تحل اليوم الثلاثاء، ذكرى افتتاح قناة السويس، وتم افتتاحه خلال حفل أسطوري منذ 150 عاماً في 16 نوفمبر 1896، واستمرت الاستعدادات لحفل افتتاح القناة 40 يوماً، وبلغت نفقات الحفل مليوناً ونصف، كما أقيمت الموائد التى تحتوي على شتى أنواع الأطعمة والمشروبات.
وتتواصل الأجيال تتحتفل بهذه الذكرى التى ستظل الحدث الأبرز عالميا فى ذلك الوقت، والتى استقبلت فيه مدينة الإسماعيلية ، وأثناء حفلات القناة يومي 17- 18 نوفمبر 1869 على أقل تقدير 100 ألف من الأجانب والمصريين، وشيدت دار الأوبرا فى 5 أشهر بتكلفة 160 ألف جنيه.
وافتتح الخديو اسماعيل مشروع قناة السويس بعد سنوات من العمل به فى 15 نوفمبر من عام 1869، والذى بلغت تكلفته حوالى 2 مليون و400 ألف جنيه ، والذى يعتبر مبلغاً كبيراً، وكان ذلك الحدث في وقتها هو الأبرزعلى المستوى العالمي، خاصة بعد الأبهة التي أصر الخديوى على الظهور بها.
ووجه الخديوي إسماعيل برفقة وزير الخارجية نوبار باشا، دعوات حول العالم لتوجيه لحضور حفل الافتتاح ضمت كبار شخصيات العالم من الملوك والرؤساء والأمراء ورجال العلم والآداب والسياسة والصحافة وعظماء مصر والسودان، كما استحضر الخديوى 500 طاه وخادم من فرنسا وإيطاليا علاوة على الطهاة والخدم من المصريين والأتراك الذين كانوا فى خدمته.
وأرسلت الصحف الأجنبية مراسلين لها لتغطية أنباء الاحتفال وبدأ المدعوون بالحضور إلى الإسكندرية منذ يوم 15 أكتوبر 1869، وأعدت لهم رحلات إلى الوجه القبلى عبر النيل فى السفن التى أعدت وجهزت لهذا الغرض وذلك قبل بدء المهرجان الرسمى للافتتاح، حيث أنفق إسماعيل عن بذخ وإسراف لا مثيل له فى الافتتاح .
وأقيم حفل الافتتاح ببورسعيد، بلغ عدد المدعوين من ذوى الحيثيات الرفيعة حوالى ستة آلاف مدعو، وتم استدعاء خمسمائة طباخ من مرسيليا وجنوه وتريستا، حيث أقيمت 3 منصات خضراء مكسوة بالحرير خصصت الكبرى للملوك والأمراء، والثانية لرجال الدين الإسلامى ومنهم الشيخ مصطفى العروسى والشيخ إبراهيم السقا، وخصصت الثالثة لرجال الدين المسيحى، وجلس الخديو إسماعيل، ومسيو ديلسبس، والإمبراطورة أوجينى إمبراطورة فرنسا، وفرنسوا جوزيف إمبراطور النمسا، وملك المجر، وولى عهد بروسيا، والأمير هنرى شقيق ملك هولندا، وسفيرا إنجلترا وروسيا بالآستانة، والأمير محمد توفيق ولى العهد، والأمير طوسون نجل محمد سعيد باشا، وشريف باشا، ونوبار باشا، والأمير عبد القادر الجزائرى، بالمنصة الكبرى.
وقد زاد الأمر إبهارا اصطفاف الجيش والأسطول المصري في ميناء بورسعيد بالإضافة لفيالقه على ضفاف القناة، واصطف العساكر عند رصيف النزول لحفظ الأمن ومنع الازدحام وكانت المراكب الحربية اصطفت على شكل نصف قوس داخل ميناء بورسعيد في منظر بديع.
وكلف الخديوى إسماعيل عددا من الرسامين بتوثيق الحدث في عدة لوحات، وذلك بسبب عدم وجود صور فوتوغرافية معروفة عن هذا الاحتفال الضخم، وتوجد بعض تلك اللوحات معلقة في ألبوم حائطي في يخت المحروسة الملكي في مصر.
وانطلقت الألعاب النارية التى تم استيرادها خصيصا لهذا الحفل، وتلألأت سماء بورسعيد بالأنوار والأضواء وسادت شوارعها أنغام الموسيقى، بالإضافة إلى رقصات أوجينى الفاتنة مع الخديو، ورقص كل الضيوف وبعض الفلاحين الذين كانوا يتضورون جوعًا.
وتعود فكرة حفر القناة ، أثناء وجود الحملة الفرنسية بمصر، قام المهندس الفرنسي لوبيير بتشكيل لجنة لدراسة منطقة برزخ السويس وبيان إمكانية حفر قناة تصل بين البحرين فى ١٤ نوفمبر ١٧٩٩م، إلا أن التقرير قطع بتعذر هذا الاختلاف منسوب البحرين وفى فترة حكم محمد على باشا عرضت الفكرة عليه لكنه فضل إنشاء قناطر على النيل لمنع إهدار ماء النيل فى البحر، وفى ١٨٤٠ وضع المهندس الفرنسى لينان دى بلفون مشروعاً لشق القناة ودحض الزعم القائل باختلاف منسوب مياه البحرين.
وبعد أن تولى محمد سعيد باشا حكم مصر فى ١٤ يوليو ١٨٥٤ تمكن دليسبس من الحصول على فرمان بحفر قناة السويس على أن تكون مدة الامتياز ٩٩ عاما من تاريخ فتح القناة، ثم قام دليسبس برفقة لينان دى بلفون بك وموجل بك، كبير مهندسى الحكومة المصرية، بزيارة منطقة برزخ السويس فى ١٠ يناير ١٨٥٥ وقدمت تقريرها في ٢٠ مارس ١٨٥٥ والذى أثبت إمكانية تحقيق هذا وتمكن دليسبس بعدها من تأسيس الشركة وتكوين مجلس إدارته.