مازلنا نتعقب الجوانب الخفية فى تاريخ الاحتلال الأمريكي فى العصر الحديث، وفى المقال السابق تناولت أن كل بلد يجلو منها، يخلف فيها آثارا مدمرة تشترك فى ملمح واحد، يتجلى فى الفوضى والفشل، وهو لا يختلف كثيرا عن مثيله من الغزو الأوروبي الذي سبقه بـ 500 عام.
وقال الكاتب "جورج مونبيون"، فى صحيفة الجارديان البريطانية فى شأن الغزو الأوروبي، إن كثيرا من البلدان المستقلة حصلت على استقلال شكلي منه، خاصة دول أفريقيا الوسطي، ولا يزال مستمرا فى نهب الفقراء عبر مسميات عديدة.
ونحاول فى السطور التالية استيعاب ما لا يتصوره عقل عن عظم قدر ما جناه الاحتلال الأمريكي من ثروات فى منطقة الشرق الأوسط، وذلك منذ أطلق شفير الحرب عام 2001 تحت مسمى القضاء على أسلحة الدمار الشامل ووأد منابع الإرهاب.
وفى ظل هذا الغطاء، استطاع عمالقة صناعة السلاح فتح أسواق جديدة، احتكرتها أمريكا وحلفاؤها، وكشفت دراسة أعدها معهد واتسون للعلاقات الدولية فى عام 2019، أن حرب أمريكا الأخيرة كلفت 14.1 تريليون دولار، واقتصرت على حرب ثلاث دول هي العراق وأفغانستان وسوريا، وكان نصيب أفغانستان وحدها 2.31 تريليون دولار.
وأشارت الدراسة إلى أن 64% من مبيعات الأسلحة فى العالم تستحوذ عليها أمريكا دون غيرها، ومن ناحية أخرى وصلت تكلفة الحرب العالمية الثانية خمسة تريليون دولار فقط، أي أقل من ضعف ما أنفقته أمريكا من الحرب على ثلاث دول.
ويتضح مكمن الخطر هنا فى سيطرة أباطرة السلاح على القرار الأمريكي، وهذا ما حذر منه الرئيس الأمريكي الأسبق أيزنهاور عام 1961، ولكي ندرك مدى حجم سيطرتهم على سياسات واشنطن، تتحدث تقارير صحفية عن ما يقرب من 51 عضوا فى الكونجرس الأمريكي يملكون أسهما فى شركات تصنيع السلاح، وتتراوح قيمتها 6 مليارات دولار، و الكونجرس المنوط باعتماد ميزانيات الدفاع وموارد تمويل السلاح.
وختاما جاء فى تحقيق بواشنطن بوست أنه برغم فشل الأمريكان فى أفغانستان يتبوأ الجنرالات الأمريكيون الذين قادوا الحرب مجالس إدارات 20 شركة سلاح فى الولايات المتحدة الأمريكية.
"ع الحلوة والمرة":
نشتاق إلى التريض والتنزه من وقت لآخر لنبعث النشاط والأمل فى أرواحنا، وحتى نستطيع ممارسة أعمالنا وبداخلنا طاقة نور، تدفع بنا إلى النجاح والبناء، وهو ما يحدث حينما تحول عيناك عن واقع مريض، لتشاهد جانبا آخر مشرق يضج بالنماء أو كالذي يطوي صفحات تقطر دما ليتصفح أوراقا مفعمة بالحب.
هذا ما شعرت به أثناء تجولي فى صفحات كتاب "ع الحلوة والمرة" للكاتبة المتألقة نهاد صبيح خبيرة التنمية البشرية والمدرب الدولي بجامعة ميزوري الأمريكية، وفى سطوره تبحث الكاتبة عن السعادة، وتتساءل عن ماهية السعادة أهي شعور باكتساب المال؟ أم أنها شعور بالفيض على الآخرين بالمنح والعطاء؟ أم هي الشعور بالجمال وبراحة البال؟
وفى سطور أخرى، تحذر نهاد صبيح من توغل التجارة الإلكترونية على الأخلاقيات العامة، ولكنها أقرت أنها أفسدت كثيرا من النفوس البشرية، وفى محطة أخرى رفعت قدر الإنسان الذي يبيع نفسه فى مقابل رضا ربه، ويطهرها دائما من أتربة الذنوب.