أكد خبير الآثار الدكتور عبد الرحيم ريحان مدير عام البحوث والدراسات الأثرية والنشر العلمى بمناطق آثار جنوب سيناء بوزارة السياحة والآثار أن معظم كتب الفنون والعمارة البيزنطية فى العالم ترصد لوحة فسيفساء التجلى بدير سانت كاترين وتصف مواطن الإبداع والتفرد بها وهو ما لاحظه بنفسه فى كبرى المكتبات باليونان منها مكتبة جامعة أثينا والمكتبة البريطانية والفرنسية والأمريكية أثناء دراسته للعمارة والفنون البيزنطية بجامعة أثينا ويحرص طلاب العالم من دارسى الفنون البيزنطية على دراسة هذه اللوحة باعتبارها أجمل وأقدم فسيفساء فى العالم كأساس لدراسة الفنون البيزنطية عامة.
وأضاف الدكتور ريحان أن فسيفساء التجلى تغطى الجزء العلوى من نصف قبة الشرقية الخاصة بكنيسة التجلى الكنيسة الرئيسية بدير سانت كاترين وتمتد إلى الجزء العلوى من الجدار الشرقى وتعود إلى القرن السادس الميلادى وقد صنعت من قطع صغيرة من الزجاج متعددة الألوان يسودها اللونان الأحمر والأزرق على خلفية من الذهب المعتم وهى من عمل فنان من مركز حضارى ربما يكون القسطنطينية أو فى ورشة فى غزة أو جلبت من غزة أو القسطنطينية.
ويتابع الدكتور ريحان بأن الفسيفساء تصور تجلى السيد المسيح المخصصة له كنيسة التجلى حيث نجد السيد المسيح واقفًا فى وسط هالة بيضاوية الشكل عن يمينه النبى إيليا وعن يساره النبى موسى وكلاهما يرفع يده اليمنى إيماءً لمخاطبة السيد المسيح، وقد صوّر الفنان تلاميذ السيد المسيح القديسان يوحنا ويعقوب راكعان على الجانبين بينما القديس بطرس مستلق عند قدمى المسيح، والزخارف التى تزين الإطار الخارجى عبارة عن إطار بداخله دوائر متماسة تتضمن بورتريهات (صور شخصية) لتلاميذ السيد المسيح الإثنى عشر الحواريين وستة عشر شخصية من الأنبياء والكاهن (لونجينوس) التى تذكر الكتابة التذكارية أسفل باطن عقد الحنية أنه رئيس الدير الذى تم تنفيذ زخرفة الفسيفساء فى عصره وأيضًا بورتريه الشمّاس يوحنا.
وينوه الدكتور ريحان إلى أن كوشة عقد الحنية تشمل ملكان يشغلان كل مساحتها يطيران بجناحى طاووس فى اتجاه مركز العقد وأسفل كوشة العقد دائرتين، اليمنى بها بورتريه يوحنا المعمدان واليسرى بورتريه السيدة العذراء وتعكس هذه الفسيفساء أسلوب القسطنطينية فى القرن السادس الميلادى متمثلة فى الخطوط المتعرجة الصارمة، ملامح الوجوه، الخلفية المتألقة، الغموض ويشبه هذا الموزايك موزايك كنيسة رافنا بإيطاليا وبازيليكا فى سالونيكى بشمال اليونان من حيث أن الموضوع الرئيسى حوله ثلاثون جامة بها الحواريون والملائكة والأنبياء ومطران الدير ولكن فسيفساء سيناء تفرد فنى وقيمة استثنائية فى القيمة والتاريخ والموضوع واللمسات الفنية.
ولفت الدكتور ريحان إلى أهمية هيكل كنيسة التجلى وهو محرم دخوله على أى شخص سوى كهنة الدير ويضم منضدة المذبح التى تقع أمام شرقية الكنيسة وهى من الرخام المطعم باللؤلؤ محمولة على ستة أعمدة صنعها فنان من أثينا فى القرن السابع عشر الميلادى وتم تغطيتها بمظلة خشبية مطعمة بالصدف من القرن السابع عشر الميلادى، ويحوى الهيكل تابوتان من الفضة رسم على غطاء كلًا منهما صورة القديسة كاترين مصنوعة من الذهب الخالص المرصع بالأحجار الكريمة، التابوت الأول إهداء من قيصر روسيا بطرس الأكبر عام 1688م والثانى إهداء من إسكندر الثانى 1860م واستخدما التابوتان فى حفظ الهدايا الثمينة، وهناك تابوت آخر تحت قبة المظلة التى تقع على يمين المذبح يحوى التابوت صندوقين من الفضة أحدهما يضم جمجمة القديسة كاترين يحوطها تاج ذهبى مرصع بالجواهر والآخر يضم يدها اليسرى وتزينها الخواتم الذهبية المرصعة بالأحجار الكريمة.
ويوضح الدكتور ريحان أن الدخول إلى الهيكل عن طريق باب خشبى مطعم بالأحجار الكريمة وعليه أيقونة للقديسة كاترين بالذهب وهو إهداء من عائلة ملكية روسية، وتتصدر الشرقية جداره الشرقى وهى حنية أعمق من النصف دائرية العادية، وغلفت من الخارج بغلاف مربع قوى وسبب ذلك هو إنشاء الكنيستين بالركنين على يمين ويسار الشرقية حين تمت أول توسعة للكنيسة وغطيت الشرقية من الخارج بألواح رصاص فى القرن الثامن عشر الميلادى وهى الموجودة حتى الآن وتضم شرقية الكنيسة الثرونوس أو منصة الخطابة وبوسطه كرسى المطران الرخامى الأصلى المنقول من صالة الكنيسة ولقد تغير فى القرن الثامن عشر الميلادى مستعملين سطح رخامى محفور على قاعدة تستند على عمود ويغطى الشرقية نصف قبة.