هذا الكتاب «سيرة القتل المنسية» عبارة عن (عريضة اتهام) موثقة تاريخيا وجغرافيا لجرائم العثمانيين على مدى تاريخهم.
والكتاب يكشف ويوضح أنه لا فرق بين أتاتورك العلمانى، ولا محمد القاتل، ولا سليمان الغازى، ولا أردوغان الشعبوى، فكلهم من أصول رعوية - طبقا للكتاب - عبارة عن ذئاب تجوس البرارى بحثا عن صيد أو سطو!
فتلك الدولة قامت على ما يسمى بـ «فائض القوة»، فقد اتخذ مؤسس القبيلة «سليمان شاه» وزعيم قبائل العثمانيين الرعاة شعارا.. عبارة عن قطعة قماش مرسوم عليها رأس «ذئب أغبر»!، وتمكن من خلال محاربيه من هزيمة القبائل المنافسة بمنطقة الأناضول، وأسس أبناءه وأحفاده دولة.. على أنقاض الخلافة العباسية، ولكن لم يكن لديهم ما يقدمونه للعالم أو الشعوب التى يحتلون أراضيها، فلا علوم ولا آداب، ومن ثم لم تقم لهم حضارة مثل الرومان واليونانيين والفرس والعرب.
والمشكلة أن البعض قد خدع فيهم، وأنهم حموا الإسلام، فى حين يرى المؤرخ المعروف جمال حمدان أنهم كانوا وبالا على الخلافة العباسية وتحكموا فى الخلفاء وعزلوا بعضهم وقتلوا البعض الآخر، ثم كانت النهاية على أيديهم عندما اصطحب سليم الأول آخر خلفاء العباسيين – المتوكل – معه إلى الأستانة، وبعد أن هزم المماليك واستولى على مصر.
لقد كانوا مجرد خدم وجنود استجلبهم الخلفاء العباسيون لخدمة دولتهم، ولكنهم كانوا «التتار الجدد» الذين قضوا على الخلافة العباسية!
لقد غاب عن تصرفاتهم البُعد الحضارى والأخلاقى، وكانوا يؤمنون بأن «العقاب أحد شروط استقرار الملك»، ويكفى الإشارة إلى أنه من بين 17 صدرا أعظم «رئيس وزراء» – خلال مائة عام – لم يمت منهم ميتة طبيعية سوى اثنان فقط، والباقون قتلوا بالسم أو بالشنق أو بالسيف!، كما قتلوا عبد الرحمن الكواكبى وطاردوا جمال الأفغانى!
والأكثر غرابة.. هذا القانون الذى أصدره محمد الفاتح، حيث أباح للابن الأكبر.. قتل إخوته وأبنائهم – حتى لو كانوا رضع – بحجة استقرار الحكم، وهو ما حدث من سليم الأول الذى وضع السُم لأبيه وقتل إثنين من إخوته وأربعة من أبنائهم!
والطريف أنهم ادعوا «خلافة المسلمين» ولم يقم أى خليفة منهم بالحج إلى بيت الله الحرام.
لقد دارت عجلة الزمن عليهم وتلاعب بخلفائهم «الانكشارية» كما تلاعب أجدادهم بخلفاء بنى العباس.
ولكن مصر قامت وقالت.. وتمكن القائد المحارب إبراهيم باشا من هزيمتهم فى أكثر من معركة وأسر رئيس وزرائهم رشيد باشا فى معركة قونه، وكان على أبواب عاصمتهم الأستانة، لولا تردد والده محمد على وتراجعه، ثم اتفاقية 1840 التى حصرت أطراف الدولة المصرية من السودان جنوبا إلى الشام شمالا، ومن الحجاز شرقا إلى ليبيا غربا!
والمشكلة أن تركيا حاليا تعد دولة «تائهة» بين الشرق والغرب، فلا هى شرقية حيث التاريخ والحضارة، ولا هى غربية حيث الحداثة والتقدم.
ولذلك فالشرق والغرب ينظران لها كقاطع طريق، أو «شرطى الدرك» يمكن عقد اتفاق مرور أو تعاون معها، لكن لا يمكن السماح لها بأن تكون جزءًا من الحضارتين، ولذلك أيضا وجد الأتراك ضالتهم فيما يسمى بالإسلام السياسى، حيث سرقة مقدرات الشعوب وأحلام البسطاء من الناس، وإلا لماذا يتواجدون فى سوريا وليبيا وبعض الدول الإفريقية، فى حين لم يستطيعوا كسر «الشوكة الدائمة فى ظهرهم» وهم الأكراد فى كل من تركيا والعراق وسوريا!
الكتاب يرصد الكثير مما قاموا به وهو لا يتجاوز 140 صفحة من القطع المتوسطة، وقد بذل فيه الزميل محسن عبدالعزيز الكاتب الصحفى بالأهرام جهدًا كبيرًا فى توثيق كافة وقائعه.
لقد ذهبت لحفل توقيع الكتاب بإحدى مكتبات الهيئة العامة للكتاب ولم أجد المؤلف ولا المتحدثين، وكان لى حظ مقابلة بلدياتى ونجلة أستاذنا د. نسمة يوسف إدريس الأستاذ بالجامعة الأمريكية فى مصر، ومع ذلك أنصح بقراءة الكتاب.