وصف الدكتور وليد فياض وزير الطاقة والمياه اللبنانية، التجربة المصرية بـ«الإعجاز»، مؤكدا أنه لولا وقوف الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى جوار الشعب اللبناني، خلال الفترة السابقة، لأصبح الأمر أكثر سوءا في لبنان، الذي يئن تحت وطأة العديد من الأزمات الاقتصادية والاجتماعية الناجمة عن الأزمة السياسية.
وقال الوزير ، إن وزارته اتخذت خطوات جادة بشأن حل أزمات الطاقة في لبنان، إلا أنه أكد في الوقت نفسه أنه مازال في أول الطريق وأن الانتهاء من تلك المشكلات سيستغرق الكثير من العمل والوقت لتجاوزها، موضحا أن التكنولوجيا الرقمية ستلعب دورا كبيرا في تحسين الخدمات خلال الفترة المقبلة.
وعن الخلاف اللبناني الخليجي، والمباحثات مع مصر والأردن، وغيرها من القضايا تحدث الوزير فياض لـ«أكتوبر» فى تلك السطور القادمة .
بداية، كيف ترى التجربة المصرية؟
التجربة المصرية شبه إعجاز، شىء مذهل للعالم أجمع، خلال سبع سنوات فى ظل قيادة حكيمة من الرئيس عبد الفتاح السيسي، فهناك تركيز وعمل متوازى، بكافة الأصعدة الاجتماعية والاقتصادية، تحسن فى أوضاع المواطنين وترفع قدرات الاقتصاد القومي، وقد ذهلت بالإنجاز المصري فى الكهرباء على سبيل المثال، واتساع قاعدة الذين خرجوا من «التهميش».
وماذا عن أزمات لبنان ومنها المياه والكهرباء؟
أهمية علاج تلك الأزمات، ينبع من مدى تأثيرها على الحياة اليومية للمواطن اللبناني، والتي كانت فى الحقيقة الحافز الأساسي لى حتى اطلع بهذه المهمة الكبيرة، الأمل فى إمكانية تحقيق تحسن حتى ولو نسبي لوضع المواطنين فى لبنان، فنحن لا نتحدث اليوم عن إعطاء الكهرباء بأرخص قيمة وعلى مدار الساعة خلال بضعة أشهر بعض الأشهر، لأن هذا الأمر بكل تأكيد قد يستغرق وقتا طويلا، لكن كان الهدف، خاصة أن عمر و أمد هذه الحكومة قصير إلى الانتخابات النيابية، وذلك يترتب عليه تعديلات بعد ذلك من مجلس الوزراء، ولذلك أنا وجدت فُرْصَةٌ سَانِحَةٌ بين فترة شهر سبتمبر عندما تشكلت الحكومة، وفترة الانتخابات القادمة، أن نضع المؤسسات فى لبنان، والوضع الاقتصادي فى لبنان على الطريق الصحيح، من خلال تهيئة الوضع على الأرض للنهوض بالاقتصاد، بدءا من قطاع الطاقة والمياه.
ومن خلال تلك الرؤية، رأينا أننا نستورد المحروقات بالكامل من الخارج، فى ظل سياسة عشوائية للدعم، تقوم بإعطاء المحروقات للجميع سواء كانوا فقراء أو أغنياء، أو قطاعات منتجة، أو قطاعات مستهلكة، بشكل يثقل كاهل الدولة، لذلك كان رفع الدعم أولويةً لمواجهة هذه التحديات، مع الأمل أن تتزامن تلك الخطوة مع خطوات موازية تركز المساهمة والدعم على الفئات الأكثر احتياجا وبالنسبة لنقص المحروقات، المشغلة لمحطات الكهرباء، رأينا أن إمكانية تركيز الاستثمار المبني على أهداف يؤدي إلى تحقيق هذه الأهداف، ولو كان عبر الدين، على أن ينصب تركيز الاستثمار على مؤسسة كهرباء لبنان، فيكون لدينا كهرباء أنظف للبيئة، وأرخص فى التكاليف.
