نظمت نقابة المهندسين بالإسكندرية برئاسة الدكتور محمد هشــام سعــودي، ولجنة الصناعة والطاقة برئاسة الدكتور حســن لطفــى، ندوة "الصناعة .. ومستقبل التعليم العالي الهندسي والتكنولوجي" بحضور المتحدث الرئيسي في الندوة الدكتور يسري الجمل – أستاذ هندسة علوم الحاسب الآلي وكبير مستشاري الأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا والنقل البحري ووزير التربية والتعليم الأسبق.
وفى بداية الندوة ألقى الدكتور حســن لطفــى رئيس لجنة الصناعة والطاقة فى نقابة المهندسين بالإسكندرية الضوء على تاريخ التعليم الهندسى فى مصر والذى بدأ منذ عهد المصريين القدماء وفى العصر الحديث فى عهد محمد على عام ١٨١٦ بتأسيس مدرسة المهندسخانة، والتي أنشئت فى القلعة حيث بدأت بفصول أولية فى فن الهندسة، ومن ثم افتتاح عام ١٨٣٤ مدرسة المهندسخانة بصفة نظامية ببولاق، كما استمرت بها الدراسة لفترة ٢٠ عام ولكنها أغلقت فى سبتمبر ١٨٥٤، وأضاف أنه بعد ٤ سنوات تم إنشاء مدرسة هندسة الرى بالقناطر الخيرية عام ١٨٥٨، وتم تأسيس مدرسة أخرى للعمارة بالقلعة ولكن تم إغلاقهما أيضا بعد ٤ سنوات فى سنة ١٨٦١، وفى عام ١٨٦٦ تم إفتتاح مدرسة شاملة للرى والعمارة بسراى الزعفران في العباسية، وانتقلت إلى درب الجماميز فى سبتمبر سنة ١٨٦٧.
وإستكمل أنه في عام ١٩٢٦ صدر قانون لتنظيم المدرسة وأصبح بها أربعة أقسام للدراسة: " القسم المدنى – قسم العمارة – القسم الميكانيكى – وقسم الصناعة"، كما تفرع القسم المدنى إلى ستة فروع اخرى وهم "الرى – البلديات – الكبارى – الموانئ – المساحة – والسكك الحديدية"، وتم تأسيس فرعين للقسم الميكانيكى، هما الميكانيكا – والكهرباء وتم وقتها إرجاء تأسيس قسم الكيمياء الصناعية، وفى عام ١٩٢٨ تم تعيين الدكتور شارل اندريا ناظرا للمدرسة، وقد كان قبل ذلك أستاذا وعميدا لمدرسة الهندسة بزيورخ.
وأضاف إنه في عام ١٩٣٥ تحولت مدرسة المهندسخانة إلى كلية الهندسة، وإستمر إنشاء كليات الهندسة بالجامعات الحكومية – ثم إنشاء المعاهد العليا الصناعية – وبالتعاون مع المانيا تم انشاء معهد القاهرة العالي للتكنولوجيا بحلوان وكان نواة تأسيس جامعة حلوان كجامعة تكنولوجية عام ١٩٧٥ بمسمى كلية التكنولوجيا بحلوان مع العديد من المعاهد التي تحولت إلى كليات للهندسة فيما بعد ثم تم تأسيس المعهد العالي للهندسة والتكنولوجيا بالعاشر من رمضان وتبعه انشاء العديد من المعاهد العليا الخاصة للهندسة والتكنولوجيا.
وأشار الدكتور حســن لطفــى إلى أنه قد استمر لمدة طويلة الخلط بين التعليم العالي الهندسي والتعليم التكنولوجي، مضيفا أن إنشاء الجامعات التكنولوجية يعد حلا حاسما خاصة وأنها تضم كليات تكنولوجية بمسميات دقيقة منها كلية الصناعة والطاقة ومناهج تطبيقية متخصصة.
كما أشار إلى أن ذلك يأتي في إطار تطوير التعليم الفني وربطه بمتطلبات الصناعة وإحتياجات سوق العمل، وبهدف إيجاد مسار لطلاب التعليم الفني حيث تمنح الجامعات التكنولوجية الجديدة الطلاب شهادة البكالوريوس بما يمثل علاج لنظرة المجتمع الخاطئة تجاه التعليم الفني.
