فعلًا.. ليس من رأى.. كمن سمع.
كنت قد تابعت زيارة الرئيس السيسي للجامعة اليابانية بمدينة برج العرب، حين قضى بها حوالى خمس ساعات، يتجول فى معاملها، ويلتقى أساتذتها، ويستمع لطلابها، فتولدت لدينا – أنا ومجموعة من الزملاء – رغبة شديدة فى زيارتها، وتمت الاستجابة بعد الاستعانة بصديق.. فماذا رأينا؟
أول ما يلفت نظرك هو تخصيص منطقة شاسعة لعدة جامعات متجاورة، منها مدينة البحوث العلمية والتكنولوجيا وجامعة سنجور، ثم الجامعة المصرية اليابانية للعلوم والتكنولوجيا والتى خصص لها 200 فدان أقيمت على جزء منها عدة مبان – بطراز يابانى – قليلة الارتفاع موزعة بشكل هندسى مريح، بينها فراغات مزروعة بالورد.
وقد أنشئت الجامعة عام 2010، وبدأت بمرحلة الدراسات العليا، حيث كانت تستقبل مبعوثى الجامعات المصرية للحصول على درجتى الماجستير والدكتوراه، وكأنهم مبعوثون إلى اليابان !
وهى جامعة حكومية ذات طبيعة خاصة، حيث قامت على شراكة بين مصر التى دخلت بالأرض ومصروفات التشغيل، واليابان بالمعدات ومستلزمات المعامل المختلفة بتكلفة 45 مليون دولار حتى الآن، ثم كانت البداية لمرحلة البكالوريوس منذ خمس سنوات، مع كليتى الهندسة وعلوم الحاسب وتكنولوجيا المعلومات، وكان عدد طلابها حوالى 350 طالبا فقط.
وللجامعة مجلس أمناء من عشرين شخصية عامة – مصريين ويابانيين - برئاسة د. فايزة أبو النجا مستشار رئيس الجمهورية، ويضم فى عضويته د. هانى هلال وزير التعليم العالى الأسبق ود.محمود صقر رئيس مركز البحوث الاجتماعية.
وتدار الجامعة بشكل مشترك، ويترأسها د. أحمد الجوهرى، والنائب الأول يابانى، ثم نائبين آخرين أحدهما د. سامح ندا.
وهذا العام أضافت الجامعة كليتين جديدتين هما الصيدلة والإدارة الدولية والإنسانيات، وهو ما رفع عدد طلابها إلى 1500 طالب، بالإضافة إلى 500 طالب بمرحلة الدراسات العليا حاليًا، بعد أن تقدم لها 3200 طالب، تم اختبار 2700 وتم قبول 1150 منهم فقط.
ولكن أهم ما يلفت النظر هو المناهج التعليمية وطريقة وطبيعة التعليم بها، حيث هناك شراكة مع 13 جامعة يابانية، حيث يشارك حوالى 100 أستاذ منها فى التدريس بالجامعة المصرية، والتى تعتمد على أسلوب التعليم التفاعلى القائم على التجربة البحثية، فالفصول الدراسية محدودة العدد، وهناك معايشة كاملة بين الطلاب وأعضاء هيئة التدريس والذى يبلغ عدد المتفرغين منهم 80 عضوا.
والطريف أن الجامعة تضم «مركز الآداب الحرة» لتنمية قدرات أعضاء هيئة التدريس والطلاب، حيث يتم دراسة مواد اختيارية فى مجالات العلوم الاجتماعية والمهارات الفنية وعلوم الأرض ودراسات السلام والبيئة والسياسات العامة.. إلخ، وهو ما يطلق عليه الصديق د. عصام حمزة عميد مركز الآداب والثقافة بالجامعة (التعليم النشط)، حيث يساعد عضو هيئة التدريس والطلاب على التواصل المجتمعى داخل الجامعة وخارجها.
وقد علمنا من د. سامح ندا أن الجامعة أنجزت حتى الآن أكثر من 75 براءة اختراع من خلال 360 رسالة ماجستير ودكتوراه حصل عليها المبعوثون المصريون.
وعندما سألنا عن المصروفات السنوية، كانت الإجابة 80 ألف جنيه، ولكن هناك 25% تخفيض لكل من ينجح فى امتحانات القبول، ثم منح كاملة لأوائل الثانوية العامة، و25% لخريجى مدارس المتفوقين، ولطالبين من أوائل كل محافظة، ثم أبناء الشهداء من القوات المسلحة والشرطة والكورونا، وهناك مساعدات يتكفل بها بعض مؤسسات المجتمع المدنى.
لقد انتهت الجولة والتى زرعت الأمل فى نفوسنا، ويبدو أن «اليابانيين قادمون» إلى مصر بقوة فى الفترة المقبلة، فها هى جامعة سوف تضم حوالى 8 كليات، وأكثر من 43 مدرسة للتعليم ما قبل الجامعى، بخلاف المشروعات المشتركة والتى تمولها الهيئة اليابانية للمساعدات الخارجية (الجيكا) والمنتشرة فى محافظات القناة وبعض مدن الصعيد.
نعم.. اليابانيون يأخذون وقتا طويلا للدراسة، ولكن عندما يبدأون التنفيذ فلا أحد يضاهيهم فى الجدية والنظام والجودة.. فأهلا بهم فى مصر.