ونأمل أن تتراجع الخلافات السياسية، حتى يمكننا العمل فى مناخ يسمح بتجاوز تلك الأزمات..
رضا الشارع
هل تعتقد أن تلك الخطوات المتخذة فى تلك الأشهر القليلة تحقق رضا الشارع اللبناني؟
أنا مازلت فى بداية الطريق، وكلي أمل وتفاؤل فى المقبل، انطلاقا من إيماني بوطني وقدراته، فعندما أبلغت بنبأ تعييني رسمياً وزيرا للطاقة والمياه فى حكومة الرئيس نجيب ميقاتي، كنت أعمل حينذاك فى أبيدجان أكبر مدن جمهورية ساحل العاج فى غربي إِفريقية ومينائها الرئيسي وأهم مركز تجاري فيها، وكنت أتقاضى حينها «راتبا ضخما» مقابل خبرتي المهنية، وقد نصحني عدد من الأصدقاء المقربين لي بعدم قبول هذا المنصب لما يعتريه من مشاكل، وكونه لن يضيف لي جديدا، على العكس قد يكبدني خسائر باهظة، ويضعني فى معترك سياسي لم أخضه من قبل، لكن قراءاتي العلمية كانت تحثني على أن هناك ظرفا يجب أن نستثمره، وبالفعل قد عملنا جاهدين على إلغاء طوابير الذل، ووضعنا المحروقات على الطريق الصحيح، وبالنسبة لموضوع الكهرباء والمياه قد قطعنا شوطًا من التقدم، لكن مازال هناك الكثير من العمل.
ماذا عن ملف «المولّدات الخاصة»؟
أنا لا أحب أنّ أنظر إلى موضوع ملف المولّدات الخاصة كحقل عمل واسع المجال يشمل جميع اللبنانيين، هم لهم استعمالات فى المستقبل فى ظروف خاصة ، ليس مثل اليوم، فأنا أعمل على محو هذه الصورة القاتمة، لأنني على قناعة تامة أنّ المولّدات الخاصة ﻋﺎﺋﻘﺎ ﻫﺎﻣﺎ ﺃﻣﺎﻡ ﺍﻟﺘﻨﻤﻴﺔ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻳﺔ، وهي شبكة الكهرباء الموازية التي يشترك اللبنانيون بها فى ساعات انقطاع التغذية بالتيار من شركة كهرباء لبنان، يخضعون للضريبة على القيمة المضافة، وهدفى مع الوقت هو إزالة المولّدات الخاصة، لكن ذلك لن يتحقق بضغط على زر ، وقريباً جداً سوف نصل إلى عدد عشر ساعات من التيار الكهربائي.
مساعدة الأشقاء
ما رؤيتكم لحلول جذرية لأزمة الكهرباء فى لبنان بعيداً عن المسكّنات؟
أنا لا أقدم مسكّنات، محطات إنتاج الطاقة الكهربائية لدينا، هما محطتان، واحدة فى الشمال، والأخرى فى الجنوب، تصل قدرتهم لنحو 450 ميجاوات من الطاقة، ومحطتان آخران تصل قدرتهما لنحو 150 ميجاوات من الطاقة، و تأمين الغاز لهما هو جزء من خطة التنمية المستدامة لدينا، لذلك طلبت من الدكتور محمد شاكر، وزير الكهرباء والطاقة المتجددة فى مصر، ومن رئيس مجلس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولي، وتمنيت ذلك من فخامة الرئيس العزيز عبد الفتاح السيسي القائد الذي لولا وقوفه معنا اليوم كان الأمر قد ازداد سوءا، والذي أراه الواجهة والبوابة للعمل العربي المشترك، معاونتنا فى هذا الشأن، كما نعول كثيرا على مساعدة أشقاء آخرين مثل الأردن وسوريا ، وأملنا كبير أن نحصل من مصر الغالية على غاز أكثر ، لدينا محطات قديمة يجب إلغاؤها وبالتوازي هدفنا ندشن محطات جديدة، تجربة مصر ملهمة لنا بقيادة فخامة الرئيس السيسي ، وطبعا بقيادة صديقي العزيز الدكتور شاكر، هو القدوة لنا جمعيا فى قطاع الكهرباء ، إذا استطعنا أن نفعل مثل ما فعل الدكتور شاكر، لكن أقول إذا استطعنا أن نفعل عشرة بالمائة مما فعله الدكتور شاكر فى مصر كنا انتهينا من مشكلة الكهرباء فى لبنان.
