الإرادة.. وإدارتها.. والأزمة اللبنانية

الإرادة.. وإدارتها.. والأزمة اللبنانيةسعيد صلاح

الرأى24-10-2021 | 21:14

أعتقد أن كل ما يحتاجه لبنان اليوم للخروج من أزمته الطاحنة هو «الإرادة» الكاملة والصادقة من كافة الأطراف المتصارعة لإنقاذه، فضلا عن امتلاك القدرة على الإدارة الصحيحة لهذه الإرادة حتى يكتمل للأشقاء اللبنانيين الهدف ويعبرون أزمتهم، التى وصفها البنك الدولي بأنها من أسوأ الأزمات التي مرت بالعالم منذ أكثر من 150 عاما.

والاعتقاد بأن الأزمة فى لبنان بدأت عام 2019 عندما قررت الحكومة فرض ضرائب على الاتصالات المجانية فهو اعتقاد خاطئ، ومن اعتقد أن الأزمة تنتهي دون إصلاح فهو خاطئ فالحل لن يكون إلا بالإصلاح كمبدأ أساسي ومهم للخروج من الأزمة التى تراكمت وتفاقمت وتوشك على ابتلاع لبنان إلى حيث لا رجعة لسنوات طويلة.

لقد فعلها اللبنانيون فى الأربعينيات بعدما تخلصوا من السيطرة الفرنسية، فقد اجتمع المخلصون فيها وأعلوا مصلحة لبنان ووضعوا خطة لإخراجه من كبوته ونفض غبار الاستعمار عنه إلى الأبد، وكان القطاع المصرفى هو فرس الرهان وسفينة نوح للعبور ب لبنان إلى بر الأمان. ففى الفترة من 1950 وحتى 1962 تضاعف الدخل القومي اللبناني بمعدل سنوي 4.5% معتمدا بشكل كبير على القطاع المصرفى الذى نما خلال هذه الفترة بنسبة 200% ناجحا فى جذب رؤوس الأموال فارتفعت قيمة الودائع فى البنوك 5 أضعاف ووصل عدد البنوك وقتها إلى 85 بنكا يدعمون بجانب السياحة والتحويلات الخارجية الاقتصاد اللبناني الذى ظل حتى عام 1974 مستقرا غير مديون.

ولكن هذا الحلم سرعان ما تبدد، فقد اندلعت الحرب الأهلية عام 1975 واستمرت حتى1990، وظل لبنان خلال هذه الفترة يعاني الأمرين، وخرج من تلك الحرب منهارا تماما بعدما فقد أكثر من 100 ألف لبناني ونزح منه قرابة المليون إنسان، وقد انخفضت قيمة الليرة بشكل كبير، فبعدما كان الدولار يساوي 2.75 ليرة عام 1975 أصبح الدولار يساوى 700 ليرة عام 93 و1700 ليرة عام 1994، ولأن هناك قوى ودولا كثيرة لا تريد لهذا البلد أن يقوم من كبوته فقد دخل فى حرب أخرى يوليو 2006 مع إسرائيل وكانت حربًا تستهدف بشكل ممنهج البنية التحتية الأساسية وقد دمرتها كلها تقريبا ليدخل لبنان نفقا جديدا شديد الظلمة وبلا نهاية ظلت خلاله الديون تطارده وتتراكم عليه حتى أعلن فى 2020 أنه لن يستطيع تسديد هذه الديون فى ظل تدهور حاد لسعر الليرة حتى أصبح الدولار يساوي أكثر من 20 ألف ليرة وفى ظل احتجاجات متواصلة وصراعات سياسية تخنقها من كل الجهات، تشعلها وتؤججها المصالح الطائفية والحزبية والفئوية والشخصية.

وها هو لبنان على شفا حرب جديدة، فليس فى إعلان حسن نصر الله أن حزب الله يمتلك 100 ألف عنصر مسلح إلا إعلان عن حرب قد تندلع فى أى وقت، وقد حدث لها سيناريو مصغر الخميس قبل الماضي عندما أطلق مسلحون النار خلال احتجاجات لعناصر من حزب الله وحركة أمل اعتراضا على استمرار القاضي طارق البيطار فى مباشرة تحقيقات كارثة انفجار مرفأ بيروت.

أنقذوا لبنان أيها اللبنانيون، وأوقفوا الصراعات الداخلية، وابتعدوا عن الحرب الأهلية، واستفيدوا من دعم إخوانكم العرب ومن التقارب المصري العراقي الأردني الخليجي.. امتلكوا الإرادة الحقيقية للحل وأحسنوا إدارة هذه الإرادة.. أعطوا لبنان «وردة» ولا تعطوه «سكينا».

حفظ الله الجيش.. حفظ الله الوطن

أضف تعليق