في ضوء اتساع رقعة الصراع وتصاعد تهديدات قوات إقليم تيجراي والقوات المتحالفة معها بالزحف نحو العاصمة الأثيوبية أديس أبابا، ناشد الجيش الإثيوبي الضباط المتقاعدين من القوات المسلحة إلى التسجيل في صفوف الجيش مرة أخرى كمقاتلين في الخدمة والمساهمة بخبراتهم من أجل إحباط هجوم "قوات التيجراى" نحو العاصمة.
وقال الجيش الإثيوبي، في بيان رسمي، إنه "يتعين على أفراد القوات المسلحة السابقين الذين يتمتعون باللياقة البدنية والصحة الجيدة والاستعداد العقلي والمعرفة والخبرة، الحضور والتسجيل خلال الفترة بين 10 و24 نوفمبر الجاري".
ومن بين المتطلبات العامة للتسجيل أن يكون الفرد من الأعضاء الذين قبلوا دستور جمهورية إثيوبيا الديمقراطية الاتحادية؛ وممن يؤمنون بسيادة ووحدة الشعب ومستعدون للخدمة بمثابرة؛ وغير المتحيزين لأى حزب سياسي أو يواجهون محاكمات جنائية أو مدنية؛ وأولئك المستعدون للعمل في جميع أنحاء البلاد، ومن لديهم خبرة في القيادة، مثل ضباط المشاة وقادة الكتائب وغيرهم، وممن تلقوا تدريبا في أي مركز عسكري ويمكنهم تقديم أدلة على تجاربهم.
وكان رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد قد واجه تحديا جديدا قبل أيام قليلة تجلى في إعلان تسع جماعات مناهضة للحكومة، بما في ذلك مقاتلي التيجراي، تحالفا جديدا لإسقاط حكومته، أسموه "الجبهة المتحدة للقوات الفيدرالية والكونفيدرالية الإثيوبية"؛ حيث قال منظموه إن "هدفهم الأوحد يتمثل في عكس الآثار الضارة لحكم آبي أحمد على شعوب إثيوبيا وخارجها، والاعتراف بأهمية التعاون وتوحيد القوى نحو التغيير الآمن للسلطة".. ويضم التحالف أيضا جيش تحرير أورومو، فضلا عن ورود أنباء حول ضمه لمقاتلين مسلحين تحت لواءه.
وقال يوهانيس أبرهة من الجبهة الشعبية لتحرير تيجراي، وهو أحد مؤسسي التحالف، إن "التعاون بين أطراف التحالف الجديد المناهض للحكومة يغطي الجوانب السياسية والعسكرية والدبلوماسية ويوسٍع نطاق الاتفاق القائم فعليا بين الجبهة وجيش تحرير أورومو".
وأضاف: "ندرس تشكيل حكومة انتقالية، وبيننا اتفاق على أن النظام الحاكم الآن يجب أن يرحل بأسرع ما يمكن.. والتحالف الجديد لا يجري أي اتصالات بحكومة أبي أحمد، لكنه يعتزم بدء التواصل مع الحكومات والهيئات الأجنبية المهتمة بالأوضاع داخل أديس أبابا".. ومؤخرا، زعمت الجبهة الشعبية لتحرير تيجراي بأنها حققت مكاسب كبيرة على الأرض ضد القوات الحكومية، وهو ما تنكره الحكومة.
يذكر أن النزاع في تيجراي بدأ في نوفمبر 2020؛ حين أرسل آبي أحمد قواته من الجيش إلى الإقليم للإطاحة بجبهة تحرير شعب تيجراي الحاكمة محليا، مبررا العملية بأنها رد على استهداف قوات الجبهة معسكرات للجيش الفيدرالي، الأمر الذي أثار انتقادات دولية واسعة النطاق وعرقل وصول منظمات الأمم المتحدة إلى المنطقة، حيث يواجه نحو 400 ألف شخص ظروفا أشبه بالمجاعة في ظل حصار مفروض بحكم الأمر الواقع.
وتوالت الدعوات الدولية الرامية إلى وقف إطلاق النار في إثيوبيا؛ لاسيما بعدما خلف القتال بين الجبهة الشعبية لتحرير تيجراي والقوات الحكومية آلاف القتلى وشرد أكثر من مليوني شخص.
فمن جانبه، أكد النائب الألماني عن حزب الخضر أوميد نوريبور أن سلامة إثيوبيا أصبحت "على المحك"، وقال إن "الوضع يمكن أن يكون له تداعيات وخيمة ليس فقط على شعب إثيوبيا، ولكن على المنطقة بأسرها".. كما وجه وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكين دعوة للسلام، وإنهاء الصراع في إثيوبيا، والبدء في مفاوضات السلام على الفور دون شروط مسبقة سعيا لوقف إطلاق النار.
وقدم أعضاء في مجلس الشيوخ الأمريكي مشروع قانون لإقرار عقوبات جديدة تستهدف المتورطين في الصراع الجاري، بينما دعا الاتحاد الأوروبي إلى وقف فوري لإطلاق النار في إثيوبيا، مع التلويح بفرض عقوبات.
وفي سياق متصل، أكد مسعود جيبيهو المدير التنفيذي لاتحاد منظمات حقوق الإنسان الإثيوبية أن المفوضية الإثيوبية لحقوق الإنسان ومفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان أصدرتا تقريرا مشتركا من 165 صفحة، هو الأول من نوعه للتحقيق في انتهاكات مزعومة لحقوق الإنسان في البلاد، وغيرها من الجرائم المرتكبة في سياق الصراع في إقليم تيجراي.
وقال جيبيهو، في تصريحات صحفية، إن "فريق التحقيق المشترك توصل بشكل أساسي إلى وثيقة تطالب بالمساءلة الكاملة عن انتهاكات حقوق الإنسان المزعومة في البلاد وتعويض ضحاياها، بالإضافة إلى توصيات لاتخاذ تدابير قابلة للتنفيذ".. مضيفا: "الفريق وجد أيضا أن هناك أسبابا معقولة للاعتقاد بأن جميع أطراف النزاع في تيجراي انتهكوا حقوق الإنسان"، مؤكدا أنه غطى الكثير من قضايا حقوق الإنسان، كما أقرت به الحكومة الإثيوبية ورحبت به وتعهدت بمتابعة نتائج التحقيق من أجل مزيد من المساءلة، الأمر الذي أشاد به جيبيهو، ووصفه بـ"البداية الجيدة" للحكومة الإثيوبية، حتى لو كان لديها بعض التحفظات على محتويات التقرير.
وأخيرا، اعتبر المدير التنفيذي لاتحاد منظمات حقوق الإنسان الإثيوبية أن الاستجابة الإيجابية للحكومة والتوصيات القوية من جانب فريق التحقيق المشترك، وكذلك إعلان حالة الطوارئ مؤخرا سيساعد في تحقيق مساءلة أفضل لمرتكبي الجرائم الذين شاركوا بشكل مباشر وغير مباشر في عملية انتهاكات حقوق الإنسان، على حد قوله.