رسم الطريق السيم لهم و تساعدهم في تنمية مهاراتهم ليكون لدينا أجيالا جديدة مبدعة بطبيعتها لديها وعي يخرج من عقول مستنيرة متفتحة لديها القدرة على بناء المستقبل .
و يأتي هنا دور وزارة التعليم العالي لتهتم بالكليات و المعاهد العليا التي تدرس العلوم الأدبية و الإنسانية ليكون لدينا أجيالا قادمة متسلحة بالعلم الذي يمكنهم من دراسة المجتمعات و تحليل عناصر القوة و الضعف و المخاوف و الفرص المتاحة فيها ليكونوا آلية إنسانية تواجه آليات هدم و تفكيك المجتمعات بأسلوب علمي سليم لأن من يقومون برسم و توجيه خطط هدم و تفكيك المجتمعات في العالم هم بالأساس علماء في العلوم الإنسانية و خاصة علم الإجتماع و علم النفس و الجغرافيا و التاريخ و غيرها من العلوم الإنسانية التي تستطيع أن تقدم تحليلا كاملا لحياة أي مجتمع تمكنك من بناءه أو هدمه كيفما تشاء .
و لا يمكن أن ننسى دور وزارة التربية و التعليم في أن تقدم الأنشطة المدرسية الهادفة إلى تعزيز المعلومات و المعرفة بالواقع الذي يعيش فيه الطلاب ليكون لديهم القدرة على الربط بين العلم و الواقع و القدرة على طرح الحلول ليكون لدينا أجيالا مستقبلية تعرف جيدا معنى الدولة و مؤسساتها .
و يأتي أيضا هنا دورا بالغ الأهمية للأحزاب الموجودة داخل الدولة فدورها الأساسي هو تغذية العقول و بناء الثقافة السياسية الواعية بالقضايا المجتمعية و كيفية طرح حلول إبتكارية إبداعية جديدة لمواجهة كافة التحديات التي تقف عائقا أمام البناء و التنمية و التوعية المجتمعية فيجب أن تبذل الأحزاب مجهودا كبيرا في إعادة رسم الصورة الذهنية لدورها في الشارع المصري و لا تشتت مجهودها في أنشطة تقدمها جهات عديدة في المجتمع للمواطنين فالأحزاب هي الجهة الرسمية الوحيدة المنوط بها بناء العقول و تغذيتها ثقافيا و فكريا و سياسيا و خلق إيديولوجيات فكرية تدعم الدولة و تساهم في بناء الوعي المجتمعي .
و هذا كله يدفعنا لكي نضع إسترتيجية وطنية لبناء الوعي المجتمعي نراعي فيها كافة العناصر السابقة لكي نتمكن فعلا من حماية عقول أبناء المجتمع و يكون لديهم الرؤية و البصيرة التي تجعل سلوكهم و تصرفاتهم دائما في مصلحتهم و في مصلحة بلدنا الحبيبة مصر و تحيا مصر تحيا مصر تحيا مصر و سلاما عليكي يا بلادي في كل وقت و في كل حين .