لوكان الفقر رجلًا

الرأى22-10-2021 | 14:52

عرفت البشرية الفقر منذ أقدم العصور وحاولت أن تواجهه وأن تخفف من معاناة الفقراء بمختلف السُبل، ولا يزال القضاء على الفقر بجميع أشكاله أحد أكبر التحديات التى تواجه البشرية، فكثير من البشر يفتقرون إلى الغذاء الكافى و مياه الشرب النظيفة والصرف الصحى.

ومن أهم أهداف التنمية المستدامة إنهاء الفقر بجميع أشكاله بحلول عام 2030، فهناك 1.4 مليار فقير يعيشون فى فقر متواصل متعدد المستويات، وازداد حرمانهم بسبب جائحة كوفيد – 19.

وقد رفع البنك الدولى خط الفقر المتعارف عليه عالميًا إلى 1.90 دولار فى اليوم فى عام 2015، ومع ذلك فإن العديد من الدول تضع خطوط فقر خاصة بها وفق ظروفها.

وخط الفقر هو المستوى الأدنى من الدخل الذى يحتاجه الفرد ليتمكن من توفير مستوى معيشة فى بلد ما، ويتم تحديد مستوى الفقر من خلال المجموع الكلى للموارد الأساسية التى يستهلكها الأفراد البالغون خلال سنة.

ويعد علاج مشكلة الفقر وتخفيف حدتها فى المجتمع مقياس نجاح أو فشل أى نظام اقتصادى، وانعكاسات الفقر على المجتمع خطيرة وتدفع لسلوكيات منحرفة تمثل خروجًا على القيم والأخلاق والدين.

«لو كان الفقر رجلاً لقتلته»، مقولة خالدة نعلمها جميعًا، وهو فعلاً يستحق القتل، فهو المدخل لكثير من الخطايا والشرور، والتى تصل لجعل إنسان يفكر فى قتل ولده: «ولا تقتلوا أولادكم من إملاق نحن نرزقكم وإياهم».

وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يستعيذ بالله منه ويقرنه بالكفر، فكان يقول بعد كل صلاة: «اللهم إنى أعوذ بك من الكفر و الفقر وعذاب القبر»، وفى حديث آخر: «اللهم إنى أعوذ بك من الفقر والقلة والذلة وأعوذ بك أن أظِلم أو أُظلَم».

وقد أقر الإسلام حقوق الفقراء وحفظها وحماها صيانة للمجتمع وحفظًا للأسر وإشاعة لروح الإخاء وسلامة للدين.

وقد صادف الأحد الماضى احتفال الأمم المتحدة باليوم العالمى للقضاء على الفقر والذى أقرته الأمم المتحدة منذ عام 1993 بهدف تعزيز الوعى بضرورة الحد من الفقر و الفقر المدقع فى كافة الدول وبخاصة النامية، وتستهدف التنمية المستدامة خفض نسبة الرجال والنساء والأطفال الذين يعانون الفقر بجميع مستوياته بمقدار النصف على الأقل بحلول 2030.

وبهذه المناسبة أصدر الجهاز المركزى للتعبئة العامة و الإحصاء تقريرًا كشف عن انخفاض معدلات الفقر فى مصر لأول مرة منذ 20 عامًا، وكشف التقرير عن تراجع معدلات الفقر إلى 29.7% عام 2019/ 2020 مقارنة بـ 32.5% عام 2017/ 2018، مما يعكس نجاح جهود الدولة لتحقيق العدالة الاجتماعية بالتزامن مع الإصلاحات الاقتصادية.

كما كشف التقرير عن انخفاض نسبة من يعانون من الفقر المدقع إلى 4.5% عام 2019/ 2020 مقابل 6.2% عام 2017/ 2018.

وأشار التقرير لارتباط زيادة نسبة الفقراء مع زيادة حجم الأسرة، لأن زيادة حجم الأسرة هو سبب ونتيجة للفقر فى نفس الوقت، فهو نتيجة لأنه ليس لدى الأسر الفقيرة الحماية الاجتماعية الكافية وبالتالى تلجأ لزيادة عدد الأطفال كنوع من الحماية الاجتماعية عند التقدم فى السن أو الإصابة بالمرض باعتبارهم مصدر دخل، كما أن الأسرة لديها مسئولية كبيرة فى زيادة نسبة الفقر بسبب زيادة أفرادها.

ومع السعى لتحقيق الإصلاح الاقتصادى لم تغفل الدولة عن دورها الواجب فى التخفيف من آثار إجراءات هذا الإصلاح على الفئات الأقل دخلاً، حيث تزامن ذلك مع تنفيذ حزمة واسعة من برامج الحماية الاجتماعية هى الأكبر من تاريخ مصر.

وتأتى البرامج الاجتماعية التى تطلقها الحكومة ضمن أهداف رؤية مصر للتنمية المستدامة 2030 لدعم الفقراء ومن أهم هذه البرامج «حياة كريمة» التى تهدف لتحسين المعيشة والاستثمار فى البشر (الحماية والرعاية الاجتماعية – سكن كريم – وعى مجتمعى – تأهيل ذوى الاحتياجات الخاصة)، وتحسين مستوى خدمات البنية الأساسية (صرف صحى – مياه شرب – رصف طرق – غاز – كهرباء)، إلى جانب تحسين جودة خدمات التنمية البشرية ( التعليم الصحة – الخدمات الرياضية والثقافية)، وأيضا التنمية الاقتصادية (قروض للمشروعات الصغيرة – تدريب وتأهيل مهنى – مجمعات صناعية – تنمية زراعية وسمكية).

وتستهدف مبادرة حياة كريمة تطوير وتحسين حياة جميع قرى الريف المصرى 4600 قرية و30 ألف تابع لهم، ويبلغ إجمالى المستفيدين 58 مليون مصرى وبتكلفة إجمالية 700 مليار جنيه.

وقد استمرت «معدلات الفقر فى الارتفاع التدريجى منذ 1999 حتى عام 2020، ولم تنخفض إلا فى عام 2020 فقط من خلال نتائج بحوث الدخل والإنفاق التى أجراها الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء.

وانخفضت لأول مرة فى بحث 2019/ 2020 إلى 29.7%، وتستهدف الحكومة خفض هذا المعدل إلى 28.5% خلال العام المالى الحالى 2021/2022.

أضف تعليق

أصحاب مفاتيح الجنة

#
مقال رئيس التحرير
محــــــــمد أمين
تسوق مع جوميا

الاكثر قراءة

إعلان آراك 2