لا شك أن توقيت انعقاد الحوار الاستراتيجى المصرى الأمريكى مهم للغاية لمناقشة تداعيات استمرار الأزمات التى تعانى منها المنطقة العربية ابتداء من العراق إلى سوريا و لبنان و اليمن و ليبيا والسودان، وكلها ملفات لم تجد طريقها بعد للحل؛ بسبب التدخلات الخارجية الدولية السلبية وعدم معرفتهم بتعقيدات الأوضاع الداخلية فى هذه الدول فكلما حان وقت الحل ابتعد الجميع عن فرص الاستقرار وإعادة البناء، فقد شاهد الجميع مؤخرًا استهداف منزل رئيس وزراء العراق، مصطفى الكاظمى بطائرات مسيرة وهى إشارة إلى تدخلات إيران العبثية فى العواصم العربية، وقد سبق أن أعلنت أنها تحت سيطرتها وترفض التخلى عنهم مهما حانت الظروف لعودة العراق إلى محيطه العربى ولذا فإن الحوار مع الإدارة الأمريكية ربما يسمح بالتوضيح لتصحيح المسار. وكذلك أزمة السودان والتأكيد على دعم استقراره السياسى والاقتصادى والأمنى وبالتأكيد ملف تطوير العلاقات الثنائية كان حاضرا وبقوة خلال اللقاءات التى قام بها وزير الخارجية سامح شكرى فى واشنطن.
وتحاول القيادة المصرية ومعها جامعة الدول العربية تضييق مساحات الخلافات التى اشتعلت مؤخرًا فى بعض العواصم العربية، فكانت مشاركة مصر القوية فى مؤتمر دعم استقرار ليبيا، وكذلك مشاركة الجامعة العربية ممثلة فى أمينها العام، أحمد أبو الغيط، وفيما يتعلق بالوضع المتأزم فى العراق و لبنان شهدنا زيارة وفد الجامعة العربية، برئاسة السفير حسام زكى إلى بغداد وبيروت للمساهمة فى التأكيد على الحوار لحل الأزمات الراهنة، وقد لمس لدى كافة القيادات اللبنانية حرصًا كبيرًا على العلاقة مع السعودية، وإدراكًا لأهمية هذه العلاقة بالنسبة للبنان، ورغبة أكيدة فى معالجة المشكلات التى تعكر صفوها.
كما نقل للجانب اللبنانى حرص الجامعة العربية ألا تُضاف أزمة جديدة إلى تراكمات المشكلات المعقدة فى العلاقات مع دول الخليج، وبالأخص المملكة العربية السعودية، فى ضوء الظروف الصعبة التى تمر بها لبنان حاليا ومن هنا أهمية معالجة الأزمة الأخيرة على حدة، ومن دون ربطها بمسارات أخرى بما قد يصعب إيجاد مخرج لها.
وخلال الجلسة الافتتاحية للحوار الاستراتيجى بين مصر والولايات المتحدة برئاسة وزيرى خارجية البلدين سامح شكري، وأنتونى بلينكن، وبمشاركة ممثلين عن كل من وزارة الدفاع، والتجارة والصناعة، والتعليم العالي، والهيئة العامة للاستثمار، لفت شكرى إلى مواصلة العمل نحو تعزيز كافة أُطر التعاون الثنائى بين البلدين، بما فى ذلك مجالات التجارة والطاقة والبحث والتطوير والتكنولوجيا والتعليم العالى والتبادل الثقافى والرعاية الصحية، وهى المجالات التى توفر آفاقًا وفرصًا لتعميق العلاقات بين مصر والولايات المتحدة، وبما يتسق مع العلاقات السياسية المتميزة بين الجانبين، كما أكد على أهمية الشراكة والدور الذى أسهمت فيه أطر التعاون من أجل تعزيز قدرة الدولة المصرية على مواجهة التحديات، بما فى ذلك التعاون فى مكافحة الإرهاب والأيديولوجية المتطرفة، وفى دعم جهود الدولة الدءوبة لتحقيق التنمية للشعب المصري. وكذلك دور مصر الريادى كركيزة للاستقرار فى المنطقة، وأهمية التنسيق القائم مع الولايات المتحدة لتحقيق الأمن والاستقرار الإقليمي.
الوزير شكرى استعرض أيضا جهود مصر من أجل توفير دعائم الحياة الكريمة للمواطن المصري، وهو ملف حيوى يتصدر اهتمام الرئيس عبد الفتاح السيسي شخصيا لتعزيز واحترام الحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية، مع الأخذ فى الاعتبار الخصوصية الاجتماعية والحقائق التنموية والخصائص الثقافية للدولة.
وفى تقديرى أن استمرار هذا الحوار بشكل دورى ومنتظم سوف يعيد ترتيب الأولويات ويساهم فى تحقيق فرص الاستقرار بالمنطقة ويبعدها عن شبهات التأويل والتحريف ونشر الشائعات حول حقائق واضحة، ولكن جماعات الشر مازالت حريصة على إفساد الواقع بتدخلات تخدم أهدافها الخاصة وأجندتها الخارجية، التى تستهدف مكونات الدولة الوطنية والتشكيك فى قدراتها لمواجهة التحديات المختلفة.