تستعد أوروبا لاستقبال أول فترة من برد موسم الشتاء، مما يضغط على معروض الطاقة في القارة التي تعاني بالفعل من نقص الإمدادات، وتبدأ خلال أيام في الأسبوع الجاري درجات الحرارة في الانخفاض، مع توقعات بأن تشهد أجزاء من إيطاليا انخفاضاً في درجات الحرارة بمقدار درجتين مئويتين تحت المستوى الطبيعي في مثل هذا التوقيت، كذلك ينتظر أن تشهد منطقة جنوب فرنسا وإسبانيا وألمانيا برودة أشد من المعتاد بحسب شركة “ذا ويذر كومباني”.
وحذرت شركة “سنتريكا”، كبرى شركات الطاقة في المملكة المتحدة، عملاءها البالغ عددهم 9 ملايين بأن يستعدوا لمواجهة برد قارس قد يستمر ستة أسابيع، وستكون المنطقة حساسة بشكل خاص إزاء هجمات البرد الخاطفة في الأشهر المقبلة، مع ارتفاع أسعار الغاز للأسبوع الثاني بعد صعودها إلى أرقام قياسية في أكتوبر الماضي.
وحتى الآن، مازالت الإمدادات الإضافية من الغاز التي وعدت بها روسيا لا تذكر، كما انخفضت تدفقات الغاز من النرويج بسبب أعمال الصيانة الكثيفة.
وقال تايلر رويس، مسؤول توقعات أوروبا لدى شركة “أكيوويذر”: “سوف تختبر هذه الموجة إمدادات الطاقة في مختلف أنحاء أوروبا”، قد تدفع المنخفضات الجوية أيضاً مزيداً من تدفقات الهواء البارد في الشمال نحو مناطق جنوب ووسط أوروبا بحلول نهاية الشهر الحالي، وفق تصريحات كارلو كافارو، محلل أول وخبير أرصاد جوية لدى شركة “ماريكس”.
ومازالت أسعار الغاز القياسية أعلى بما يقرب من أربعة أضعاف أسعارها الطبيعية في هذه الفترة من العام، ما أدى إلى صعود الكهرباء وتصاريح الانبعاثات الأوروبية، وارتفعت أسعار العقود الهولندية الآجلة للغاز، وهي العقود القياسية في أوروبا، بنسبة 1.4% خلال الأسبوع الأخير بعد قفزتها بنسبة 14% في الأسبوع السابق.
وتتزامن درجات الحرارة المنخفضة في الجنوب مع الطقس العاصف في منطقة البحر المتوسط ومخاطر حدوث فيضانات وانزلاقات أرضية، كما يقول رويس. وهو ما سيؤدي إلى تأرجح شديد في توليد الكهرباء من الرياح، بما يعني تقلبات شديدة في الأسعار.
ووفق بيانات شركة “أكيوويذر” فإن درجات الحرارة في شهر نوفمبر إجمالاً قد تنتهي بها الحال قريبة من المعدلات الطبيعية، غير أنها قد تظل أبرد من مستوى السنوات الأربع الماضية التي كانت فيها أعلى من المتوسط، وقد يؤثر ذلك على مستوى مخزون الغاز، إذ تقوم الشركات بسحب المعروض لتلبية الطلب المرتفع، الذي يعود بقوة مع تعافي الاقتصاد من آثار جائحة كورونا، وحاجة للتدفئة أعلى من المعدل الطبيعي
من المتوقع أن تكون الأيام التي تصل فيها درجات الحرارة لمستويات الحاجة للتدفئة، وهو أحد مؤشرات الطلب على الطاقة، أعلى من المستوى الطبيعي في 10 سنوات خلال الأسبوعين المقبلين، وفق توقعات شركة “ماكسار” (Maxar).
غير أن هناك حالة من التأرجح بين نماذج شمال غرب أوروبا، كما لم تكن التوقعات دقيقة مؤخراً، بحسب ستيفين سيلفر، خبير الأرصاد لدى شركة “ماكسار”، ومن المنتظر أن يصل الطقس البارد إلى أوروبا في أعقاب جليد ودرجات حرارة شديدة البرودة في الصين، أكبر دولة استهلاكاً للطاقة في العالم.
وقد يؤدي ارتفاع الطلب على التدفئة إلى زيادة حدة المنافسة الشرسة فعلاً على شحنات الغاز الطبيعي المسال، مع استمرار أسعار الغاز المسال الأمريكي الذي يتسم بالمرونة جذابة بدرجة أكبر في آسيا.
وربما ينتج عن تطور ظاهرة “لانينا” المناخية في حوض المحيط الهادئ انخفاض درجات الحرارة إلى أقل من المتوسط في شمال شرق آسيا خلال شهور الشتاء، غير أن توافر المفاعلات النووية بصورة أفضل في اليابان وكوريا الجنوبية، علاوة على زيادة الإنتاج المحلي في الصين، قد يضبط أي تأثر في واردات الغاز الطبيعي المسال، وفق تصريح شركة “إنيرجي أسبكتس” خلال الأسبوع الماضي.