عادت أزمة الأسمدة الزراعية إلي الواجهة مرة أخري مع بداية الموسم الزراعي الشتوي، مع زيادة العجز في الكميات المنصرفة في الجمعيات الزراعية، ما ترتب عليه زيادات في أسعاره بالسوق السوداء، ما استوجب من الحكومة ممثلة في وزارة الزراعة للتدخل لإعادة التوازن إلي الأسواق حماية للقطاع الزراعي من هذه الفوضي، التي جعلت التنبؤ بأسعار الأسمدة أمر صعب، فالأسعار في زيادة مستمرة حتي وصل سعر الطن في بعض المحافظات إلي نحو 10 آلاف جنيه للطن.
أكد السيد القصير، وزير الزراعة واستصلاح الأراضي، أن الوزارة تدرس مختلف المحاور المتعلقة بمنظومة السماد فيما يخص الأسعار وغيرها، موضحا أن أي سلعة تباع بسعرين مختلفين غالبا ما تحتوى على مشكلات.
وقال القصير، في تصريحات صحفية، إنه في حال عدم عودة أسعار السماد على قديم عهدها، ستتخذ الوزارة قرارات في هذا الشأن، كما سيتم التباحث مع الوزراء المعنيين لتوفير كميات مناسبة من السماد لتلبية احتياجات الزراعات الكبيرة.
وأضاف أن الدولة تحاول توفير احتياجات جميع أطراف المنظومة الزراعية، ومراعاة مصالح الفلاح والشركات والمصانع المنتجة، موضحا أن منظومة السماد معقدة وبحاجة إلى قدرة من المرونة في اتخاذ القرارات: لدينا اجتماع مع الوزراء بهذا الصدد ونأمل الوصل إلى نتائج جيدة.
من جانبه كشف عبدالسلام الجبلي، رئيس لجنة الزراعة والري في مجلس الشيوخ، أنه تم تشكيل لجنة من عدة وزارات لمراجعة أسعار الأسمدة في السوق المحلي، التي توردها المصانع لوزارة الزراعة، وستجتمع خلال الأسبوع الجاري، للانتهاء إلي نتائج محددة.
وقال الجبلي، إن اللجنة الوزارية، ستبحث تحريك الأسعار، بعد مطالبات من الشركات، بزيادة الأسعار لتتماشى مع إرتفاع التكلفة، وزيادة الأسعار العالمية، ما يترتب عليه ضرورة زيادة دعم الدولة لهذه السلعة أو رفع سعره في الجمعيات الزراعية.
وأضاف أن مجلس الشيوخ يقوم علي دراسة أزمة الأسمدة، وأنه سيتم الاتفاق علي حلول ناجزة لها، بالعمل علي تقريب وجهات النظر بين جميع الأطراف بما فيها وزارة الزراعة والمنتجين، لافتا إلي أن مصر تنتج نحو 7.5 مليون طن من الأسمدة، يستهلك السوق المحلي منها نحو 4 ملايين طن، فيما يتم تصدير الفائض، الذي يقدر بنحو 3.5 مليون طن.
تلتزم مصانع الأسمدة المحلية بتخصيص نحو 55% من انتاجها السنوي ل وزارة الزراعة بسعر 3 آلاف جنيه للطن، وتقوم بصرفه عبر الجمعيات الزراعية للمزارعين وفقا للحيازة الزراعية بسعر مدعم، لكن مع زيادة أسعار المدخلات وارتفاع أسعار الغاز الطبيعي، تطالب الشركات الوزارة بزيادة هذا السعر ليكون موازيا لارتفاع التكلفة.
وفي سياق متصل، شهدت الأسعار العالمية للأسمدة ارتفاعات ملحوظة الآونة الأخيرة مع تفاقم أزمة الامداد، حيث وصل سعر تصدير الأسمدة إلي 14 ألف جنيه، وسط ارتفاع الطلب بشكل كبير، بما يمكّن من زيادة الصادرات المصرية، حال زاد الإنتاج.
وتصدر مصانع الأسمدة المحلية، والكلامل لـ «الجبلي»، منتجاتها إلي العديد من الأسواق العالمية، وأهمها، أسواق أوروبا وأمريكا الجنوبية والهند وبعض الدول الأفريقية، وأن صادرات الأسمدة تمثل مكون هام في قطاع الصادرات المصرية، وأنه كلما زادت الأسعار العالمية زاد إقبال المصانع علي الصادرات، ما يترتب عليه المزيد من العجز في الأسواق المحلية.
كانت الحكومة قد رفعت أسعار الغاز الطبيعي لمصانع الأسمدة والبتروكيماويات، الأسبوع الماضي، بنسبة زيادة 28%، ما يترتب عليه زيادة في تكلفة الانتاج تقدر بنحو 17%، وأن هذه الزيادة في أسعار الغاز الطبيعي ترتب زيادة في التكلفة تتراوح بين 500 و600 جنيه للطن، لتعادل الزيادة في سعر الغاز فقط.
فيما شدد محمد الخشن، رئيس مجلس إدارة شركة إيفرجرو، علي ضرورة زيادة الدعم المقدم لأسعار الأسمدة من 3 إلى 6 آلاف جنيه للطن بعدما وصل سعر تصدير الطن إلى نحو 14 ألف جنيه.
وقال الخشن، الذي يتولي رئاسة أحد أكبر مصانع الأسمدة العاملة في السوق المحلية، إن التعامل مع الأزمة الحالية لارتفاع تكلفة الإنتاج عالميا، لا يمكن بوضع حلول جذرية لكنه يتطلب عددا من الإجراءات كمسكنات حتى عبور الأزمة.
وأضاف أن هذه الإجراءات لابد أن تأتي نتيجة تكاتف الحكومة والقطاع الخاص، وأن يتحمل الفلاح جزءً من التكاليف؛ لتتمكن المصانع من توفير الإنتاج، لافتا إلي أن مشكلات الأسمدة والزراعة، هي متراكمة منذ 20 عاما ولا يمكن حلها في سنة الأزمة.