عقد منتدي الصفوة حلقة نقاشية بعنوان " التعليم بين الماضي والحاضر والمستقبل"، وذلك بحضور نخبة من خبراء التعليم في مصر، حيث ناقش الحضور المشكلات التي يعانيها قطاع التعليم وسبل المواجهة، للوصول ب التعليم إلي المستوي الذي يليق بدولة كبيرة مثل مصر.
اكد د. عبد الوهاب عزت، رئيس جامعة عين شمس السابق، إن التعليم والتعلم موجود بيننا منذ بداية الخليقة ومنذ أن بدأت الحضارات وهي تقيس كم المعرفة الذي بدأ يتضاعف مع الوقت حتى وصل إلى 20 تضاعف كل 20 شهرا، موضحا أنه مع الوقت ستصعب مواكبة كم المعرفة المتاح إلا اذا تفرغنا للرصد والتحديد.
وأشار «عزت» إلى أن التعليم سيظل القضية التي تؤرقنا جميعا والقصة التي تمتد من الماضي وفي الحاضر وتستمر في المستقبل، مستعرضا طرق التعليم القديمة حينما كان الطالب يتعلم على يد شيخه في المسجد في ظاهرة "شيخ العامود" فكان التلميذ يكتسب المعرفة من أستاذه بشكل مباشر ويعرف عنه بعد ذلك أنه تلقى العلم عن الشيخ فلان، وكانت هناك علوما مهنية كالطب والهندسة والصناعة.
وكان الطالب يرافق أساتذه إلى أن يتعلم ويسمح له بممارسة المهنة ولا يرتبط بمدة زمنية وإنما يتوقف على مدى استيعاب الطاب لعلوم أستاذه، وأنه مع الوقت تحول شيخ العامود إلى أستاذ جامعي وعباءة الشيخ إلى روب الدكتوراه، ولكن المسافة اتسعت بين الطالب والأستاذ بشكل جعلهما لا يعرفون بعضهم البعض، وانفصلت الجامعات عن المجتمع على عكس ماكان يحدث قديما وتحول الأمر لمجرد نقل معلومة بين الاستاذ والطالب وهو الجيل الأول من الجامعات، إلى أن جاء الجيل الثاني ودعم الأبحاث العلمية من أجل المعرفة فقط، وجاءت جامعات الجيل الثالث لتربط البحث العلمي بخدمة المجتمع.
وأكد رئيس جامعة عين شمس السابق، أنه لا غنى الجودة التى تعد من أهم مفاهيم الجامعات ولكن لا بد من وجود "الضمير الإنساني" في كل شيء، مشيدا بالمستوى الذي وصلت له دراسة الطب في مصر، مؤكدا أن الاهتمام بالتصنيفات العلمية فقط أمر غير مقبول لأنه أحيانا يخرجنا بعيدا عن ثقافتنا، مؤكدا أن المؤسسة العسكرية مازالت تحتفظ بتقريب المسافة بين الطالب والمعلم، لذلك التعليم العسكرى يحافظ على التعليم والتعلم بشكل متميز، مشيدا بالتدريبات التى تقوم بها القوات المسلحة بالذخيرة الحية التى تعلم الفرد بشكل عملى وبالتجربة، «لو نظم الامتحانات في كل المجالات تحولت للاختيار من متعدد سنفقد المواهب فيجب أن نتعامل مع الحداثة باحترافية» والجامعات الجديدة تنشء بعد موافقة لجان تراجع امكانياتها لتتناسب مع متطلبات سوق العمل.
من جانبها أكدت هالة عثمان، أستاذ القانون ورئيس مجلس أمناء مؤسسة عدالة ومساندة ومنتدى الصفوة، إن المنتدى يناقش قضية التعليم كونها القضية الأهم بالتزامن مع دخول الدولة للجمهورية الجديدة، مشيدة بمكانة الأستاذ الجامعي الذي يعتبر باقة متنوعة من العلوم والسلوكيات والأخلاقيات والمبادئ والقيم التي يكتسبها الطالب منه.
وتابعت: أصبحنا في حالة تشتت لا نعرف إلى أين نذهب مع تنوع المصادر غير المحدود، ولكننا في النهاية يجب أن نعلم أن صاحب العلم أفضل من صاحب المال خاصة وأن التعليم أصبح مشكلة العصر.
وأكدت «عثمان» أننا بحاجة للتواصل والتشبيك بين العلوم الخاصة والعامة والدولية مع إيجاد قوانين وتشريعات لتعديل المخصص من الدخل القومي لدعم وتطوير التعليم والبحث العلمي بما يتماشي مع العصر الحالي والجمهورية الجديدة، وأصبحنا بحاجة لصنع استراتيجية وطنية من خلال نقاشات مع جميع الفئات والجهات المتصلة بقضية التعليم لندخل الجمهورية الجديدة ومعنا حلول حاسمة لمشكلات التعليم الجامعي وماقبله.
ولفت إلي أن الحلقة النقاشية التى قدمها منتدى الصفوة استهدفت التنوع بين التعليم الخاص والحكومي والدولي والعسكري والفني، لضمان الاستماع لكل الآراء ووجهات النظر، مؤكدة مكانة المعلم ودوره المهم في تربية وتأسيي الطلاب بعقول قادرة على الإبداع وشخصيات قيادية تدعم الدولة.
وشددت رئيس مجلس أمناء مؤسسة عدالة ومساندة، على ضرورة تكاتف قوى المجتمع لمواجهة التحديات، والوقوف على أرض واحدة بكل ثقة في القيادة السياسية، لنتجاوز أزمة التعليم ونؤسس لنظم تعليمية يتعلم منها العالم ونترك إرثا مشرفا لأبنائنا وأحفادنا.