وأضاف أنه من المعروف أن التعليم العالي الهندسي يهدف إلى تخريج المهندسين المتخصصين القادرين على مواكبة التطورات العلمية والهندسية ومن الضروري أن يكون الخريجين على مستوى متطلبات هذا العصر، وذلك هو دور الجامعات والمؤسسات التعليمية الهندسية لتلبية متطلبات الصناعة وحل المشاكل الصناعية والتكنولوجية.
ومن جانبه استعرض الدكتور يسري الجمل الموقف الحالي للتعليم العالي في مصر المتضمن وجود ٧٢ جامعة حكومية وأهلية وخاصة وتكنولوجية وفروع لجامعات أجنبية وجامعات بإتفاقيات دولية، بالإضافة إلى ٢١٧ معهد يدرس بها ٣ مليون طالب.
كما إستعرض الموقف الحالي للتعليم الفني الصناعي المتضمن وجود ١٢٣٥ مدرسة منها مدارس ثانوية نطام ٣ سنوات تشمل مدارس ثانوية فنية للتعليم الصناعي ومدارس التعليم والتدريب المزدوج (مبارك – كول) والمدارس الفنية النوعية بالإضافة إلى معاهد الدون بوسكو.
وأضاف إن منظومة التعليم الفني الصناعي تشمل أيضا مدارس ثانوية نظام ٥ سنوات ومعاهد فنية صناعية وكذلك مجمعات تكنولوجية بالإضافة إلى وجود ٨ كليات تكنولوجية موزعة على أنحاء الجمهورية يتبعها ٢١ معاهد فني صناعي، ويبلغ إجمالي طلاب التعليم الفني الصناعي ٤٩٣ ألف طالب.
من جانب آخر تناول الدكتور يسري الجمل بالإيضاح الإطار المرجعى لإعداد البرامج الدراسية لمرحلة البكالوريوس بكليات الهندسة الصادر عام ٢٠٢٠ الذي يشمل المكونات الأساسية لمتطلبات الجامعة والكلية والتخصص العام والتخصص الدقيق، كذلك أوضح سيادته توزيع ساعات البرنامج على متطلبات التخرج وإستعرض سلسلة مقررات متطلبات الجامعة وسلسلة مقررات متطلبات الكلية ومتطلبات الحصول على درجة البكالوريوس.
كما أشار إلى أهمية الجامعات التكنولوجية التي تتبنى الدولة تأسيسها وتوزيعها جغرافيا في أنحاء الجمهورية الهادفة إلى تقديم البرامج الدراسية التى تخدم الصناعات المحلية بكل منطقة جغرافية، ومنها الصناعات المعدنية، والخشبية، والهندسية، والإلكترونية، والكهربائية، وصناعات الغزل والنسيج، والصناعات الغذائية، والصناعات التحويلية، وصناعة الورق ومنتجاته والطباعة والنشر، والكيماويات، ومواد البناء والخزف والحراريات، وإستغلال المناجم والمحاجر، لتأهيل كوادر فنية مدربة جيدًا للإلتحاق بسوق العمل.
كما اشار إلى وجود ٣ جامعات تكنولوجية حاليا مضيفا أنه في المرحلة التالية جاري إنشاء ٦ جامعات تكنولوجية أخرى، موضحا أن مدة الدراسة بالكليات التابعة لها ٤ سنوات، حيث يمكن للطالب بعد أول عامين الحصول على دبلوم مهنى فوق المتوسط والخروج إلى سوق العمل، أو إستكمال العامين الآخرين للحصول على درجة البكالويوس المهنى فى التكنولوجيا وأضاف سيادته أن الجامعات التكنولوجية تمنح درجات الدبلوم المهني في التكنولوجيا والبكالوريوس المهني في التكنولوجيا والماجستير المهني في التكنولوجيا والدكتوراه المهنية في التكنولوجيا.
وأكد أن المرحلة القادمة ستشهد تأسيس جامعة تكنولوجية خاصة بمدينة بدر بالتعاون مع معهد ساكسونى للتعليم التكنولوجى على مساحة ٨٠ فدان في عدة مجالات منها تكنولوجيا الهندسة الكهربية وتكنولوجيا الحاسبات والمعلومات وتكنولوجيا الهندسة الميكانيكية وتكنولوجيا النظم الالكتروميكانيكية وتكنولوجيا الهندسة الكيماوية والبيئية وتكنولوجيا العلوم التطبيقية.
