شريف الجيار لـ"دار المعارف": نجيب محفوظ دشن مشروعًا إبداعيًا متنوعًا

شريف الجيار لـ"دار المعارف": نجيب محفوظ دشن مشروعًا إبداعيًا متنوعًاالدكتور شريف الجيار

فنون13-11-2021 | 11:01

قال الدكتور شريف الجيار الناقد الأدبي أن الأديب نجيب محفوظ (1911م – 2006م)، استطاع أن يدشن مشروعًا إبداعيًا متنوعًا؛ ما بين الرواية و القصة القصيرة والمسرحية والسيناريو، فضلًا عن مقالاته المختلفة منذ الثلاثينيات؛ حيث أنجز أكثر من خمسين عملًا إبداعيًا، خلال رحلة منجزه الإبداعي، التى زادت على نصف قرن من الزمان، وأثمرت حصوله على جائزة نوبل في الآداب عام 1988م.

نجيب محفوظ مبدع فيلسوف
وأضاف الدكتور شريف الجيار في تصريحات خاصة لـ" دار المعارف" اليوم السبت، إن القارئ لأدب «محفوظ»؛ لا سيما الروائي منه، يلحظ أنه حيال مبدع فيلسوف متصوف، يمتلك منظارًا مدققًا، يرصد الوجود من حوله، باحثًا عن أسراره، كي تتكشف عوالم المصير الإنساني، وتحاول أن تستشرف مستقبله، من خلال رصد واقعه وقراءته، قراءة فلسفية تمزج بين الرؤية الوجودية، والصوفية الروحية، التى تصل بهذا الإنسان إلى اليقين أو الخلاص الصوفي؛ في ظل عالم يعاني من العبثية الاجتماعية والسياسية.

لذا فنجيب محفوظ- الذي تخرج في قسم الفلسفة، بكلية الآداب، الجامعة المصرية عام 1934م- مهموم بالتعبير عن المسكوت عنه، في واقعه المعيش، الذي يعاني من خلل اجتماعي سياسي، نتج عنه افتقار إلى العدل والحرية، منذ فترات تاريخية طويلة؛ كما يتجلى في قول «محفوظ»: «... الحياة من حولنا تبدو قاسية، حياتنا الشخصية في واقعنا المحلي، تبدو أحيانًا عبثية، بالضبط.. عبث اجتماعي.. إننا نعيش حتى الآن احباطات داخلية مستمرة منذ أن وعينا، مجرد أن نتنفس نجد من يجثم على أنفاسنا ليكتمها ويفسد حياتنا...»، وهذا ما دفعه إلى مقاومة هذا العبث، وإخضاعه، من خلال محاولة عقلنته وتفسيره، بهذه الرؤية الوجودية الصوفية، عبر خطاب سردي يتسم بالواقعية الاجتماعية؛ وقد تجسد هذا في إنتاجه الروائي، قبل ثورة يوليو 1952م، وبعدها؛ مثل: «القاهرة الجديدة 1945م، خان الخليلي 1946م، زقاق المدق 1947م، بداية ونهاية 1949م، بين القصرين 1956م، قصـر الشوق 1957م، السُّكرية 1957م، اللص والكلاب 1961م....» وغيرها.

نجيب محفوظ والنهج الواقعى
وأوضح الدكتور شريف الجيار أن محفوظ أصر في معظم إبداعه، على هذا النهج الواقعي الاجتماعي، في فترة زمنية، تجاوز فيها الأدب العالمي التعرض للواقع، ثم انتقل بعد ذلك، إلى تيار الوعي، واللاوعي، وما وراء الواقع، واستخدم البنية السردية الحداثية، في تشكيل متخيله الروائي، لا سيما اللص والكلاب، وغيرها.

وأشار إلى انه لم يكن هذا الصمود للنص المحفوظي، لولا انفتاحه على التراث، بدوائره المتداخلة (المحلية والعالمية)، وقدرته على استيعاب هذا التراث الإبداعي والديني بأشكاله المختلفة، وروافده المتعددة، وتفاعله معها، واستلهامه لها، والتناص معها؛ مثلما استلهم التاريخ الفرعوني في رواياته: «عبث الأقدار 1939م، ورادوبيس 1943م، وكفاح طيبة 1944م»، كما تناص مع الحكاية الشعبية «ألف ليلة وليلة»، في روايته «ليالي ألف ليلة» 1979م، المطبوعة عام 1982م، وفي غيرها من الروايات؛ مثل: «أولاد حارتنا، حكايات حارتنا، ملحمة الحرافيش، رحلة ابن فطومة»، إلى جانب مسـرحيته «الشيطان يعظ»، التى استلهمها من حكاية «مدينة النحاس»، في نص «ألف ليلة وليلة»، وهي ضمن مجموعة قصصية تحمل العنوان نفسه 1979م.

نجيب محفوظ كاتب عمدة
فنحن حيال كاتب عمدة، في تاريخ السرد العربي المعاصر، استطاع أن يصل إلى العالمية، بمحليته، ويلفت النظر بجدية، إلى أهمية الأدب المصري والعربي لدى الغربي، لا سيما بعد حصوله على نوبل 1988م، وترجمة أعماله إلى لغات العالم. فمحفوظ خير سفير لثقافتنا العربية، بتقديمه خطابًا إبداعيًّا تنويريًّا، يجسد العمق التاريخي المصري، والعربي، ويعكس قدرة المتخيل العربي على استيعاب، النقلات الحداثية وما بعد الحداثية، التي تهيمن على الإبداع العالمي.

لذا فاسم نجيب محفوظ، ومنجزه السردي، لا سيما الروائي، أضحى أيقونة إبداعية ثقافية، تضارع مثيلتها على مستوى العالم، فهو أحد أذرع القوة الناعمة المهمة، للثقافة العربية؛ حيث تدرس أعماله، في معظم الجامعات الأوروبية والأمريكية، وهو ما يدعم ثقافتنا، ويحفز المهتمين عالميًّا، بقراءة أدبنا العربي، وترجمته إلى لغات العالم، مما يساند الخطاب الثقافي العربي، ويدعم الشراكة والتعاون الثقافي، مع الأكاديميات العالمية، والمؤسسات الثقافية المعنية.

أضف تعليق