قدم نائبين مدعى عليهما كانا يشغلان منصبين وزاريين، دعوى مقدمة ضد المحقق العدلي طارق البيطار، وأدت هذه الدعوة إلى تعليق التحقيق بانفجار مرفأ بيروت.
كان البيطار يعمل على الملف منذ تسلمه، حيث كانت هناك فوضى قضائية بعد محاصرة 18 دعوى، في التحقيق بالانفجار في متاهات السياسة.
ويُندّد ذوو الضحايا ومنظمات حقوقية بمحاولات عرقلة الوصول إلى العدالة في انفجار يُعد أحد أكبر الانفجارات غير النووية في العالم وتسبب بمقتل 215 شخصاً على الأقل وإصابة 6500 آخرين، فيما يبدو مصير التحقيق ضبابياً ويخشى خبراء قانونيون أن يكون الهدف من عرقلة عمل البيطار دفعه إلى التنحي.
وانتقضت قوى سياسية عدة مسار التحقيق الذي يقوده البيطار، وتوالت الدعاوى القضائية ضده مطالبة بكفّ يده عن القضية، تقدم بغالبيتها وزراء سابقون مُدعى عليهم امتنعوا عن المثول أمامه في جلسات استجواب حددها لهم، وهم وزيرا الأشغال السابقان يوسف فنيانوس ،وغازي زعيتر، ووزير المالية السابق علي حسن خليل، ووزير الداخلية السابق نهاد المشنوق، وأصدر البيطار مذكرتي توقيف بحق فنيانوس وخليل.
وشاركت جهات عدّة في عرقلة التحقيق، فامتنع البرلمان عن رفع الحصانة عن 3 نواب من الوزراء السابقين، وامتنع مسؤولون عن منح بيطار الإذن لاستجواب مسؤولين أمنيين تحت سلطتهم، وامتنعت قوى الأمن عن تنفيذ مذكرة التوقيف بحق خليل.
انتقلت القضية في أكتوبر من دوائر قصر العدل إلى الشارع، حيث تظاهر مناصرون لحزب الله وحليفته حركة أمل التي ينتمي إليها وزيران مدعى عليهما ويُشكلان رأس الحربة في الحملة على البيطار، تخللتها أعمال شغب وعنف ثم إطلاق نار أوقع سبعة قتلى.
وطالب جوتيريش بتحقيق العدالة لضحايا مرفأ بيروت، وعزت السلطات الانفجار الذي وقع في الرابع من أغسطس 2020، إلى تخزين كميات كبيرة من نيترات الأمونيوم من دون إجراءات وقاية.
كما تبيّن لاحقاً أن مسؤولين على مستويات عدة سياسية وأمنية وقضائية كانوا على دراية بمخاطر تخزين هذه المادة ولم يحركوا ساكناً.
ولم تجتمع الحكومة اللبنانية التي تشكلت في سبتمبر منذ منتصف أكتوبر، جراء رفض وزراء حزب الله وحركة أمل عقد أي جلسة ما لم تكن مخصصة للبتّ بمصير بيطار، في بلد ينص دستوره على الفصل بين السلطات.
كما طالب قاضي "مرفأ بيروت" بالقبض على وزير سابق موال لـ"حزب الله"، ودخل التحقيق بذلك في متاهات قضائية، تعكس ضعف الجسم القضائي في لبنان ومدى قدرة السياسة على التدخل في عمله، ما لم يخدم توجهاتها.
ويرى خبراء قانونيون أن إغراق محاكم الاستئناف والتمييز في بيروت بالدعاوى ضد البيطار تهدف بالدرجة الأولى إلى دفعه للتنحي، خصوصاً أن أحداً من السياسيين المدعى عليهم أو الأمنيين الذين يريد ملاحقتهم لم يمثل أمامه.
ويقول قاض سابق تحفظ عن ذكر اسمه لوكالة فرانس برس "الجسم القضائي في لبنان مريض"، منتقداً بشدة "أداء بعض القضاة الذي ليس إلا صدى لأحزاب السلطة والقوى التي عينتهم في مناصبهم".
ووجهت رسالة في 15 سبتمبر دعت 145جهة، من منظمات حقوقية لبنانية ودولية وناجين وعائلات الضحايا، مجلس حقوق الإنسان في الأمم المتحدة إلى إنشاء بعثة تحقيق دولية مستقلة ومحايدة