قال فضيلة الدكتور شوقي علام، مفتي الجمهورية، و رئيس الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم ـ إنه في إطار تحمُّل دار الإفتاء المصرية أمانة تجديد الخطاب الإفتائي وضبط بوصلته؛ قامت ومن خلال العديد من المشروعات والمبادرات المهمة التي نفذتها بمجهودات كثيرة على كافة المستويات والأصعدة الداعمة لبيان صحيح الدين، في مواجهة موجات التطرف والإرهاب ودعم التحول الرقمي ومواكبة التغيرات التي طرأت على عالمنا المعاصر، مما كان لها عظيم الأثر على المستويين المحلي والدولي.
وكشف مفتي الجمهورية؛ في مؤتمر صحفي اليوم بدار الإفتاء عن فحوى التقرير السنويَّ لمجهودات الدار وما قدمته خلال العام 2021.. قائلا إنه:" في ضوء الإيمان بأهمية التطوير بصفة عامة والتطوير الإداري بصفة خاصة، حرصت الدار خلال عام 2021 على الدخول إلى عصر الرقمنة، وتطوير كافة أدواتها لخدمة الفتوى والإفتاء..كما كانت الدار حاضرة بقوة في المحافل الدولية والعلمية والملتقيات الفكرية حول العالم مُبادِرة ومُتعاونِة ومُحاضِرة، فاستطاعت تقديم خطاب علمي رصين وأمين نسجته من خلال الفهم الصحيح والإدراك العميق لمعطيات الواقع المعيش فيه ومقاصد الفقه الصحيح وغاياته.
وكذلك حرصت دار الإفتاء خلال عام 2021 على أن تكون مصدرًا للإشعاع الإفتائي على مستوى العالم، فكانت لها نشاطات ملحوظة على المستوى الخارجي أيضًا، فضلًا عن جهودها في ملف تدريب الطلاب والأئمة من العاملين بالحقل الإفتائي وتأهيلهم لمواجهة الآراء المتطرفة والشاذة، حيث أَوْلَتِ اهتمامًا كبيرًا بالعلوم الحديثة للتدريب على الإفتاء وزادت من عدد ساعات التدريب، حيث يبدأ العمل في تدريب المفتين من الساعة 8 صباحًا وحتى 7 مساء.
كما حرصت الدار على تطوير العمل الإفتائي من خلال التوسع في إنشاء الكثير من الإدارات المختصة بشئون الفتوى، والاعتماد على وسائل التكنولوجيا الحديثة بهدف إثراء العمل الإفتائي ومواكبة التطورات الحادثة على مستوى العالم، بالإضافة إلى التوسع في فروع الدار بمختلف محافظات الجمهورية لخدمة الجمهور.
وأوضح أن عام 2021 شهد إصدار دار الإفتاء كمًّا هائلًا من الفتاوى، شملت كل ما يعنُّ للمسلم من أمور في مناحي حياته المختلفة، حيث أصدرت الدار ما يزيد على مليون وثلاثمائة وثمانية وستين ألف فتوى (1.368.000) ما بين شفوية وهاتفية ومكتوبة وإلكترونية، وعبر تطبيق الدار والبث المباشر وصفحات التواصل الاجتماعي في موضوعات متنوعة.
وقال إنه " في ضوء جهود دار الإفتاء المصرية لتطوير أدائها ونشر خدماتها في مختلف محافظات مصر، توجَّهت الدار لإنشاء فروع جديدة لها في محافظات مصر؛ تنفيذًا لخطتها الاستراتيجية الخمسية التي بدأتها، وتهدف في المقام الأول إلى تعزيز قنوات الاتصال مع الجمهور، والتيسير عليهم للحصول على الفتوى الصحيحة من أمناء الفتوى المتخصصين بدار الإفتاء، وغيرها من الخدمات الشرعية وقد تم التنسيق لفتح فروعٍ في خمس محافظات على مستوى الجمهورية ، وفي هذا الشأن تم توقيع بروتوكول تعاون مع الدكتور طارق رحمي محافظ الغربية، لتأسيس فرع لدار الإفتاء بمحافظة الغربية ".
وأضاف أن دار الإفتاء افتتحت كذلك فرعًا جديدًا لها بمحافظة بني سويف، في مقر كلية علوم الملاحة وتكنولوجيا الفضاء في جامعة بني سويف، حيث يبدأ العمل فيه يوميًّا من العاشرة صباحًا وحتى الثالثة عصرًا فيما عدا يومي الجمعة والسبت، كما وقَّع المفتي مع خالد شعيب محافظ مطروح، بروتوكول تعاون لإنشاء فرع جديد لدار الإفتاء مطروح، إلى جانب التنسيق لافتتاح فرعين آخرين بمحافظتي شمال سيناء وسوهاج.
