أكدت الدكتورة ياسمين فؤاد وزيرة البيئة أن مصر تخطو خطوات جادة وفعالة لتحقيق مبادئ التنمية المستدامة والتصدي من خلاله للتلوث البيئي ولظاهرة التغيرات المناخية.
جاء ذلك خلال كلمة وزيرة البيئة في المؤتمر العلمي الدولي الثالث للتنمية المستدامة والتي ألقاها نيابة عنها الدكتور على أبو سنة الرئيس التنفيذي لجهاز شئون البيئة ، وذلك تحت رعاية الرئيس عبد الفتاح السيسي، وحضور الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، ومشاركة وزير الأوقاف الدكتور محمد مختار جمعة، وفضيلة الدكتور شوقي علام مفتي الجمهورية والدكتور على جمعة رئيس اللجنة الدينية والاوقاف بمجلس النواب والدكتور يوسف عامر رئيس اللجنة الدينية بمجلس الشيوخ.
وقالت فؤاد إن مصر ألزمت نفسها بتحقيق التنمية المستدامة من خلال الدستور المصري الذي تم إصداره واعتماده في يناير 2014 الذي يتوافق توافقا كبيرا مع فلسفة ومبادئ وأهداف التنمية المستدامة 2030 ويتطرق إلى المحاور الثلاثة للتنمية المستدامة بالإضافة إلى العديد من أهداف التنمية المستدامة السبعة عشرة في مواده المختلفة، وذلك في صورة أهداف وطنية، مع ربط جميع القطاعات والمستويات الحكومية ببعضها البعض.
وأكدت أهمية هذا المؤتمر الدولي العلمي للبيئة والتنمية المستدامة؛ الأمر الذي تحث عليه الرسالات السماوية إذ تؤكد على مسؤولية الإنسان نحو حماية موارد الأرض من الاستهلاك البشري المفرط؛ ضماناً لاستدامتها للأجيال القادمة وتحسين رفاهية سبل العيش والإعمار.
وأشارت إلى أن قضية التغيرات المناخية، باتت من أكثر القضايا التي تمس كافة الأنشطة البشرية مما جعلها أحد التحديات التي تواجه تحقيق التنمية المستدامة ليس فقط في الدول النامية بل والمتقدمة، لافتة إلى أن التقارير العلمية الدولية والوطنية الصادرة تؤكد أنه من المتوقع أن تصبح
ندرة المياه العذبة على المستوى العالمي من أهم التحديات التي ستواجه الدول النامية خلال العقود القادمة، بالإضافة إلى ما سينجم عن ذلك من نقص في الغذاء، ومن جانب آخر فان الفيضانات التي تنتج جراء الأمطار الغزيرة ستؤدي إلى هجرة ملايين المواطنين في العديد من دول العالم.
وتابعت فؤاد "لعل الأثر الأكبر لتغير المناخ على دول العالم يتمثل في تهديده للنظم البيئية والموارد الطبيعية نتيجة للتأثير على التنوع البيولوجي وفقدان الموائل الهامة وابيضاض الشعاب المرجانية والتصحر وتدهور نوعية التربة وهو ما ينعكس بصورة مباشرة على الأمن الغذائي نتيجة لتأثر الإنتاج الزراعي والسمكي وبالتبعية الإنتاج الحيواني، الأمر الذي يشكل تهديداً لاستثمارات اقتصادية حيوية في القطاعات الاقتصادية مثل الزراعة والسياحة والصناعة والإسكان والبنية التحتية ويمتد تأثيرها إلى المناطق الساحلية، فضلاً عن التداعيات الاجتماعية والصحية والأمنية ونشوء الأزمات السياسية".
وأوضحت فؤاد أنه على الرغم من أن إنبعاثات مصر من غازات الاحتباس الحراري لا تمثل سوى 0.6 % من إجمالي انبعاثات العالم إلا أن مصر تعتبر بحكم ظروفها الجغرافية والاقتصادية والسكانية من المناطق الأكثر تعرضاً للآثار السلبية للتغيرات المناخية حيث تشير تقارير الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ بالإضافة إلى العديد من الدراسات والبحوث إلى أن مصر من الدول الأكثر تضررا من ظاهرة ارتفاع سطح البحر طبقاً لبعض السيناريوهات.
