ظاهرة الطفل النجم تحتاج إلى التحليل النفسى أكثر مما تحتاج إلى النقد الفني.. ف النجومية والأضواء قد تغتال الطفولة، وتحول الطفلة النجمة أو الطفل النجم إلى مخلوق غريب، جسم وملامح طفل، وعقل مراهق.
والتواجد فى الوسط الفنى على وجه الخصوص، يجعله يتعلم التلون والتملق، ويعتاد حوارات النميمة، ويسمع عبارات التشجيع والغزل، ويشعر فجأة بالغرور لأن الناس أصبحت تعرفه، وتشير إليه فى كل مكان .
لذلك يختل نفسيًا ويعانى من اضطرابات كثيرة، وقد يلجأ أحيانًا إلى الإدمان كما فعل بطل فيلم «وحدى فى المنزل»، أو كما حدث للطفل الفنان شريف صلاح الدين الذى أدى دور عميد الأدب العربى الراحل طه حسين فى مسلسل «الأيام»، واعترف بأنه أدمن المخدرات بعد عرض المسلسل بسنوات، وعولج منه، وحكى تجربته تلك فى فيلم أخرجه هشام أبو النصر، وفشل فشلاً ذريعًا عند عرضه فى السينما بعنوان «الغيبوبة»، مات بعدها بسنوات قليلة وهو فى ريعان الشباب.
ونفس الشيء حدث للطفل المعجزة عماد عبد الحليم، الذى اكتشفه العندليب الراحل عبد الحليم حافظ، حين سمعه يغنى فى شقة شقيقه ووالد المطربة أنغام الملحن محمد على سليمان، فأعلن تبنيه له فنيًا وأعطاه اسمه.. ولمع المطرب الشاب لسنوات، وقام بتمثيل عدة أفلام منها «كرامتي» مع سعيد صالح ونجوى إبراهيم، وفيلم «عذاب الحب» مع مديحة كامل و»الإخوة الغرباء» مع فريد شوقى وشويكار، فضلاً عن عشرات الأغنيات الناجحة مثل «أمي» و»ليه حظى معاكى يا دنيا كده» و»المدن» و»الضباب»، ولقبوه بعدة ألقاب منها الملاك الجميل والبلبل الحزين.
كما قام عماد عبد الحليم ببطولة عدد من المسرحيات الهادفة مثل (نعم ولا) للأطفال، و(للسيدات فقط)، و(النهاردة آخر جنان)، لكن الشائعات التى حاصرته طويلاً وآذته كثيرًا أثرت على ثقته فى نفسه، وجعلته يخاف من مواجهة الجمهور، خاصة بعد زواجه وطلاقه من الراقصة نجوى فؤاد والمشكلات التى نشبت بينهما ونقلت صوره من صفحات الفن إلى صفحات الحوادث، وفى عام 1995 عثر بعض المارة فى شارع البحر الأعظم بالجيزة، على جثته ملقاة على الرصيف المقابل لمنزله، وبجواره حقنة تبين بعدها تلوثها بالهروين.
وهناك نماذج أخرى مثل الممثل أحمد عزمى والمطرب اللبنانى جورج وسوف، وكلاهما تم القبض عليهما أكثر من مرة فى قضايا تعاطى مخدرات، والاثنان عرفا النجومية والشهرة والأضواء منذ الطفولة.
وزمان سألت المذيعة المخضرمة نجوى إبراهيم أو «ماما نجوى»، عن الأطفال من نجوم برامج التليفزيون.. فقالت لى إنهم ليسوا أطفالاً.. وأنها تحس وهى تتحدث معهم وكأنهم كبارًا فى السن فى صورة أطفال.. فالشهرة تحولهم إلى مسوخ!