أزمة الغاز والنفط
ما آخر تطورات المباحثات مع مصر والأردن والبنك الدولي لحل مشكلة الغاز والنفط التي يعاني منها لبنان؟
نمضي قدماً بوتيرة سريعة، فقد التقيت بالجانب المصري على هامش أعمال الدورة الـ13 للمجلس الوزاري العربي للمياه، بمقر الأمانة العامة لجامعة الدول العربية، الذي شرفت برئاسته فى دورته الجديدة، واجتمعت برئيس الشركة المصرية القابضة للغازات الطبيعية «إيجاس»، استكمالا لمباحثات متابعة الإجراءات التنفيذية والخطوات التي تم اتخاذها للوصول بالغاز الطبيعي المصري إلى لبنان فى إطار التزام الدولة المصرية وحرص الرئيس السيسي على مساندتنا اليوم لتخطي أزمة الطاقة الحالية من خلال توفير إمدادات الغاز الطبيعى التي نحتاجها، وأستطيع القول أن العمل جار على كافة الأصعدة لتسهيل تصدير الغاز من مصر إلينا عبر الأردن والتبادل فى سوريا، والاستعانة بالطاقة الكهربائية من الأردن مرورا بسوريا، ويبقى هناك موضوعان رئيسيان مهمان بالتوقيت الأول يتمثل فى الإعفاء من قانون قيصر، والثاني التمويل من البنك الدولي».
عقود التوريد
كيف أثرت الأزمة اللبنانية الخليجية على قطاع الطاقة؟
الأزمة اللبنانية الخليجية، أمر مؤسف للغاية، وأعتقد أن لها أبعادا سياسية، أكبر من الحوار، فالأشقاء العرب لم يتركونا فى أصعب الأيام، والتعاون العربي هو العنوان للنهوض.
ذكر رئيس الوزراء نجيب ميقاتي، من قبل أن الكهرباء ستعمل من 10 إلى 12 ساعة يوميا بحلول مطلع العام الجديد، لكن هذا لم يتحقق؟
ربما لم يتحقق كما كان مخطط له، لكن الوضع يتحسن مع مرور الوقت وبذل المزيد من الجهود.
هل انتهيتم من مراجعة عقود التوريد والصيانة التي تم توقيعها فى فترات سابقة لتتناسب مع الوضع الحالي للبلاد؟
نعم فعلنا وبدأنا أيضا مراجعة عقود توريد الغاز المصري إلى لبنان ليتناسب مع المستجدات، ووضع أسعار مناسبة لمصر ولنا، فقد وقع هذا العقد عام 2009 ويتم تحديثه الآن، على الرغم من كون مصر قدمت أفضل الأسعار الممكنة مما يوفر علينا الكثير، وقد أطلق أشقاؤنا فى مصر على الأسعار التي قدموها الأسعار الطلابية.
التطبيقات الرقمية
هل تتوقع أن يؤدي استقرار الوضع فى العراق إلى عدم تكرار حدوث أزمة الانقطاع الكلي للكهرباء فى بيروت ؟
نأمل فى ذلك، لأن تثبيت الكميات الواردة إلينا من العراق، يعزز استقرار الوضع لدينا ويحد من تفاقم أزمة الانقطاع .
لسيادتكم خلفية علمية فى مجال الهندسة الإلكترونية والتطبيقات الرقمية، هل نتوقع استفادة لبنان من تلك الخبرات؟
التكنولوجيا الرقمية جزء أصيل فى تطوير تقديم جميع الخدمات، وبالطبع سيظهر ذلك فى لبنان، من خلال العدادات الذكية فى الكهرباء، وأيضا المياه.