في مثل هذا اليوم الثامن والعشرون من شهر أكتوبر تمر علينا ذكرى رحيل الأديب طه حسين.
طه حسين عميد الأدب العربي، له مشوار ملئ بالثقافة والحضارة، حيث ولد بعزبة الكيلو، مركز مغاغه، محافظة المنيا، يوم14 نوفمبر 1889، وبدأ منذ نعومة أظافره بالتعليم الدينى الأزهرى، حفظ القران وهو طفل، وسافر الي فرنسا عام 1914 ميلادية, وعاد متأثرًا بالثقافة الغربية.
ومن أهم أعماله الأدبية كتاب "الأزمة في الشعر الجاهلى"، واهتم بكتابة الروايات البديعة الموجودة في قائمة أفضل 100 رواية عربية مثل( دعاء الكروان) وغيرها من الروايات التي تأثر بها الفكر العربي كالوعد الحق, والحب الضائع واستمر العميد في طرح افكاره في التنوير.
ومما قال به أيضا أتمنى أن يبتدأ إصلاح التعليم في الأزهر اولا حتى تكون شهادة الثانوية الازهرية معادلة حقا للشهادة الحكومية وهذا حتى تتوحد العقلية المصرية دينيا ومدنيا
ونجح الأديب اللبناني (مارون عبود) في رسم صورة تحليلية ل طه حسين فقال لقد (شبع الاستاذ الكبير والاديب العظيم من الثناء حتى انشبع وارتواى ومايزال ظمان لان الادباء لا يرتون من الثناء ولو عبوه من نهر الفرات).
وكان طه حسين سابع ثلاثة عشر من أبناء أبيه حسين، وخامس أحد عشر من أشقائهِ، ووالده حسين عليّ كان موظفًا رقيق الحال في شركة السكر.
أدخله أبوه كتاب القرية للشيخ محمد جاد الرب لتعلم العربية والحساب وتلاوة القرآن الكريم وحفظه في مدة قصيرة أذهلت أستاذه وأقاربه ووالده الذي كان يصحبه أحياناً لحضور حلقات الذكر، والاستماع إلى قصص عنترة بن شداد وأبو زيد الهلالي.
تعليمه
دخل طه حسين جامع الأزهر للدراسة الدينية والاستزادة من العلوم العربية في عام 1902، فحصل فيه على ما تيسر من الثقافة، ونال شهادته التي تخوله التخصص في الجامعة، لكنه ضاق ذرعاً فيها، فكانت الأعوام الأربعة التي قضاها فيها، وهذا ما ذكره هو نفسه، وكأنها أربعون عاماً وذلك بالنظر إلى رتابة الدراسة، وعقم المنهج، وعدم تطور الأساتذة والشيوخ وطرق وأساليب التدريس.
ولما فتحت الجامعة المصرية أبوابها عام 1908 كان طه حسين أول المنتسبين إليها، فدرس العلوم العصرية، والحضارة الإسلامية، والتاريخ والجغرافيا، وعدداً من اللغات الشرقية كالحبشية والعبرية والسريانية، وظل يتردد خلال تلك الحقبة على حضور دروس الأزهر والمشاركة في ندواته اللغوية والدينية والإسلامية. ودأب على هذا العمل حتى سنة 1914، وهي السنة التي نال فيها شهادة الدكتوراه وموضوع الأطروحة هو: «ذكرى أبي العلاء» ما أثار ضجة في الأوساط الدينية، وفي ندوة البرلمان المصري إذ اتهمه أحد أعضاء البرلمان بالمروق والزندقة والخروج على مبادئ الدين الحنيف.
وقد صدرت أوامر من من شيخ الأزهر للجنة الفاحصة بعدم منح طه حسين درجة العالمية مهما كانت الظروف.
وإن كان مؤلف «الأيام» قد مُنِعَ من الحصول على درجة العالمية في الأزهر الشريف، فإنه قد بلغ أعلى درجة علمية في الجامعة، بنيله شهادة الدكتوراه وهكذا صار رجل "جامعة" بدل أن يصير رجل "جامع". فإن إفشاله في الجامع كان أعظم حافز نحو النجاح المبهر في الجامعة.
وفي العام نفسه، أي في عام 1914 أوفدته الجامعة المصرية إلى مونبلييه بفرنسا، لمتابعة التخصص والاستزادة من فروع المعرفة والعلوم العصرية، فدرس في جامعتها الفرنسية وآدابها، وعلم النفس والتاريخ الحديث. بقي هناك حتى سنة 1915، سنة عودته إلى مصر، فأقام فيها حوالي ثلاثة أشهر أثار خلالها معارك وخصومات متعددة، محورها الكبير بين تدريس الأزهر وتدريس الجامعات الغربية ما حدا بالمسؤولين إلى اتخاذ قرار بحرمانه من المنحة المعطاة له لتغطية نفقات دراسته في الخارج، لكن تدخل السلطان حسين كامل حال دون تطبيق هذا القرار، فعاد إلى فرنسا من جديد لمتابعة التحصيل العلمي، ولكن في العاصمة باريس فدرس في جامعتها مختلف الاتجاهات العلمية في علم الاجتماع والتاريخ اليوناني والروماني والتاريخ الحديث وأعد خلالها أطروحة الدكتوراه الثانية وعنوانها: «الفلسفة الاجتماعية عند ابن خلدون»، وكان ذلك عام 1918 إضافة إلى إنجازه دبلوم الدراسات العليا في القانون الروماني، والنجاح فيه بدرجة الامتياز، وفي غضون تلك الأعوام كان قد تزوج من سوزان بريسو الفرنسية السويسرية الجنسية التي ساعدته على الإطلاع أكثر فأكثر باللغة الفرنسية واللاتينية، فتمكن من الثقافة الغربية إلى حد بعيد.
كان لهذه السيدة عظيم الأثر في حياته، فقامت لهُ بدور القارئ فقرأت عليهِ الكثير من المراجع، وأمدته بالكتب التي تمت كتابتها بطريقة برايل حتى تساعده على القراءة بنفسه، كما كانت الزوجة والصديق الذي دفعه للتقدم دائماً وقد أحبها طه حسين حباً جماً، ومما قاله فيها أنه «منذ أن سمع صوتها لم يعرف قلبه الألم»، وكان ل طه حسين اثنان من الأبناء هما: أمينة ومؤنس.
وتوفي طه حسين يوم الأحد 28 أكتوبر 1973م عن عمر ناهز 84 عاما.