وقال النائب أحمد سمير عضو مجلس الشيوخ: "أولادنا فقدوا بعض المعاني القديمة التي نعتز بها، وأصبح الخلل كبير بين مخرجات التعليم والاحتياجات، وتنوعت أنواع التعليم بما يضر أكثر مما ينفع على عكس التعليم قديما الذي كان يخلوا من الطبقية والعنصرية، وأصبحنا بحاجة للقدوة من جديدة مثل اللاعب محمد صلاح الذي أصبح طفرة مصرية».
وأضاف أن هناك وظائف ستندثر وغيرها تستحدث وما زالت بعض المناهج لم تتغير بما يكفى، ونتعامل بقانون التعليم ما قبل الجامعي منذ عام 1976 دون تغير إلا تعديلات بسيطة غير مؤثرة بالشكل المطلوب.
وطالب «سمير» بالنقاش المفتوح والخروج بورقة عمل تساعد صانع القرار في حل مشكلة التعليم بين المدرسة والجامعة، لافتا إلى أن الدراسات أوضحت أنه يمكننا معرفة مهارات الطفل واهتماماته من 4 إلى 6 سنوات، وبالتالي يمكننا توجيهه لدراسة التخصص المناسب له، مؤكدا ضرورة تطوير المناهج الدراسية وأن نعلم الطلاب الاقتصاديات والبورصة والادخار في المدارس وهو ما يحدث في الدول الأوروبية وتجربة شيخ العامود مازالت قائمة في اليابان حتى الآن.
فيما أكد د. طارق منصور، وكيل كلية الآداب بجامعة عين شمس، إن كل الأسر المصرية مهتمة ب التعليم خاصة مع التنوع بين المدارس ونظم الدراسة والمناهج، التى أدت لحالة من التشتت والحيرة بين الطلاب وأولياء أمورهم.
وأوضح أن المسافة بين الطالب والاستاذ اتسعت ودخلت لمعادلة صعبة تفتقر التواصل الحقيقي بما يحتم علينا إعادة الأمور لطريقها السليم، خاصة وأن التعليم في السنوات الأخيرة أصبح قضية أمن قومي محل اهتمام من الدولة المصرية.
وقال اللواء محمود خليفة، رئيس أركان الجيش الثاني والثالث الميداني الأسبق ومحافظ الوادي الجديد الأسبق، مستشار أمين عام جامعة الدول العربية، إن قيمة العلم كبيرة وحثت عليها الأديان السماوية، ولذلك في المؤسسة العسكرية لا يترقى الفرد أو الضابط إلا إذا اجتاز دورات ودرجات علمية تؤهلة لذلك
وأضاف أن التعليم عملية محورية ترتكز على عدة عناصر منها الأستاذ والطالب ووسيلة التعليم والتدريس والمحتوى العلمي، مؤكدا أنه يجب تأهيل المعلم بشكل جيد على المستوى المادي والاجتماعي والنفسي والعلمي والثقافي، لتكون لديه القدرة على إعداد الجيل الجديد من أطفالنا، وتطوير المحتوى العلمي بما يتماشي مع التجارب الدولية الناجحة، وتحفيز الأسرة على توفير بيئة أمنة تساعد الطلاب على المذاكرة والتفوق.
وقالت الإعلامية بسنت عثمان، المدير التنفيذي لمنتدى الصفوة، أصبح الطالب يصل للجامعة وهو غير مؤهل ويعاني من الأمية بالرغم من تفوقه الدراسي، فيجب أن نكتشف أطفالنا من قبل المرحلة الثانوية ونمنحهم حرية دراسة ما يفضلونه، وأنه بذلك بعد 10 سنوات سيكون لدينا كوادر عبقرية قادرة على القيادة وتحقيق رؤية الدولة.
واشارت إلي ضرورة ربط التعليم بشكل تراكمي من الإعدادية وحتى الجامعة حتى لا نجعل الطالب يدرس ما لا يحتاج إليه ونهمل المحتوى الحقيقي الذي يجب عليه معرفته.
وأوضح محمد الغمرى، مدير مركز تنمية الموارد للمدارس التجريبية بمديرية التعليم بالقاهرة، أن المشكلة تكمن في غياب الرؤية والمعايير وهو ما اتضح له عند عودته بعد الدراسة في الصين.
ولفت إلي أن في مصر الكثيرين من المعلمين لا يعرفون فلسفة التعليم الحقيقة، ولدينا أنظمة تعليم بعدد المعلمين في مصر، فكل مدرس يعتمد على سماته الشخصية وبطريقته وهدفه، مانتج عنه فقرا في قيمة المنتج الحقيقي للمدرسة.
وشدد الغمري، على ضرورة تحويل الفلسفة التعليمية لمعايير نتمكن من خلالها من التقييم الفعلي، ونتجاوز مرحلة تطوير المناهج التى أصبحت موضة دون تطوير المعلم الذي يعتبر هو الضلع الأساسي في العملية التعليمية.
وأكد محمد شاهين، عضو مؤسس المنتدى، أن المنتدى بصدد التجهيز لاستراتيجية خاصة من خلال طرق الأبواب ومعرفة الأراء ومن ثم وضع الخطة والمعايير بعد الاستماع لأكبر عدد من الأساتذة ووضع خطة خمسية واستراتيجية تقوم على مناقشة الملفات التي تهدف لتنمية ودعم الدولة المصرية.