دكتور حسين حمودة: الإرث الثقافي من الهوية الوطنية وأعمال «محفوظ» أدب حقيقي لن يهلك بحثًا

دكتور حسين حمودة: الإرث الثقافي من الهوية الوطنية وأعمال «محفوظ» أدب حقيقي لن يهلك بحثًانجيب محفوظ

ثقافة وفنون13-12-2021 | 22:30

وسط إختلاف الأراء حول قضية الإرث الثقافي التي طرحها تداول أسرة الأديب العالمي نجيب محفوظ لأعماله التي لا تقدر بثمن، بالإضافة لاشكاليات دراسة تجربته نقديا وتحليليا، كان لزامًا علينا البحث عن إجابات قامة نقدية اشتغلت بدراسة أدب "نجيب محفوظ" كالدكتور حسين حمودة أستاذ الأدب العربي بجامعة القاهرة والقائم بإعادة تنقيح أعمال نجيب محفوظ قبل إعادة نشرها حديثًا، إذ إجاب عنها فيما يلي..

ـ هل يصح تعبير البعض عن دراسة ومناقشة تجربة نجيب محفوظ بعبارة " هلك بحثًا"؟


ـ هذه العبارة، فيما أتصور، قد يصح استخدامها مع موضوع علمي محدود ومحدد، مثلا، ولكن لا يصح استخدامها في سياق الحديث عن المقاربات النقدية للأدب الحقيقي والإبداع الحقيقي بوجه عام.. وأعمال نجيب محفوظ تنتمي إلى الأدب الحقيقي، شأنها شأن نصوص دانتي وشيكسبير وسيرفانتس وديستويفسكي، والمتنبي، وغيرهم... نصوص هؤلاء تسمح بمقاربات نقدية وبقراءات لا حصر ولا نهاية لها، من زوايا مختلفة وعلى مستويات متعددة، وأيضا انطلاقا من مفاهيم وتصورات نقدية متجددة.. هي نصوص، بطبيعتها وبكيفية تكوينها، قائمة على طبقات متعددة جدا من المعنى، وعلى صياغات إبداعية غنية.. وبذلك لا يمكن أن تغلق الأبواب أمام التأملات النقدية الجديدة لها، ولا يمكن أن "تهلكها" هذه التأملات.. هي تسمح للقارئ الواحد، أو القارئة الواحدة، أن يعيدوا اكتشافها، مرة بعد مرة، خلال قراءتها في سياقات متباينة.. فما بالنا إذا تعدد هذا القارئ أو هذه القارئة؟..

ـ هل يجب أن يتواجد دور الدولة في حفظ الإرث الثقافي أو الفني؟

ـ في حالات معينة: نعم.. يجب أن يكون هناك دور للدولة في الحفاظ على الأرث الثقافي أو الفني.. لأن هذا الإرث أصبح يمثل جزءا من "الهوية الوطنية".. ينطبق هذا على الإبداعات المعمارية، و الفنون السينمائية والموسيقية، كما ينطبق على الأدب.. وضمن هذا الدور يجب، بجانب الحفاظ على هذا الإرث، العمل على إحيائه، وإقامة الأنشطة المتنوعة التي يمكن أن ترتبط به، وبثه على نطاق عالمي، إلى آخر أشكال العناية به.. أي يجب أن يكون هذا الإرث حاضرا وحيا ومؤثرا باستمرار..

ـ ما رأيك في فكرة البحث عن نجيب محفوظ جديد؟

ـ أتصور أن السؤال ينصرف إلى معنى البحث عن موهوب أو موهوبة بقيمة نجيب محفوظ.. وطبعا هذا المعنى مهم جدا.. نحن، في كل فترة وفي كل عصر، بحاجة إلى حضور مواهب كبيرة جديدة.. ولكن هذا لا يعني أن تكون هذه المواهب الجديدة مطابقة في تجربتها لتجارب سابقة.. ونحن لدينا عدد كبير من الكتاب المجيدين والكاتبات المجيدات ظهروا وظهرن خلال الفترة التي كتب فيها نجيب محفوظ ثم خلال الفترة التالية.. وطبعا لا يمكن أن نطابق بين تجربة أحدهم أو إحداهن وبين تجربة نجيب محفوظ، لأن كل تجربة إبداعية متميزة ومختلفة بالضرورة.. لكن السؤال يعني أيضا: كيف يمكن أن يحقق كاتب ما حققه محفوظ؟ أتصور أن هذا ممكن جدا، وتحقيقه يحتاج إلى تأمل بعض القيم التي شيّد محفوظ عالمه على أساسها.. ومنها قيمة رؤية مشروعه الأدبي متبلورا منذ زمن مبكر، والإخلاص المطلق لهذا المشروع الإبداعي عبر مسيرته كلها، والعمل الدائب والمنظم في تنمية هذا المشروع ومنحه الأولوية الكبرى في الحياة، ويتصل بهذا التساؤل الدائم والمستمر طوال الرحلة عما تم إنجازه وعما يمكن إنجازه فيما بعد، والاهتمام بقضايا حقيقية، محلية وإنسانية، وتجسيدها خلال منطق الإبداع الخالص.. إلى أخر هذه القيم التي يمكن أن تبلور تجربة كتابة عظيمة مثل كتابة محفوظ.. وبهذا المعنى نحن لن نكون أمام " نجيب محفوظ جديد" ولكن أمام مشروع إبداعي جديد مبني على القيم نفسها ولكن في سياق مغاير.. وهنا لا نقوم بنوع من "المطابقة" بين تجربتين إبداعيتين، ولكن نقوم بنوع من النظر إلى كل منهما في سياقها الذي يحيط بها والذي تنطلق منه..

أضف تعليق

إعلان آراك 2