وأكدت فؤاد أنه من واقع إدراك مصر لخطورة قضية التغيرات المناخية أتخذت السياسات والتدابير بدءاً من المشاركة في كافة المنتديات والاتفاقيات الدولية لإيجاد الشراكات الدولية والإقليمية وآليات التمويل والدعم الفني سواء في مجالات التخفيف أو التكيف مع ظاهرة التغيرات المناخية وذلك منذ عقد مؤتمر الأرض في ريو دي جانيرو عام 1992، وكانت من أولى دول العالم التي أولت اهتماما كبيراً للقضية بصفة عامة، خلال العقدين الماضيين، كما تم اتخاذ عدة خطوات من شأنها تعظيم الاستفادة من التعاون الدولي في هذا المجال، حيث صدقت مصر على اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية لتغير المناخ عام 1994، كما قامت بالتصديق على بروتوكول كيوتو في يناير 2005 وكذا تصديقها على اتفاق باريس 2015 بالإضافة إلى التصديق على تعديلات الدوحة.
وأشارت إلى أن مصر تمهد الطريق من خلال "استراتيجية التنمية المستدامة الوطنية: رؤية مصر 2030" لجعل التقدم والرفاهية أهدافا رئيسية، يتم تحقيقها من خلال التنمية المستدامة والعدالة الاجتماعية والنمو الجغرافي والاجتماعي المتوازن.
وقالت فؤاد إن هذه الاستراتيجية تهدف إلى إشراك جميع الشركاء بما في ذلك القطاع الخاص والمجتمع المدني في تحقيق تلك الأهداف، وتمكين البرلمان من متابعة تنفيذ أهداف وبرامج ومشروعات الاستراتيجية طبقا لجداول زمنية محددة ومجموعة واضحة من مؤشرات الأداء الرئيسية الذكية، أما على المستويين الإقليمي والدولي، تسعى الاستراتيجية لأن تتوافق أهدافها مع أهداف أجندة 2030 واستراتيجية التنمية المستدامة الخاصة بالاتحاد الأفريقي.
وأضافت أنه لابد من العمل من خلال المفاوضات الدولية على رصد التمويل اللازم لتنفيذ المشروعات الوطنية الرائدة وتكرار تطبيق التجارب الناجحة للحد من تأثيرات الملوثات البيئية وخفض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري خاصة بالمناطق السكنية، بالإضافة إلى ضرورة بناء القدرات لتحقيق الاستدامة المرجوة على المدى البعيد.
وأكدت أن مصر لعبت دورها ضمن الشراكات الإقليمية وبدعم وتوافق من شركائنا في الدول الأفريقية والعربية مما ساهم في تضمين رؤية منطقتنا ومصالحها في تلك الاتفاقيات وهو جهد سياسي مميز لضمان حقوق شعوبنا، كما تشارك بصفة دورية في اجتماعات اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية لتغير المناخ، وتقوم بتنفيذ الالتزامات الناشئة عنها حيث تم الانتهاء من إعداد تقرير الإبلاغ الوطني الأول والثاني والثالث وجاري إعداد التقرير الرابع والذي يشتمل على حصر لانبعاثات غازات الاحتباس الحراري من القطاعات المختلفة، بالإضافة إلى تجميع الأبحاث العلمية المنشورة عن تأثيرات التغيرات المناخية على القطاعات المختلفة ب مصر وكيفية مواجهتها وتقديم التقرير المحدث كل عامين إلى سكرتارية اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية للتغيرات المناخية.