و في ختام كلمته قال إن قطاع الدراسات الهندسية والتكنولوجية فى مصر يشهد حراكا هاما فى اتجاه تنظيم الدراسة فى كليات الهندسة من خلال الإطار المرجعى الصادر فى عام ٢٠٢٠ وتطبيق نظام الساعات المعتمدة مع التوسع فى إنشاء الجامعات التكنولوجية لتوفير فرص الدراسة الجامعية لخريجى المدارس الفنية والارتقاء بمستوى التعليم الفنى والتكنولوجى وتغيير الصورة الذهنية لهذه النوعية من التعليم والتأهيل لتلبية متطلبات قطاع الصناعة.
وفى نهاية اللقاء تم الإعلان عن عدد من التوصيات :
١- ضمان جودة التعليم العالي الهندسي هو أفضل ما سنقدمة للأجيال القادمة.
٢- التأكيد على ضرورة الإستمرار في تطوير التعليم الهندسي والتكامل بين تخصصاته، والجمع بين أكثر من تخصص في المجال الهندسي وربط التخطيط للتعليم الهندسي مع التخطيط الصناعي والإقتصادي.
٣- وضع استراتيجيات وأهداف محددة لبرامج التعليم الهندسي ومخرجات البحث لمدة من ( ٥ - ١٠) سنة والتنسيق بين الجهات الحكومية المعنية والجامعات والمعاهد العليا التعليمية والقطاع الخاص لأن تطبيقات العلوم والتكنولوجيا تستند على مخرجات التعليم الهندسي والتكنولوجي كما أن النهضة الصناعية المتقدمة تعتمد على مساهمة الجهات الثلاث في تقديم الدعم والمشاركة الفعالة.
٤- التوسع في إنشاء مشروعات الحاضنات والنانو تكنولوجي وأندية الإبداع الهندسي، بالإضافة إلى الإشتراك في المسابقات العالمية، و العمل على دعم الصناعة القائمة على المعرفة من خلال تبني أفكار الطلاب بطريقة تنافسية.
٥- التأكيد على دور نقابة المهندسين وهي الجهة المنوط بها طبقاً للقانون ضبط ممارسة المهنة وتطويرها وتطوير وتنمية مهارات وقدرات المهندسين، وعليها دور تكوين الإطار العلمي لتطوير المهندسين ووضع البرامج التدريبية والعلمية لتمكينهم من أداء رسالتهم المهنية في خدمة خطط التنمية.
٦- ضرورة الإهتمام بالتطوير والمراجعة المستمرة لمناهج التعليم الهندسي بما يواكب التطورات السريعة في مجال التكنولوجيا، خاصة الثورة الصناعية الرابعة والتي بدأت بالروبوتات والذكاء الاصطناعي وتكنولوجيا النانو.
٧- تعظيم دور القطاع الخاص كشريك استراتيجي للدولة في تطوير التعليم التكنولوجي وخدمة الإقتصاد والصناعة الوطنية، خاصة أن قطاع التعليم في مصر من القطاعات الجاذبة للاستثمار والتي تمتلك فرص كبيرة للنمو للاستثمار في التعليم الفني خاصة وأن الصناعة في حاجة إلي العمالة المدربة والماهرة.
٨- إعداد الطلاب السابق للمرحلة الجامعية وتأهيلهم للتعليم الهندسي وتمكينهم من تجاوز الحواجز اللغوية و عدم الإعتماد على كتاب واحد كمصدر للمناهج.
٩- تصميم برامج التعليم من واقع متطلبات الصناعة الوطنية وعدم الإكتفاء بمحاكاة الجامعات الأجنبية في إختيار برامج التعليم الهندسي.
١٠- وضع سياسات تمكن المعاهد العليا الهندسية الخاصة من توفير الكوادر الأكاديمية وهيئات التدريس التطبيقية والإمكانيات المادية حتي يمكنها تقديم خدمات تعليمية متطورة لتخريج كوادر هندسية مؤهلة على أعلى مستوى تلبي متطلبات سوق العمل، مع السماح لها أيضا بتقديم برامج تعليمية تكنولوجية متخصصة تؤهل لمنح درجة البكالوريوس المهني في التكنولوجيا.