أهم ما يميز السياسة الخارجية المصرية، هو التقارب الكبير مع المحيط العربى والإفريقى والدولى على كافة المستويات، وهو عنصر مهم يستهدف تقليل التدخلات السلبية وتداعياتها على المنطقة العربية عامة ومصر بصفة خاصة، عبر آلية التشاور السياسى والتنسيق المتواصل فى المجالات الحيوية والاستراتيجية، وهذا الاتجاه أجده قمة العمل والإنجاز فى مرحلة كلها سيولة على مستوى السياسات الخارجية الدولية، وهى حالة أدت بكل تأكيد إلى خلط الأوراق وعدم حسم الكثير من المشاكل المزمنة، التى يعانى منها الإقليم العربى، والمتابع يرى ذكاء الاختيار وحكمة رؤية الرئيس عبد الفتاح السيسي من خلال فتح آفاق ومنافذ الحوار مع أجهزة الأمن والاستخبارات العربية والإفريقية والدولية، لتسهيل التعامل فى تداعيات القضايا والملفات الشائكة، ومؤخرا شارك فى أعمال الجلسة الافتتاحية للمؤتمر الـ17 لأجهزة الأمن والاستخبارات الإفريقية، حيث تولت مصر رئاستها لمواصلة إسهاماتها فى تحقيق التكامل الأمنى والتنسيق ورفع القدرات للمساعدة فى التغلب على المخاطر الأمنية، التى تحيط بالدول الإفريقية، وعلى رأسها الإرهاب العابر للحدود بمختلف أشكاله، والذى يعمل على تفتيت المجتمعات، وهدم مفاهيم الدولة الوطنية لصالح ترويج أفكار متطرفة تدعو لكراهية الآخر، وتعرقل كل ما من شأنه دفع الإنسانية إلى الأمام، وكذلك لتجفيف منابع الإرهاب ومحاصرة أنشطته وحماية شعوب القارة من أخطاره، فضلا عن متابعة ورصد باقى التحديات الأمنية التى تفرض نفسها على القارة، ومنها موضوعات الهجرة غير الشرعية والبطالة والأمن السيبرانى والجريمة المنظمة، وفى سياق متصل بالتنسيق والتشاور السياسى شاركت مصر ولأول مرة بالسعودية فى تدشين
آلية التشاور السياسى بين مصر ودول مجلس التعاون الخليجي، وهو العمل الذى سبق انعقاد القمة الخليجية الـ42، والتى انعقدت فى الرياض وكل هذا التحرك، وغيره يستهدف تحديد أولويات الملفات التى تعطل مسيرة العمل العربى المشترك، خاصة فى ظل عدم تحقيق الإنفراجات المطلوبة فى ملفات اليمن – سوريا – ليبيا – وفلسطين.
وترى الخارجية المصرية أن تدشين آلية التشاور السياسى المصرى الخليجى تأتى استمرارًا لمسيرة العلاقات المصرية الخليجية الراسخة، وما تتسم به من عمق ومتانة على مختلف المستويات، كما تعكس حرص الجانبين على دورية التنسيق والتشاور بينهما، لاسيما تجاه التحديات المُشتركة التى تواجه المنطقة العربية، وما يقتضيه ذلك من توحيد الصف، إضافة إلى ما يؤكده من أن أمن واستقرار الخليج جزء لا يتجزأ من الأمن القومى المصري.
وقد استعرض الوزير شكرى التطورات المتسارعة على الصعيديّن الإقليمى والدولي، وما أبرزته تلك التطورات من أهمية العمل العربى المُشترك، فضلًا عن ضرورة الحفاظ على دورية التنسيق والتشاور المؤسسى بين الدول العربية، وجدد التأكيد على ثوابت سياسة مصر الخارجية نحو تعزيز التضامن العربى والعمل العربى المشترك للحفاظ على الأمن القومى العربي، بما لدى الدول العربية من قدرات وإمكانات تؤهلها لحماية مقدراتها وشعوبها، مؤكدًا أن أمننا هو كل لا يتجزأ.
وأكد الوزير شكري، أيضا خلال هذا الاجتماع المهم رفض مصر كل محاولات التدخل فى الشئون الداخلية للدول العربية، أو تهديد استقرارها وتقويض مصالح شعوبها، ودعم مصر للدول الخليجية الشقيقة فى اتخاذ ما تراه ضروريًا لحفظ أمنها وضمان استقرارها، وضرورة تكثيف التنسيق والتشاور بينهما خلال المرحلة المقبلة إزاء التحديات غير المسبوقة التى تشهدها البيئة الإقليمية والدولية.
وفى المقابل لفتت دول مجلس التعاون الخليجى إلى دور مصر المحورى فى دعم ركائز الأمن والاستقرار فى المنطقة، وكذلك دعمهم لكل ما يحفظ الأمن القومى المصرى بما فى ذلك أمنها المائي وتستمر الدبلوماسية المصرية فى دورها المتميز للتنسيق والتفاعل القارى مع مجموعة دول المتوسط وآسيا وأمريكا فى سياق التأكيد على خفض المستوى السلبى فى التعامل مع القضايا الاستراتيجية.