وأشارت إلى التعاون مع الوزارات المعنية لدراسة مدى تأثير التغيرات المناخية على مختلف القطاعات وبخاصة قطاعات الموارد المائية والزراعة والمناطق الساحلية ، بالإضافة إلى القطاعات الأخرى مثل الطاقة والصناعة والإنتاج الحيواني حيث تم تنفيذ العديد من مشروعات ترشيد وتحسين كفاءة الطاقة والحد من الانبعاثات وتحديث تكنولوجيا الصناعة وتطوير نظم النقل وتشجيع النقل الجماعي وركوب الدراجات وجميعها مبادرات تتم تحت رعاية القيادة السياسية ورئيس الجمهورية إيماناً بأهمية القضية وأهمية تغيير سلوكياتنا جميعا لمواجهة التحديات البيئية التي نواجهها نتيجة تغافل قضايا البيئة لعقود ونحلم بعدم توريث تلك القضايا بأعبائها للأجيال القادمة.
ونوهت بسعي الوزارة من خلال العديد من الشركاء وآليات التمويل الدولية ومنها مرفق البيئة العالمية وكافة برامج الأمم المتحدة وأحدثهم صندوق المناخ الأخضر لتمويل المشروعات القومية لحماية الشواطئ المصرية والتي تم تمويلها بقيمة حوالي 31 مليون دولار أمريكي، كما تعاونت الوزارة مع هيئة الأرصاد الجوية وإدارة المساحة العسكرية ووزارة الموارد المائية والري في إنشاء تطبيق خريطة تفاعلية لمخاطر وتهديدات ظاهرة التغيرات المناخية على جمهورية مصر العربية.
وقالت إن وزارة البيئة بادرت بتنفيذ برامج لبناء القدرات ورفع الوعي بالظاهرة لكل فئات المجتمع ومنها المرأة والشباب وطلبة المدارس والجامعات من خلال التعاون مع كافة الجهات المعنية من الوزارات والمجالس القومية ومراكز البحوث ومنظمات المجتمع المدني والقطاع الخاص.
وأضافت أنه إيماناً من القيادة السياسية بأهمية قضية التغيرات المناخية تم إعادة تشكيل المجلس الوطني للتغيرات المناخية في 2019 من ممثلين على مستوى عالٍ من الوزارات المعنية؛ يضع نصب عينيه تقوية العمل الوطني - سواء العام أو الخاص - للتعامل مع قضية التغيرات المناخية وفق استيراتيجيات وطنية واقعية وخطط عمل قابلة للتنفيذ.
وأكدت فؤاد أن الحكومة المصرية تولي اهتماما كبيرا بالتحضير لاستضافة مؤتمر المناخ القادم COP27 في شرم الشيخ، حيث تم تشكيل لجنة عليا برئاسة رئيس مجلس الوزراء وبعضوية الوزارات المعنية سواء على المستوى التنظيمي واللوجيستي أو الفني لضمان طرح كافة الشواغل التي ستعود في النهاية على المواطن المصري والعالمي، وتحرص وزارتى البيئة والخارجية على الخروج بمؤتمر أفريقي ناجح وشامل بمشاركة كافة الأطراف.
وذكرت وزيرة البيئة أن البحث العلمي والتكنولوجيات صديقة البيئة والبدائل المحلية سواء للتخفيف أو التكيف مع الظاهرة هو حجر الزاوية لتجنب الآثار السلبية المحتملة لتغير المناخ والتكاتف والتكامل بين كافة الجهات الوطنية لاتخاذ الإجراءات العلمية والمدروسة لإدماج إجراءات التكيف في السياسات والخطط الوطنية وهو العبء الذي يقع على جامعاتنا ومعاهدنا ومراكزنا البحثية المصرية.
داعية جميع المشاركين للتعاون للقيام بهذا الدور الوطني وأن يربطوا بين مخرجات الأبحاث العلمية والتطبيقية التي تثمن دور خبرائنا وعلمائنا في كافة مجالات العلم وبين برامج وسياسات الدولة في كافة القطاعات ذات الصلة تحقيقاً لأمل شعبنا وأجيالنا القادمة في مستقبل أفضل وتحقيق تنمية مستدامة ورفاهية لهذا الشعب الكريم.