في مثل هذا اليوم ولد محمد خان، مخرج ومبدع من طراز خاص، وعشق مصر رغم أنه لم يحمل جنسيتها سوى عامين وانتصر للمواطن المصري وأبدع في إخراج أعمال غلبت عليها مدرسة الواقعية.
وُلد محمد خان فى يوم 26 أكتوبر عام 1942م لأب باكستاني وأم مصرية ونشأ في منزل مجاور لدار سينما مزدوجة وكان يرى مقاعد إحداها ولا يرى الشاشة.
وكان محمد خان يشاهد الأفلام في اليوم الأول ويتابع شريط الصوت بتركيز بقية الأيام، كان حريصا على جمع إعلانات الأفلام من الصحف، وشراء مجموعات صور الأفلام، وبالرغم من ذلك، إلا أنه لم يكن يحلم يوماً بأن يصبح مخرجاً سينمائياً حيث كانت الهندسة المعمارية هي حلم طفولته.
في عام 1956، سافر محمد خان إلى إنجلترا لدراسة الهندسة المعمارية، إلا أنه التقى بالصدفة بشاب سويسري يدرس السينما هناك وذهب معه إلى مدرسة الفنون، فترك الهندسة والتحق بمعهد السينما في لندن، ولكن دراسته في المعهد اقتصرت فقط على الاحتكاك بالآلات ومعرفته للتقنية السينمائية، أما مدرسته الحقيقية فكانت من خلال تعرفه على السينما العالمية في الستينات، ومشاهدته لكمية رهيبة من الأفلام، ومعاصرته لجميع التيارات السينمائية الجديدة في نفس وقت نشوئها وتفاعلها.
وشاهد أفلام الموجة الفرنسية الجديدة، وأفلام الموجات الجديدة للسينما التشيكية والهولندية والأمريكية، وجيل المخرجين الجدد فيها، كما تابع أفلام أنطونيوني وفلليني وكيروساوا وغيرهم من عمالقة الإخراج في العالم. وبالإضافة إلى هذه الحصيلة الكبيرة من الأفلام، كانت هناك حصيلته النظرية، أي متابعته لمدارس النقد السينمائي المختلفة، مثل "كراسات السينما الفرنسية والمجلات السينمائية الإنجليزية الأخرى. وهي بالفعل مدرسة محمد خان الحقيقية، التي جعلته ينظر إلى السينما نظرة جادة ومختلفة عن ما هو سائد في مصر والعالم العربي. وقد تأثر بأنطونيوني على وجه الخصوص.
عاش محمد خان فترة طويلة في إنجلترا، دامت سبع سنوات، حيث أنهى دراسته في معهد السينما عام 1963. بعدها عاد إلى القاهرة وعمل في شركة فيلمنتاج (الشركة العامة للإنتاج السينمائي العربي)، تحت إدارة المخرج صلاح أبو سيف ، وذلك بقسم القراءة والسيناريو مع رأفت الميهي و مصطفى محرم و أحمد راشد و هاشم النحاس. ولم يستطع خان الاستمرار في العمل في هذا القسم أكثر من عام واحد، سافر بعدها إلى لبنان ليعمل مساعداً للإخراج مع يوسف معلوف ووديع فارس وكوستا وفاروق عجرمة. وبعد عامين هناك، سافر مرة أخرى إلى إنجلترا ، حيث هزته هناك أحداث حرب 1967. وأنشأ دار نشر وأصدر كتابين، الأول عن السينما المصرية والثاني عن السينما التشيكية، وكان يكتب مقالات عن السينما. وفي عام 1977 عاد إلى مصر وأخرج فيلماً قصيراً.
عاد محمد خان إلى القاهرة وبدأ مشواره السينمائي بفيلم ضربة شمس عام 1978، أولى تجاربه الروائية الفيلمية، والذي أعجب به نور الشريف عند قراءته للسيناريو، لدرجة أنه قرر أن ينتجه.
وخلال مشواره السينمائي تعاون المخرج محمد خان مع كبار النجوم من مختلف الأجيال، وقدم أول أفلامه السينمائية عام 1980 وهو فيلم "ضربة شمس" من بطولة النجم الراحل نور الشريف، وتعاون بعد ذلك مع النجوم يحيى الفخراني في فيلمي "عودة مواطن، خرج ولم يعد"، والنجم الراحل فاروق الفيشاوي في فيلم "مشوار عمر"، والعديد من النجوم الآخرين مثل محمود حميدة ونبيلة عبيد، وكون ثنائيا مع الفنان أحمد زكي قدما من خلاله العديد من الأفلام السينمائية، كما تعاون مع الفنانين من الجيل الجديد في السينما، فقدم فيلم "بنات وسط البلد" من بطولة منة شلبي، وفيلم "في شقة مصر الجديدة" من بطولة غادة عادل والعديد من الأفلام الأخرى.
ثم توالت أفلامه الناجحة الذي أخرجها مثل الحريف وأيام السادات، وشارك في كتابة 12 قصة من أكثر من 23 فيلما قام بإخراجه وكون مع بشير الديك وسعيد شيمي ونادية شكري وعاطف أبو الطيب وخيري بشارة وداود عبدالسيد ، أنشأ المخرج الكبير جماعة سينمائية أطلق عليها جماعة أفلام الصحبة جمعتها رابطة الصداقة ومجمل القضايا والهموم الفنية والثقافية بشكل عام.
وكان الهدف من إنشاء هذه الجماعة إنتاج أفلام ذات مستوى جيد وجديد، والفيلم الوحيد الذي قامت الجماعة بإنتاجه هو الحريف، وحسب استفتاء النقاد عام 1996م جرى اختيار 4 أفلام للمخرج محمد خان ضمن قائمة أفضل 100 فيلم في تاريخ السينما المصرية هي خرج ولم يعد وأحلام هند وكاميليا وسوبر ماركت وزوجة رجل مهم.
لـ محمد خان رحلة صعبة للحصول على الجنسية المصرية، حيث حاول طوال عمره الحصول عليها، بعد أن ظل سنين طويلة يعيش بجنسية والده الباكستانية، حتى حصل على الجنسية المصرية عام 2014، بعد بلوغه عمر الـ72 عامًا.
وتحدث محمد خان عن كواليس حصوله على الجنسية المصرية والمعاناة التي مر بها حتى يحظى بها، خلال لقائه مع برنامج “معكم” منى الشاذلي، وقال: “أبويا رباني على إن مصر دي بلدي ولازم أكون جزء منها، وأنا عمري ما كنت خواجة”.
وأشار محمد خان إلى أنه كثيرا ما حاول الحصول على الجنسية، ولكن دائما كانت طلباته تأتي بالرفض، قائلا: "أنا كنت مصر إن الجنسية تيجي لحد باب البيت، بعد ما عملت عدة محاولات وقلت مش هطلبها، وشكرا للمستشار عدلي منصور".
وتابع: "أنا أحمل شهادة ميلاد مصرية، ولكني رفضت الحصول على الجنسية المصرية بطرق غير قانونية".