القوة الناعمة أحد عناصر القوة الشاملة للدول، ذراع طولية للهيمنة والحفاظ على أمنها القومي، وصفها الرئيس الأمريكي الأسبق «باراك أوباما» بأنها «السلطة الحقيقية»، القادرة على إقناع الآخرين بفعل ما تريد، دون الحاجة إلى استخدام القوة أو الإكراه.
الحقيقة أن مفهومها ليس بجديد فالمصطلح ذاته ابتكره أستاذ العلوم السياسية «جوزيف ناي»، وذلك فى تسعينيات القرن الماضي.
وتتفرد مصر بقوتها الناعمة، فهي التي صاغت عقل ووجدان العرب وامتد نفوذها إلى إفريقيا وآسيا؛ بفضل فنونها وثقافتها ومؤسساتها الدينية والتعليمية، فمصر هوليوود الشرق، وصاحبة التاريخ العريق فى صناعة السينما، ورائدة الدراما التليفزيونية، وعمود الخيمة فى الأدب والشعر، بكتابها وكتبها سيطرت على عقول المنطقة، وعبر شاشتها سادت لهجتها، موجاتها الإذاعية سحرت آذان العرب والعجم، أوبراها ومتاحفها قبلة المبدعين.
فمصر التي صدّرت روحها ولهجتها عبر وفود التعليم وشاشات السينما وأصوات مطربيها ونغمات موسيقييها، للأسف تتعرض لمخطط لتدمير ذوقها العام.
لا نبالغ عندما نقول إن هناك مافيا، تريد تغييب العقول عبر «حفنة مساطيل» أطلقوا على أنفسهم زورًا مغني مهرجانات، فصاروا مثل الملوك إذا دخلوا قرية أفسدوها.
لست من أنصار سن تشريع لحماية الذوق العام، فالحل يكمن فى إنتاج لقاحات ضد فيروس القبح، وهى مسئولية مؤسسات رسمية مهتمة بصياغة الوجدان.
تفعيل حصص الموسيقى والرسم مطلوب، استعادة دور ماسبيرو كرمانة الميزان فرض، إنتاج برامج للأطفال مهم، إعادة برامج سلوكيات وكلمتين وبس حتمي، إيقاظ قصور الثقافة من سباتها ضرورة، إحياء حفلات أضواء المدينة ودعم الأوبرا واجب الجميع.
إفساد ذوق المصريين إحدى جرائم الأمن القومي والمطلوب أن تسترد الدولة «ريموت» صياغة الوجدان من «تجار الكيف» لضبط الذوق العائم.