أمل إبراهيم تكتب: للألم جانب مشرق

أمل إبراهيم تكتب: للألم جانب مشرقأمل إبراهيم تكتب: للألم جانب مشرق

*سلايد رئيسى16-11-2017 | 23:12

فى إحدى المرات كنت مع والدتى نقوم بواجب العزاء فى وفاة سيدة كبيرة السن من معارفها، وهنا كفو جئت برجل عجوز يجهش بالبكاء بصورة تثير الحزن وعرفت أنه زوج الراحلة.

الرجل كأنه طفل صغير، لايستوعب معنى الموت أو الفراق، وغير قادر على تقبل فكرة أنها بعيدة وحدها.

ملت على أمى وقلت لها عن الرجل: "سوف يلحق بزوجته بعد أيام"، وبالفعل حدث ذلك وهذه القصة محفورة فى ذاكرتى، وكنت اعتقد أنها أمر شديد الغرابة بالنسبة لى لأننى شاهدت رجلا من قبل يتابع مباراة كرة قدم فى ليلة وفاة زوجته وآخر تزوج بعد شهر واحد من رحيلها.

بالأمس قرأت مقالا كان له بالغ الأثر فى نفسى حتى أننى لم أستطع أن أغالب الدموع، المقال كتبه الأستاذ مصطفى الجمال يحكى فيه عن زوجته الراحلة، ويسرد قصة حياتها وكأنه يحفظ سيرتها الذاتية عن ظهر غيب من الطفولة والشباب ومراحل التعليم ونشاطها السياسى وعملها ومحاربتها للفساد وأطفالهما والمطبخ ومقاومة المرض، وبرغم بساطة التعبير وسهولته وطول المقال وبعده عن التعابير العاطفية إلا أننى كنت ألاحق السطور أثناء القراءة وأراه قمة الرومانسية حتى أننى قررت الاحتفاظ به كنص نادر.

وكنت أتساءل من منهما أكثر حظا بالآخر، هل هو لأنه كان لديه زوجة غاية فى الجمال الإنسانى والبطولة النسائية؟! أم هى لأنها وجدت شريكا يكتب عنها بعد الغياب فى مجتمع لايذكر فيه الرجال محاسن النساء الا إذا كان أب أو أبن؟!.

الوفاء والاعتراف بحسن المعشر أصبح أمرا نادرا فى هذا الزمان الذى نعيشه.

إن مثل هذه القصص تقول إن الألم له جانب مشرق خفى وأن الغياب قد يثبت أن للحب حضور بين شخصين وإن افترقا، وإن الوفاء والإخلاص نوع من الراحة التى يعيشها الإنسان.

وربما يكون سر العشق لأشعار مريد البرغوثى هو قصة الحب التى عاشها مع رضوى عاشور، ولم يخجل الرجل أن يكتب عن حبيبته وأن يمدحها فى كل حين وأن يرى نجاحها أمر يخصه وأن يصبح حبه أبياتا من الشعر تقول:

" أنتِ جميلة كوطن محرر

وأنا متعب كوطن محتل

أنتِ حزينة كمخذول يقاوم

وأنا مستنهض كحرب وشيكة

أنتِ مشتهاة كتوقف الغارة

وأنا مخلوع القلب كالباحث بين الأنقاض

أنتِ جسورة كطيار يتدرب

وأنا فخور كجدته

أنتِ ملهوفة كوالد المريض

وأنا هادىء كممرضة

أنتِ حنونة كالرذاذ

وأنا أحتاجك لأنمو

كلانا جامح كالانتقام

كلانا وديع كالعفو

أنت قوية كأعمدة المحكمة

وأنا دهش كمغبون

وكلما التقينا

تحدثنا بلا توقف، كمحامييْن

عن العالم."

أضف تعليق

وكلاء الخراب

#
مقال رئيس التحرير
محــــــــمد أمين
تسوق مع جوميا

الاكثر قراءة

إعلان آراك 2