تعتبر مقبرة أغا خان الشهيرة الواقعة على الضفة الغربية من مجرى نهر النيل في أسوان هي رمز لقصة حب رائعة بين شابة جميلة ورجل عجوز اكبر منها ب30 عام هما الأمير محمد شاه أغا خان وهو زعيم شيعي وإمام سابق والمحبوبة هي بائعة الزهور الفرنسية ايڤيت لابدوس.
ولد الامير محمد شاه في الهند بمدينة كراتشي عام 1877 وهو ابن الإمام السابق أغا خان والإمام الثامن والأربعين والذي كان يرأس الطائفة الإسماعيلية النزارية وهو الذي جاب العالم من شرقه إلى غربه وكان يتحرك ويتعامل مع الملوك والسلاطين وعلية القوم وقتها ولكنه لم يجد الحب الذي يبحث عنه ولكنه كان عاشقاً للورود وخاصاً الأحمر منها وربما هذا أحد أسباب ولعه وتعلقه بالجميلة ايفيت لابدوس المولودة في عام 1906 بفرنسا قرب مدينة كان وكانت تعمل بائعة للزهور وقد فازت بلقب ملكة جمال فرنسا لعام 1938، وكانت تعيش حياة بسيطة في حدود كونها فتاة جميلة فقيرة وهي تنتظر فارس الأحلام.
من العجيب أن قصة الحب الرائعة هذه بين رجل في الثامنة والستون من عمرة وفتاة رائعة الجمال لقبت بملكة جمال فرنسا وتخطت الثلاثينات بدأت بمحض الصدفة عندما رآها الأمير محمد شاه في حفل ملكي بمصر الذي دعيت له لابدوس بعد فوزها بلقب ملكة جمال فرنسا ومن النظرة الأولى أعجب بها بشدة الأغا خان الأمير محمد شاه وتعلق بها بشدة وبدأت قصة الحب العنيفة بقاسم مشترك وهو الورود الحمراء التي أفضت الى زواج وثقت عراه عام 1942وقد دفع مبلغ خيالي كمهر لها وهي تعتبر زوجته الرابعة والأخيرة والتي أكد أنها حب عمره الذي وجده متأخرًا.
ورغم فارق السن بينهما الى ان حبهما كان صادقاً وحقيقياً وهو ما ظهر جلياً لكل من عاصرهما وصحبت ايڤيت الشاه في كل رحلاته حول العالم وزارا 40 دولة وارتبطا بمصر والسودان كثيراً وتعلق قلبه بمدينة أسوان التي سحرته بجمالها وبطقسها البديع في فصل الشتاء، وكيف كانت رمالها بمثابة كلمة السر لشفاءه من امراض الروماتيزم التي كان يعاني منها فقرر ان يبني في قلب تلك الرمال وعلى ضفاف النيل الساحر ڤيلا كسكن لهما.
وايڤيت لابدوس هي الزوجة التي أشهرت إسلامها قبل أن تتزوجه وسمت نفسها (أم حبيبة)، ولم يكن أغاخان ينادي البيجوم سوى باسم (ياكي) كونه من الحروف اللاتينية الأولي لاسمها (ايفيت أغاخان) أما (فيفت) فتعني الحب بمعنى (لامور) أو المحبوبة لتصبح لدينا كلمة ياكيمور وهو الاسم الذي أطلقة أغاخان على الفيلا الرائعة التي أقامها لمحبوبته أم حبيبة لتكون عش حبهما.
لم يقتنع أبناء الطائفة بزواج أميرهم من بائعة الورد إلا انه بعد المشاورات تقبلوها وخاصة أنها قد أشهرت إسلامها قبل الزواج وسميت البيجوم ايفت لابدوس رغم أنها بعد إسلامها سمت نفسها بأم حبيبة.
شيد القصر أو الڤيلا الذي عاشا فيه الحبيبان قرابة خمسة عشرة عامًا فوق هضبة في جزيرة وسط النيل بأسوان والذي يطل على قصر الملك فاروق الذي تحول الآن إلى فندق كتراكت ومن الجهة الأخرى يطل على مقبرة رومانية إغريقية ومعبد ساتت الذي شيدته الملكة حتشبسوت وقد شيدت المقبرة الشهيرة لأغا خان بجوار القصر على طراز المقابر الفاطمية القديمة بمصر وقد استخدم في بنائها الرخام المرمري الخالص وقد ظلت المقبرة شاهدة على قصة الحب الرائعة.
وبعد وفاة الأمير عام ١٩٥٧ قررت حبيبته أم حبيبة البقاء بجوار الجثمان في قصرها وكانت تضع كل يوم وردة حمراء داخل كأس مصنوع من الفضة على قبره للوفاء حتى أنها إذا اضطرت للسفر تشدد على الحراس في المواظبة على وضع الوردة الحمراء على القبر يوميا كما زرعت حديقة القصر بنفس نوع الوردة الحمراء والتي كان يفضلها الأمير كما أنها أوصت بعد موتها بدفنها بجواره وكانت عندما تحضر إلى المقبرة تركب مركب ذي شراع اصفر مميز وفي هذه الحالة يعرف أهالي أسوان أن أم حبيبة حضرت ولم تنسى زوجها أبدا حتى وفاتها ودفنها بجواره.
توفيت أم حبيبة عام 2000 ودفنت بجوار الأمير محمد شاه وكانت أوصت بأنه بعد وفاتها تتوقف عادة وضع الوردة الحمراء على القبر ولكن بوفاتها لم تنته الأسطورة فقد أصبحت المقبرة مزار للمنتسبين للطائفة الإسماعيلية في العالم وقد لقبوا أم حبيبة بأم الاسماعيليين وقد اعتبروها الزوجة التي أخلصت لزوجها حتى موتها وأصبحت المقبرة مزار للعاشقين تحكي قصة أشهر عاشقين من قرن فائت كما انه يعتبر من المزارات السياحية المشهورة بمصر التي يحرص السواح على التقاط الصور بها عن زيارتها ووضع الزهور الحمراء فوقها.
وقد اعتنى بالقصر والمقبرة شبكة أغا خان التي نشأت في مصر وتعمل هذه المؤسسة على التنمية الريفية والثقافة والفنون والموسيقى والتنمية الاقتصادية والمساعدات الإنسانية والتعليم والصحة وتعمل هذه المؤسسة في مجالات كثيرة بمصر ومن أشهر ما فعلته حديقة الأزهر وتقوم الآن للتحضير لعمل جراج متعدد الطوابق لخدمة رواد الحديقة.