وأشار إلى أنه تم توقيع مذكرات تعاون مع المركز القومي للبحوث الفلكية، وجامعة بني سويف، ومفتي كازاخستان، والمجمع الفقهي بالسودان، والوقف السني في العراق ويجري العمل على توقيع مذكرات تفاهم مع كلٍّ من جامعتي القاهرة وعين شمس.
ولفت إلى أن الدار قامت بعملية تطوير إداري؛ تماشيًا مع أهدافها الرامية إلى إحداث نقلة نوعية في منظومة العمل داخل الدار بالتوسع الأفقي الشامل في إداراتها واستكمال الإنجازات التي حققتها خلال الأعوام السابقة في رفع كفاءة منظومة الخدمات الإفتائية التي تقدمها، تم استحداث إدارات جديدة بناءً على المستجدات ووَفقًا لخطة تطوير أعمال الدار، وهي: الإدارة العامة للإرشاد الزوجي، والإدارة العامة لاستطلاع الأهلَّة والمواقيت، وإدارة المحاكم.
كما سعت الدار إلى زيادة حضورها عبر منصات "السوشيال ميديا"، بهدف الوصول لشريحة الشباب من كل الجنسيات؛ لكون السوشيال ميديا باتت من أهم مفردات التواصل المباشر مع الناس شرقًا وغربًا، فخصصت الدار عددًا من اللقاءات المرئية على السوشيال ميديا لزيادة الوعي الإفتائي، وتوضيح أهمية الفتوى باعتبارها ركيزة داعمة للاستقرار والأمن والحياة، إذا مورست بقواعدها الشرعية وضوابطها العلمية.
وأوضح أن الدارُ كانت أُولى المؤسسات التي فطنت لهذا الأمر فأنشأت العديد من الحسابات عبر كافة منصات وسائل الإعلام وشهدت الدارُ عبر منصات "السوشيال ميديا" تطورًا ملحوظًا، حيث تحظى باهتمام وإشراف المركز الإعلامي بدار الإفتاء المصرية.
وأكد أن الدار تهدف من خلال حضورها عبر منصات التواصل الاجتماعي إلى مواجهة المتطرفين والمتشددين من أعضاء التنظيمات الإرهابية، وعلى رأسها تنظيم (داعش) الإرهابي، الذي يعمل بكثافة ولديه القدرة على اختراق مواقع السوشيال ميديا؛ نظرًا لسرعته في محاولات التجنيد والاستقطاب لعدد من الفئات العمرية الموجودة بكثره عبر هذه الوسائل.
وأشار إلى صفحة دار الإفتاء المصرية "العربية" على موقع التواصل الاجتماعي /فيس بوك/، تعد النافذةَ الكبرى والأهم للدار وقد أُطلقت في عام 2010، وتحظى بمتابعة أكثر من 11 مليون متابع، وحاصلة على علامة التوثيق الزرقاء من فيس بوك هذا إلى جانب حسابات الدار بالإنجليزية والفرنسية، وكِلا الحسابين معنيٌّ بنشر محتويات الدار باللغتين الإنجليزية والفرنسية؛ بهدف الوصول لكافة المسلمين الناطقين باللغات الأجنبية إضافة إلى حسابات الدار على موقع "إنستجرام" والتي تعتني بنشر صور دينية ترفيهية، ووعظ، بالإضافة إلى بعض الصور الأخرى التي تحتوي على فتاوى دينية، إضافةً إلى قناة دار الإفتاء المصرية على "يوتيوب" وتحظى بمتابعة آلاف المشتركين وتضم عددًا كبيرًا جدًّا من فيديوهات الفتاوى لفضيلة المفتي وكافة علماء الدار، وعدد كبير من أمناء الفتوى فضلًا عن حضور الدار أيضًا عبر موقع التدوينات العالمي تويتر، وكذلك التليجرام وجوجل بلاس، وساوند كلاود.
