يحكى أن هناك ملك طلب من حكيم أن ينقش على خاتمه عبارة كلما قرأها وجدها مناسبة، فكر الحكيم كيف يستطيع إرضاء الملك دون أن ينال منه إذا غضب فى أى وقت عند قراءة العبارة ، فكتب يقول: «هذا الوضع لن يستمر»..
فى البداية وعندما قرأت هذه المقولة لم أحبها لأننى أعتقد أن الأمور الجيدة يجب أن تستمر إذا كنا نريد وأن نحاول بكل ما استطعنا حتى تبقى للأبد .
والحقيقة المؤلمة من ناحية ومبهجة من ناحية أخرى أنه لا شىء يبقى كما هو، ولا وضع يستمر.
المشكلة هنا كيف نرى الأمور وكيف نتخلص من التعلق بحالة أو وضع أو شخص أو حتى عادة عشنا معها وقت طويل؟
كيف نستطيع أن نجعل من منطق العقل صيغة ترضى مشاعرنا أو تلطف الأمر على قلوبنا كى نتقبل الوضع الجديد؟.
كيف تنتقل من بيت إلى آخر وأنت تعرف أن الأماكن ليست مجرد جدران ؟.
كيف تحمل عبء الذكريات وتحاول دفنها فى صندوق، والصندوق فى سرداب بعيد ورغم ذلك تفوح رائحة الدمع المعتق؟
ولماذا لا نرحب بالتغيير أو نبدل مشاعرنا ونسعد وكأننا نبدل الأثواب؟.
أذكر صديقة كنت أعرفها كنت تحب زوجها بجنون، ولم يكن يبالى بها بل تركها وسافر إلى إحدى الدول الغربية، وتزوج هناك، فما كان منها الا أن باعت كثير مما تملك لتلحق به وتحاول أن تعيده، وتستعيده، وهى هناك تعبر الطريق وهى شاردة صدمتها سيارة وماتت.. كأنها سافرت لتفقد حياتها هناك، كانت صديقتنا العاقلة تقول هذا درس بعدم التعلق، ولم أكن أفهم أو أستطيع التمييز بين الحب والتعلق وحتى الآن هناك لبس شديد بين الأمرين.
كيف نحب أولادنا ثم نبكى ليلة زفافهم مثلا، وندعى أنها دموع الفرح رغم أن الفرح لا يعرف البكاء، كل ما نحبه نريد أن نمتلكه، كما نحبس العصافير فى أقفاص، ونقول ماأجمل لون الريش وما أعذب صوتها حين تغرد.
الواقع أن الحياة لابد أن تستمر، وأن تبدل الأحوال ربما بكون الفكرة الأكثر ثباتا، وعندما ننظر وراءنا لن نستطيع أن نتذكر كم مرة قلنا هذا الأمر لن ينسى.. أو أن الألم فوق الأحتمال.. وأن مرورنا من هذه المنطقة شبه مستحيل، ولكن بداخل كل منا يقين يقول:
إن الحياة أقوى من الموت، وأن الأمل نوع من التحدى، وأن العيون التى كنا نبصر بها طريقا واحدا، ونُصّر على أن نسير فيه، غفلت عن تلك الإشارات، فلا مانع أن نعود ونلتفت جيدا، ونبدأ السير من جديد، ورغم وعورة الطرق إلا أن الحياة تأتى بمفاجأت تشبه ذلك النبت فوق الأسفلت.