تعليقا على المقترح البرلماني بإخلاء الإسكندرية من السكان خلال الخمس او العشر سنوات المقبلة يقول د. محمد هشام سعودى أستاذ الهندسة المعمارية و نقيب المهندسين ب الإسكندرية وعميد كلية الفنون الجميلة الأسبق ان هناك مبدا عام في علم التخطيط وهو ان المدن تمرض ولا تموت والمرض يحتاج علاج والعلاج يحتاج الى دراسات علمية دقيقة وليس تسرع او قرارات فجائية،وهناك مدن مع الحرب العالمية الثانية ازيلت من على وجه الأرض تماما وعادت مرة أخرى ،لماذا نصعب الأمور على انفسنا لابد ان نعمل بالعلم والدراسات ونعمل بأدوات العصر الرقمى العلمية ،لايصح ان مدينة مثل الإسكندرية موجودة منذ 231 قبل الميلاد ونقول نخليها ،لايصح هذا الكلام.
وأضاف قائلا عندما نتكلم عن اى مدينة وعن الإسكندرية تحديدا وتاريخها وعراقتها والحوارات التي تتم لاعادة الإسكندرية الى تاريخها موضوع يحتاج دراسات علمية ولا يحتاج اجتهاد او اراء متسرعة ،عندما نتكلم عن المدينة القائمة والخمس ملايين نسمة الذين يعيشون فيها فلا يحتاج الموضوع الى القرارات المتسرعة التي تحدث ،لان الامر كله يحتاج الى حكمة في تناول الموضوع ،ودراسات فنية وهندسية منضبطة على كل المستويات كبداية ثم حزمة من المشروعات العاجلة التي تستطيع حل الأمور بصورة اكثر اريحية لسكان المدينة ،ثم بعد ذلك المشروعات المستقبلية التي يمكن ان توقف نزيف التدهور الذى يحدث للمدينة .
وعملية انتقال السكان ليست أمر جبرى ولكن اختيارى ،وعندما نتحدث عن انتقال السكان من الإسكندرية الى مدن أخرى امر لا يضر ولكن بقدر عملية الانتقال بقدر ماهى الحوافز الموجودة في المناطق الجديدة لكى تستطيع السكان ان تعيش في المناطق الجديدة وان يتوافر لها على كافة مستوياتها الاقتصادية والاجتماعية الخدمات التي تستطيع خدمتهم خدمة مباشرة ،كل أنواع الخدمات الصحية والتعليمية والنقل وكل الخدمات الأخرى بخلاف السكن وفرص العمل ،و عملية انتقال السكان من المدن المزدحمة الى المدن الجديدة التي تستوعب كثافة السكان ليست موضوعا بسيطا ،لكن اين الحوافز وفرص العمل والخدمات التي تتفق مع كل المستويات الاقتصادية والاجتماعية ،والمجتمع الصحى بأى مدينة لا يقوم الا على كافة الفئات الاجتماعية والاقتصادية ،لا يصح ان أقوم بإنشاء مجتمع للاغنياء او الفئة المتوسطة ،ومجتعات للفئات الفقيرة ،المجتمع يقوم على كل تلك الفئات لان كل منا يحتاج الاخر .
وأضاف قائلا الامر ليس بالصورة الغريبة ولكن الموضوع يحتاج تأنى لان الاحداث أحيانا تجعلنا نتسرع في اتخاذ القرار ،والامر الاخر اننا لا نأخذ الأمور بشكل به تروى وحكمة لاستيفاء الدراسات والاستعانة بالمتخصصين ونسمع بعض جيدا،وهذه الأمور غير موجودة وما يحدث هو اتخاذ قرار سريع نتسرع فيه وهذا يحتاج الى إعادة النظر .
وقال د. سعودى اخلاء مدينة عملية صعبة جدا ،وموضوع التفريغ كيف يتم ؟وشخص مرتبط بمكانه ومكان عمله ومدارس أولاده اين يذهب ؟
وإيقاف البناء لفترة ليس مشكلة والاشتراطات البنائية الجديدة ستوقف اى مخالفات جديدة وإجراءات الدولة لوقف المخالفات جيدة جدا ،ولا ننسى ان هناك قانون صادر من مجلس النواب للتصالح في المخالفات ،والناس التي تصالحت اين تذهب ،نريد هدوء وعدم تسرع في القرار وشخصيات تحب البلد تجلس مع بعضها لبحث اى قرار ولابد ان توخذ القرارات بعد دراسات كاملة ووافية .
وإعادة اى مدينة لان تكون عالية القيمة ممكن ولكن بعد عمل دراسات علمية كافية عن أسلوب الإعادة ،والنقطة الأخطر وهى هامة جدا لابد ان تستوعب الناس ان هناك فروق كبيرة جدا بين المدن عالية الكثافة والمدن منخفضة الكثافة ،ليس ارتفاع الكثافة ضررا وليس انخفاض الكثافة ميزة ،المدينة عندما يكون هناك شح في الاراضى تكون كثافتها مرتفعة وهذا امر طبيعى ،اليابان على سبيل المثال ليس لديها ارض لكن وكثافتها السكانية عالية جدا ولكنهم وضعوا حلولا هندسية علمية للتعامل مع تلك المشكلة واستطاعوا و هناك حلول هندسية للكثافات العالية وحلول هندسية تقوم بحل الكثافات المنخفضة ليس بشكل عشوائى ولكن بالعلم ارجوكم وكثافة المدن في اليابان تزيد عن أربعة الاف نسمة في الفدان وقاموا بحل كل مشاكلهم ،نحن مازلنا نتحث عن 700 الى 800 نسمة في الفدان عندنا.
مطلوب دراسات كيف نطور المدينة ونحدثها بحكمة .