كما أطلقت دارُ الإفتاء خلال العام 2021 حسابًا جديدًا على تطبيق "تيك توك" من أجل مزيد من الوعي، والتواصل الفعَّال، ونشر الفتاوى الصحيحة بالفيديو.. كما أن وحدة الانتاج الفني والبث المباشر لدار الإفتاء تقوم بإطلاق بث مباشر على صفحتها الرسمية يوميًّا، حيث يجيب فيه علماء دار الإفتاء عن تساؤلات المتابعين ، كما أنشأت الدار وحدة "حوار" لمواجهة الإلحاد ، وهي الوحدة المختصة بمواجهة الأفكار الإلحادية والرد على الشبهات المتعلقة بالعقيدة والإلحاد المعاصر، وقد أصدرت الوحدة خلال العام 2021 ما يزيد عن 19 ورقة بحثية، كما استقبلت حوالي 128 حالة حضرت للنقاش إلى دار الإفتاء المصرية وتم التحاور مع أصحابها والرد على تساؤلاتهم وشبهاتهم.
وأكد مفتي الجمهورية أن دار الإفتاء والأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم قامت بوضع وتنفيذ استراتيجية التواصل الديني مع الخارج، حيث وضعت دار الإفتاء المصرية خلال العام 2021 استراتيجية للتواصل الديني الفعال مع الخارج بهدف دعم جهود الدولة المصرية وقوتها الناعمة في المجال الديني، كما تهدف هذه الاستراتيجية كذلك إلى وضع الأهداف والسياسات والبرامج التي تكفل تحقيق أكبر معدل من الاستفادة من هذه القوة الناعمة، والارتقاء بمستوى معالجة قضايا الجاليات المسلمة، وبناء نموذج مصري للخطاب الديني يحقق رؤية الدولة المصرية في ريادة هذا المجال.
وأضاف مفتي الجمهورية : وفي سياق حرص دار الإفتاء وذراعها الدولية ممثلة في الأمانة العامة لدُور وهيئات الإفتاء في العالم، عُقد المؤتمر السنوي للأمانة العامة بحضور ممثلين من المفتين والعلماء والوزراء المعنيين بالإفتاء، حيث استضافت القاهرة المؤتمر العالمي السادس للإفتاء في الثاني والثالث من أغسطس 2021 تحت عنوان "مؤسسات الفتوى في العصر الرقمي تحديات التطوير وآليات التعاون" بمشاركة وفود من 85 دولة، يمثلون مفتين ووزراء وقيادات دينية، وممثلي الهيئات الإفتائية والمراكز الإسلامية على مستوى العالم، حيث استقبل الرئيس عبدالفتاح السيسي أبرزَ الوفود الخارجية المشاركة في مؤتمر الإفتاء العالمي.
وأوضح أن عام 2021 شهد تطوير منظومة التدريب داخل دار الإفتاء المصرية لتلبي الاحتياجات المتزايدة، حيث تعمل إدارة التدريب من الساعة الثامنة صباحًا وحتى السابعة مساءً يوميًّا، وخلال العام 2021 تم تنفيذ العديد من البرامج التدريبية يأتي في مقدمتها: دورة تدريبية لعشرين عالمًا ومفتيًا من روسيا الاتحادية، حيث شهد ختام فعاليات المؤتمر العالمي السادس للإفتاء، تخرج دفعة من أئمة روسيا الذين تدربوا على مهارات الإفتاء.
وقال إن البرنامج التدريبي لأئمة روسيا، سعى إلى تكوين شبكة من المعاونين المناصرين لنموذج الإفتاء المصري عبر الأمانة العامة لدُور وهيئات الإفتاء في العالم نظرًا لما يقوم به القائمون على الخطاب الإفتائي من دَور هام جدًّا في عملية الوعي، فضلًا عن أن البرامج التدريبية سياحة تعليمية في مصرنا العزيزة حيث يتعرف المشارك على مصر ويرتبط بها تعليميًّا ووجدانيًّا، وتعد انطلاقة لعلاقة ممتدة بين الأمانة والمشاركين.
كما هدفت إلى تنمية المهارات الإفتائية لدى المشاركين ليكونوا أكثر قدرة على خدمة بلادهم في هذا المجال، إلى جانب تزويد المتدربين بالمهارات اللازمة ليكونوا قادرين على ممارسة الفتوى مع الالتزام بالمنهج الوسطي، والاستفادة من خبرة دار الإفتاء المصرية في صناعة الإفتاء وإدارة شئونه.
كما تم تنفيذ طائفة من المبادرات، وهي: إعلان وثيقة التعاون والتكامل الإفتائي، وتسليم جائزة الإمام القرافي لعام 2021 لمفتي القدس خلال أعمال المؤتمر العالمي السادس للإفتاء.